أصل القضية .. الجسر و المورد: كيف يحول السودان الأزمات إلى محركات للنهضة و الاستقرار .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

منذ عقود، والسودان يواجه تحديات سياسية و اقتصادية تفوق الوصف. تراكمت الصراعات و تفاقمت الأزمات، و أثّرت على حياة الناس و استقرارهم. في هذا السياق، قد يتبادر إلى الأذهان السؤال التقليدي: كيف يخرج السودان من دوامة الأزمات؟ لكن من منظور جديد، يمكننا قلب هذا السؤال ليصبح: كيف يمكن للسودان أن يستغل أزماته كفرصة للنهضة؟
من الأزمة إلى النهضة: إستراتيجيات غير تقليدية:
في عالمنا اليوم، أصبحنا نفهم أن الأزمات لا تقتصر على كونها مواقف يجب تجاوزها فقط، بل يمكن أن تكون نقطة انطلاق. استراتيجية “الجسر و المورد” تقدم لنا تصورًا جديدًا ومثيرًا لكيفية تحويل موارد السودان، حتى تلك المرتبطة بالصراعات، إلى أدوات بناء ناجحة.
لكن ما هي استراتيجية الجسر و المورد؟ إنها إطار عملي يركز على الربط بين الموارد المحلية و الدولية بطريقة تحوّل الأزمات إلى محركات للنمو و التطوير. إنها ليست مجرد فكرة نظرية، بل خطة ملموسة تتيح لنا الاستفادة من تاريخنا الصعب لتشكيل مستقبل أكثر إشراقًا.
الخروج عن المتوقع: السودان كمركز إقليمي للنمو:
إذا قلت لأحد قبل سنوات إن السودان يمكن أن يصبح مركزًا إقليميًا اقتصاديًا، قد يبدو ذلك غير واقعي. لكن اليوم، في ظل تصاعد الاهتمام الدولي بموارد السودان الطبيعية، من الزراعة إلى المعادن والمياه، بات واضحًا أن السودان يجذب أنظار العالم ليس فقط بسبب أزماته، بل بفضل قدراته الكامنة.
إستراتيجية الجسر و المورد تلعب دورًا رئيسيًا هنا. السودان ليس فقط بلد لديه موارد، بل هو نقطة عبور تربط بين شمال إفريقيا و شرقها، مما يفتح له آفاقًا جديدة كمحور للتجارة الإقليمية و التعاون الدولي. هذا هو “الجسر” الذي يربط بين إمكانات السودان و احتياجات العالم.
من القصص الواقعية إلى أمثلة النجاح:
تخيل معي قصة بسيطة: قرية صغيرة في السودان تعاني من آثار النزاع المسلح لفترة طويلة. السكان في هذه القرية عاشوا مع الخوف و نقص الموارد لكن عندما بدأت استراتيجية الجسر و المورد في تفعيل المشاريع الزراعية المرتبطة بتلك المنطقة، تحوّلت الأراضي المهملة إلى حقول إنتاجية، و بدأت القرية تصدر منتجاتها إلى الخارج مما جعلها مركزًا اقتصاديًا محليًا.
هذه القصة ليست خيالية، السودان يمتلك موارد طبيعية و ثقافية ضخمة، و إذا تم استغلالها من خلال الجسر و المورد سنشهد تحولات إيجابية ملموسة في المناطق التي كانت سابقًا مغلقة أمام التنمية.
القيم السودانية في قلب الاستراتيجية:
ليس كل شيء أرقامًا و اقتصادًا، بل هناك قيم إنسانية ترتكز عليها استراتيجية الجسر و المورد. القيم السودانية مثل التضامن و الكرم و الشعور المجتمعي هي التي ستضمن نجاح هذه الاستراتيجية. السودان ليس فقط بلد يعاني بل هو مجتمع يملك تاريخًا من الصمود و القوة.
إن الجسر و المورد ليسا مجرد مفاهيم اقتصادية، بل هما قيم ترتبط بالسودانيين بشكل عاطفي عميق. هذه القيم تمنح الشعب السوداني قدرة فريدة على تجاوز التحديات و احتضان الفرص.
سيناريو التحدي: الفرص المهدرة:
لنتحدث بواقعية، السودان مر بفترات كثيرة كان يمكن فيها تحويل الأزمة إلى فرصة. المياه الغنية، الأراضي الخصبة، الثروات المعدنية، كلها موارد هائلة كانت مهدرة. اليوم، التحدي الأكبر هو إعادة توجيه هذه الموارد إلى مسارات جديدة تحقق النمو الشامل.
إستراتيجية الجسر و المورد تقدم حلولًا عملية لإدارة هذه الموارد بطرق فعالة، بعيدًا عن الهيمنة الخارجية، مما يضمن للسودان استقلالية القرار و قوة التفاوض.
سيناريو بناء التواصل: السودان بوابة إفريقيا والعالم:
عندما نتحدث عن الجسر، فنحن لا نتحدث فقط عن موارد مادية، بل عن تواصل استراتيجي. السودان، بموقعه الجغرافي والثقافي، يشكل نقطة تلاقٍ بين العالم العربي و أفريقيا. من خلال استراتيجية الجسر و المورد، يمكن للسودان أن يصبح بوابة للسلام والاستقرار، لا فقط لنفسه، بل للمنطقة ككُل.
بناء الجسور مع الدول المجاورة و القوى العالمية الكبرى، من خلال استخدام الموارد بذكاء و استثمارها في مشاريع تنموية سيسهم في تعزيز التواصل الدولي و يعيد للسودان مكانته كعنصر فاعل في المنطقة.
أصل القضية: تحويل الأزمة إلى إنجاز:
إن السودان اليوم يقف أمام فرصة تاريخية. الأزمات التي عاشها ليست نهاية القصة، بل هي بداية جديدة. استراتيجية الجسر والمورد تقدم إطارًا عمليًا وملموسًا لتحويل هذه الأزمات إلى نجاحات ملموسة، تجمع بين الموارد المحلية و التواصل الدولي، و تعيد تشكيل مستقبل السودان بطرق لم تكن متوقعة من قبل، هذه الإستراتيجية ليست فقط خطة اقتصادية أو سياسية، بل هي رؤية مستقبلية تحترم الماضي، و تستغل الحاضر، لصياغة مستقبل أكثر استقرارًا و رخاءً للسودانيين جميعًا.