أصل القضية: الجيش السوداني: ما بين الإنقاذ والمعونة، تبقى الإشارة لإستراتيجية الجسر و المورد .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

لطالما كانت المؤسسات العسكرية في السودان محط أنظار الداخل و الخارج على حد سواء، ليس فقط لقوتها العسكرية و لكن للدور الذي لعبته في تشكيل ملامح التاريخ السوداني الحديث. تاريخ طويل من الانقلابات العسكرية، ثم الحروب، و التدخلات السياسية جعل من الجيش السوداني أحد أبرز اللاعبين في المشهد الوطني. ولكن ما بين “الإنقاذ” و”المعونة”، هل يبقى هناك مكان للجيش في إعادة بناء السودان؟
في السنوات التي تلت حكم الإنقاذ، واجه الجيش السوداني تحديات ضخمة على مختلف الأصعدة. من ناحية، كانت العزلة السياسية و الاقتصادية التي فرضتها العقوبات الدولية أحد العوامل التي ضغطت على المؤسسة العسكرية، و من ناحية أخرى، حملت المعونة الدولية فرضيات جديدة حول دور الجيش في حماية الأمن الوطني و تحقيق الاستقرار. إلا أن السؤال المهم هنا: هل يمكن للجيش أن يتحول من مجرد أداة لحماية السلطة إلى ركيزة أساسية لاستراتيجية إعادة البناء الوطني؟
هنا تبرز “استراتيجية الجسر و المورد” كحل مبتكر قد يقدم نموذجًا جديدًا للجيش السوداني. فهي ليست مجرد فكرة نظرية، بل هي خطة عملية تستثمر في تحريك الموارد المحلية و الدولية بطريقة إستراتيجية لدعم عملية التحول السياسي والاقتصادي في السودان. الجسر هنا لا يعني فقط الممرات اللوجستية، بل يشير إلى بناء روابط قوية بين مختلف الفاعلين المحليين والدوليين. أما المورد فيتمثل في استغلال الإمكانيات الوطنية البشرية و المالية لإنشاء بنية تحتية مستدامة.
مع تطبيق هذه الإستراتيجية، يمكن للجيش السوداني أن يتحول إلى لاعب رئيسي في صياغة المستقبل السوداني؛ من حماية الوطن إلى تعزيز الاستقرار عبر التنمية المستدامة و ترسيخ الديمقراطية. الجسر هنا سيكون وسيلة لربط السودان بالعالم الخارجي بشكل فعال، و المورد سيكون الموارد الطبيعية و البشرية التي يمكن أن تسهم في استعادة السيادة الوطنية.
لكن تبقى الفكرة الأهم: إذا كان الجيش السوداني قد لعب دورًا في “الإنقاذ”، فيمكنه أن يلعب الآن دورًا في “إعادة البناء”، و بذلك يمكن للجيش أن يظل على قيد الحياة لا فقط كقوة عسكرية، و لكن كعجلة محورية في بناء السودان الجديد حيث الموارد و التعاون الدولي يسيران جنبًا إلى جنب.
في هذا السياق، يجب أن نفكر في الجيش السوداني ليس فقط كحامٍ للحدود، بل كمُساهم فاعل في تحقيق السلام المستدام و الازدهار. و ها هنا تظهر أهمية “إستراتيجية الجسر و المورد”، التي تمثل فرصة لإعادة بناء العلاقة بين الجيش والشعب و بين السودان والمجتمع الدولي.
قد يكون الطريق طويلًا، لكن ثبات الإرادة الوطنية و الشجاعة في اتخاذ الخطوات اللازمة ستجعله أكثر قربًا. نحتاج إلى إيمان راسخ أن الجيش السوداني ليس مجرد قوة تقليدية، بل جزءًا لا يتجزأ من استراتيجية شاملة لإعادة بناء الدولة السودانية الحديثة.
أصل القضية، تبقى الإشارة لاستراتيجية الجسر و المورد بمثابة أمل جديد، خطوة نحو المستقبل حيث يكون الجيش السوداني جزءًا من الحل لا جزءًا من المشكلة.