مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية … السودان بين المطرقة الإعلامية وسندان الأزمات المصطنعة .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

في مسرح السياسة الدولية، يقف السودان مسرحاً لصراعات لا تنتهي، وأحداث تبدو في ظاهرها طبيعية، لكنها تُدار خلف الكواليس بعناية فائقة. كيف تحوّل السودان، البلد الغني بالموارد والتاريخ العريق، إلى ساحة مشتعلة تصنع الأزمات وتُصدّر الانتهاكات؟ وما هو دور الإعلام في هذه المعادلة المعقدة؟ المقال الذي بين يديك يحاول كشف المستور، وتحليل الدور الذي يلعبه الإعلام الدولي في توجيه الأحداث على الأرض.
نعيش في زمن تُصنع فيه الحقائق بمهارة فائقة، حيث يتحول الإعلام من وسيلة لنقل الحقيقة إلى أداة لإعادة تشكيل الواقع وفقًا للمصالح والأجندات. وهنا يتجلى دور السودان، البلد الذي أضحى بين المطرقة الإعلامية وسندان الأزمات المصطنعة، لا لشيء سوى أنه يملك من الموارد والموقع ما يجعله مطمعًا للقوى الدولية. دعونا نغوص في هذه العلاقة المعقدة بين الإعلام وصناعة الأزمات، ونكتشف كيف يستمر السودان في هذا المشهد المشوه.

الإعلام وصناعة الواقع: كيف تُدار الأزمات؟
هل تساءلت يومًا لماذا نرى أخبارًا عن السودان تركز على المجاعة والانتهاكات، بينما تغيب الحقيقة الأعمق حول التدخلات الخارجية التي تؤجج هذه الأزمات؟ إنه التضليل الإعلامي، تلك الأداة الناعمة التي تُستخدم بمهارة لصناعة واقع بديل. الإعلام هنا ليس مجرد ناقل للأخبار، بل هو شريك في لعبة كبرى تُصنع فيها الأحداث وتُعاد صياغتها بما يخدم مصالح معينة.
السودان، الذي يُتهم تارة بانتهاك حقوق الإنسان وتارة أخرى بتفشي المجاعة والوبائيات ، يجد نفسه في مرمى هذه الحملات الإعلامية التي تختار بعناية ما تُظهره وما تُخفيه. الإعلام هنا لا يبحث عن الحقيقة، بل يسعى لتوجيه الأنظار نحو سردية معينة، تضع السودان في موقع المجرم، بينما تغض الطرف عن الأيادي الخفية التي تُشعل النار من وراء الكواليس.

سندان الأزمات المصطنعة: من يملك مفتاح اللعبة؟
لم تأتِ الأزمات التي يعيشها السودان من فراغ. بل هي نتاج عمليات معقدة تُدار بعناية لخلق حالة من الفوضى المستمرة. السودان بلد غني بالموارد الطبيعية، من النفط إلى المعادن، ومن الأراضي الزراعية الخصبة إلى المياه. هذه الثروات تجعله هدفًا لقوى دولية لا تريد له أن يستفيد منها. لذا، تُخلق الأزمات تباعًا، بحيث تظل البلاد في حالة عجز دائم، غير قادرة على النهوض والاستفادة من مواردها.
كلما حاول السودان الخروج من دائرة الأزمات، يجد نفسه محاصرًا بأزمة جديدة، تُغذيها أطراف خارجية تسعى لتكريس الفوضى. هذه الأزمات ليست نتيجة لصراعات داخلية فحسب، بل هي أدوات تستخدمها القوى الخارجية للسيطرة على مسار الأحداث. ما يحدث في السودان ليس مجرد أزمة، بل هو جزء من لعبة أكبر، حيث يتم التحكم بخيوط اللعبة عن بعد، وتوجيه الأزمات بما يخدم المصالح الدولية.

بين المطرقة الإعلامية وسندان الخصخصة: السودان الضحية:
في هذه اللعبة الكبرى، يصبح السودان الضحية المثالية. الإعلام يصور السودان وكأنه بلد يعيش على حافة الانهيار الدائم، بينما يتم خصخصة الحروب على أرضه وتحويلها إلى صناعة مربحة. كيف يمكن لبلد أن ينهض وهو محاصر بين إعلام يشوه الحقائق، وأزمات مصطنعة تُدار بعناية؟
الحقيقة أن السودان يدفع ثمن موقعه الاستراتيجي وثرواته الطبيعية. القوى التي تستفيد من تأجيج الصراعات في السودان تعرف جيدًا أن استقراره يعني استعادة سيادته واستغلال موارده بما يعود بالنفع على شعبه. ولأن ذلك لا يخدم مصالحهم، يتم خلق الأزمات وإدارتها عبر الإعلام والمجتمع الدولي بطريقة تُبقي البلاد في حالة ضعف دائم.

الرسالة الوطنية: السودان وطن يستحق الأفضل:
وسط هذا الضجيج الإعلامي، يبقى السودان بلدًا ذا إرث عظيم وإرادة قوية. الشعب السوداني لا يزال يتمسك بقيمه الوطنية وإرثه الحضاري، ويقف في وجه هذه المحاولات لتدمير بلده. السودان يستحق أفضل مما يُمارس ضده من حملات تشويه وتضليل، وأزمات تُدار في الخفاء. إنه بلد عظيم يملك من الموارد والإمكانات ما يمكنه من النهوض مجددًا، إذا ما استطاع تجاوز هذه المرحلة الصعبة.
أمام هذه التحديات، يبقى الخيار الأوحد هو التمسك بالقيم الوطنية والعمل على استعادة السودان لسيادته. لا يمكن أن نترك الإعلام المضلل والأجندات الخارجية تتحكم في مصير بلدنا. علينا أن نتحد كشعب، وأن ندرك أن الأزمات التي نعيشها اليوم ليست قدرًا محتومًا، بل هي نتيجة لمخططات تهدف إلى إضعاف إرادتنا والسيطرة على مواردنا.

أصل القضية : السودان أقوى مما يظنون
بين المطرقة الإعلامية وسندان الأزمات المصطنعة، يقف السودان كصخرة صلبة لا تنكسر. ما يحتاجه السودان اليوم هو استعادة الثقة بالنفس، والتمسك بالقيم الوطنية، والوقوف في وجه هذه المحاولات لتقويض استقراره.
السودان أكبر من أن يتحكم به الإعلام المضلل، وأقوى من أن تكسره الأزمات المصطنعة. وما يحتاجه اليوم هو قيادة واعية، وشعب متكاتف، يقف في وجه هذه الحملات المغرضة، ويستعيد دوره الطبيعي كدولة مستقلة قادرة على تحقيق طموحات شعبها.
لنتذكر دائمًا: السودان لن يُقهر، وسيظل وطنًا شامخًا، مهما حاول الإعلام تزييف الحقائق ومهما حاولت الأزمات المصطنعة أن تكسره.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى