أصل القضية .. بين الانتصار والتشكيك: من يحاول سرقة فرحة السودانيين؟ .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

في معركة المصير التي يخوضها السودان، تبرز مواقف كثيرة، بعضها مشرف وبعضها مخزٍ، لكن أكثرها خطورة هو ذلك الذي يسعى لإفساد فرحة الشعب السوداني بانتصارات قواته المسلحة والقوات المساندة. وبينما يواصل أبناء الوطن معركتهم ضد التمرد ومرتزقة الإمارات، يخرج علينا البعض بروايات مشبوهة، تبدأ بالاستهانة بالقوات المسلحة، ثم تتحول إلى تسويق الأكاذيب، والآن تحاول التقليل من إنجازات القوات النظامية وهي تستعيد العاصمة قلبًا وقالبًا.
السردية المسمومة: من التحقير إلى التشكيك
في بداية الحرب، كان الخطاب السائد لدى بعض السودانيين المتأثرين بالبروباغندا الخارجية هو “معليش ما عندنا جيش”. كانت هذه المحاولة تهدف إلى هز الثقة في المؤسسة العسكرية وإعطاء شرعية زائفة لمليشيا الدعم السريع. لكن الأحداث على الأرض كشفت الحقيقة، وأثبت الجيش أنه ليس فقط موجودًا، بل قادرًا على الصمود والانتصار.
وحين بدأ ميزان القوى يميل لصالح القوات المسلحة، تحول الخطاب فجأة إلى تصوير الصراع وكأنه “حرب بين جنرالين على السلطة”، وكأن البلاد ليست ضحية عدوان مسلح مدعوم من الخارج يسعى لتقسيمها وإخضاعها. هذا الطرح لم يكن بريئًا، بل كان يهدف إلى نزع البعد الوطني عن المعركة، وكأن الخرطوم ليست عاصمة السودان، وكأن الدفاع عنها ليس واجبًا وطنيًا مقدسًا.
والآن، بعد استعادة القصر الرئاسي ، ظهرت موجة جديدة من التشكيك: “هناك مفاوضات سرية بين الجيش والمليشيا للانسحاب”. هذه الدعاية لا تهدف فقط إلى ضرب الروح المعنوية، بل تسعى إلى صناعة حالة من الإحباط والبلبلة، بحيث لا يستمتع السودانيون بانتصاراتهم، ولا يشعرون بأن الدماء التي سالت لم تذهب سدى.
من المستفيد من التشكيك؟
من يروجون لهذه الروايات هم في الغالب أدوات في يد جهات إقليمية ودولية تريد للسودان أن يظل في حالة فوضى وعدم استقرار. المرتزقة الإعلاميون الذين يروجون لهذه الأكاذيب لا يختلفون عن المرتزقة على الأرض. البعض منهم يخدم أجندات خارجية بوعي كامل، والبعض الآخر مجرد أبواق فارغة تعيد ما تسمع دون وعي.
أما مليشيا الدعم السريع ومرتزقة الإمارات، فهم المستفيدون المباشرون من نشر هذه السرديات. بعد أن فقدوا السيطرة على أغلب معاقلهم في العاصمة، لم يبقَ لهم إلا الحرب النفسية، ومحاولة تفتيت الجبهة الداخلية، عبر تسويق الوهم بأن “الحرب لا معنى لها”، أو أن “الاتفاقيات السرية ستعيد الوضع إلى المربع الأول”.
أصل القضية : وعينا هو سلاحنا
الشعب السوداني ليس ساذجًا حتى تنطلي عليه هذه المسرحيات الرخيصة. السودان اليوم ليس كما كان قبل عام، فالتجربة صنعت وعيًا جديدًا لدى الجميع. يعرف السودانيون أن هذه الحرب فرضت عليهم، ويعرفون أن جيشهم الوطني لم يكن البادئ بها، لكنه كان وسيظل حامي الأرض والشرف.
إن الرد على هذه الأكاذيب لا يكون فقط بتفنيدها، بل بالاستمرار في دعم القوات المسلحة والقوات المساندة، وبنشر الوعي في كل بيت سوداني، حتى لا يتم اختراق العقول قبل أن تُخترق الأرض.
انتصارات السودان ملكٌ لكل سوداني حرّ، ولن يُسمح لأحد بسرقتها. أما أولئك الذين يحاولون بث التشكيك، فإن التاريخ لن يذكرهم إلا كخونة أو أغبياء، ولا فرق بين الاثنين.