مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية .. جوبا على خط النار : تغيير قواعد اللعبة! .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

المشهد مشتعل، و الخرائط تُعاد رسمها من جديد. بعد أن ظن الجميع أن الخرطوم ستكون هي الجائزة الكبرى، جاءت المفاجأة: الإمارات، التي توقعت أن تُحكم سيطرتها على العاصمة السودانية، وجدت نفسها في معركة طويلة و مرهقة. لكنها لم تستسلم… خططها تغيرت و أهدافها تحوّلت نحو الجنوب.
جوبا الآن في عين العاصفة، بوابة خلفية تستعد الإمارات لاختراقها بخطوات مدروسة و سريعة، و إذا أفلحت، فإن السيطرة على الجنوب لن تكون مجرد نصر عابر. إنها الضربة القاضية التي ستخنق الخرطوم… و حتى القاهرة، في سلسلة من التحركات التي لن تبقي و لن تذر. هنا، تبدأ الحكاية الأكثر إثارة.

الإمارات تُبدل جلدها: اللعب على جبهة جوبا
ما لم تتوقعه القوى الإقليمية و الدولية، أدركته الإمارات سريعًا. الخرطوم، رغم كل الجهود، لم تكن الهدف الذي يمكن تحقيقه بسهولة. تكلفة المعركة ارتفعت، و تعقدت الحسابات، لكن الخطة البديلة كانت جاهزة منذ البداية. الجنوب الهادئ نسبيًا، المتروك خارج حسابات كثيرين، أصبح فجأة الساحة الجديدة للنفوذ.
إذا نجحت الإمارات في بسط سيطرتها على جوبا، ستتحول المعركة إلى حرب نفسية و سياسية مع الخرطوم. السيطرة على الجنوب ستفتح للإمارات أبوابًا لا نهاية لها للتأثير في الشمال، و ستمنحها قوة خنق العاصمة السودانية اقتصاديًا و سياسيًا. لكن هنا المفاجأة الكبرى: الأمر لن يتوقف عند الخرطوم، بل سيمتد إلى القاهرة!

جوبا: المفتاح السري لخنق مصر والسودان
السيطرة على جوبا ليست مجرد خطة تكتيكية، بل هي استراتيجية تهدف إلى التحكم في مسار نهر النيل، الشريان الحيوي للسودان و مصر. إذا تمكنت الإمارات من تحقيق نفوذها في الجنوب، فإنها ستكون قادرة على الضغط على الخرطوم من الخلف، و توجيه ضربة غير متوقعة للقاهرة عبر المياه و الموارد.
هذا هو التحدي الحقيقي: الإمارات، التي بدت و كأنها تواجه عقبات في الخرطوم، قد وجدت طريقًا أسرع و أذكى للسيطرة عبر الجنوب. خنق الخرطوم يعني خنق مصر أيضًا، وسيناريو السيطرة على جوبا قد يكون التحرك الأكثر خطورة في هذه اللعبة.

الإمارات تلعب بالنار: هدفها الخراب!
لكن هنا يأتي التحذير الكبير. أهداف الإمارات تقوم على استراتيجية قصيرة المدى، تعتمد على تحقيق مصالحها بأي ثمن، حتى لو كان ذلك على حساب تدمير كامل للدول المستهدفة. جوبا قد تبدو الآن كالفريسة السهلة، و لكن ما بعد السيطرة الإماراتية ليس إلا بداية لخراب ممتد. الخراب الذي لن يقتصر على جنوب السودان، بل سيمتد شمالًا إلى الخرطوم، و ربما أبعد من ذلك، وصولاً إلى القاهرة.
استراتيجية الإمارات تقوم على إحداث فوضى سريعة لتحقيق مكاسب آنية، دون النظر إلى العواقب طويلة المدى. إنها لعبة خطيرة تتسبب في تدمير البنية السياسية و الاجتماعية للدول التي تتدخل فيها، دون ترك أي أثر إيجابي. من يريد السيطرة على جوبا يجب أن يفكر مرتين، لأن النتيجة ستكون خرابًا لا يبقي و لا يذر.

الرسالة: اللعبة لم تنته بعد!
الجميع يراقب جوبا الآن، و التوقعات كلها تشير إلى أن الإمارات تتحرك بخطى سريعة نحو فرض نفوذها هناك. لكن الرسالة الحقيقية للسودانيين و المصريين واضحة: المعركة ليست في الخرطوم فقط، و ليست في جوبا وحدها. المعركة على مستقبل السودان و مصر معًا، و الرد الوطني يجب أن يكون في أقوى لحظاته.
إذا استطاعت الإمارات تحقيق نفوذها في جوبا، فإن الخرطوم والقاهرة ستكونان في مهب الريح. الوقت ليس في صالح السودان أو مصر، والتحرك يجب أن يكون سريعًا ووحدويًا للحفاظ على البلاد من الفوضى التي تزرعها الإمارات عبر الجنوب.

أصل القضية : الأمل في الحس الوطني
في كل أزمة، هناك فرصة. ورغم أن جوبا تقف الآن على خط النار، فإن الأمل يكمن في قدرة السودان على استعادة زمام الأمور. الإمارات قد تنجح في تحركاتها لبعض الوقت، لكنها لن تستطيع إخماد الروح الوطنية التي تتجاوز كل المخططات الخارجية.
الإمارات تُراهن على خطط قصيرة المدى، لكن السودان ومصر لديهما إرث طويل من الصمود. وفي النهاية، ستكون الروح الوطنية هي الدرع الأقوى أمام كل من يحاول استغلال الأزمات لتحقيق مصالحه الخاصة. الخرطوم قد تعثرت، لكن المعركة لم تنتهِ بعد… والجولة القادمة قد تكون هي الفاصلة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى