أصل القضية … قلب قارة المستقبل: إمكانات السودان وفقًا لاستراتيجية الجسر والمورد لتعزيز التوازن الإقليمي .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

في قلب أفريقيا النابض، حيث تتقاطع المصالح و تتجاذب القوى الكبرى، يقف السودان ليس كمتفرج، بل كفاعل رئيسي يعيد رسم خريطة التأثير و التوازن. تحركات وزير الخارجية السوداني د. (علي يوسف) الأخيرة في القارة السمراء، وزيارته لروسيا، تُعد أكثر من مجرد زيارات دبلوماسية، بل هي تحركات تعكس بُعداً استراتيجياً يعزز موقع السودان في قلب التحولات الإقليمية و الدولية. مقترنة بانتصارات السودان في حرب الكرامة، هذه التحركات تُعيد للسودانيين شعور الفخر و العزة و تؤكد على أن السودان ليس دولة عابرة بل محورًا في اللعبة الإقليمية.
السودان في أفريقيا: الحلم الذي يتشكل من جديد:
عندما نتحدث عن أفريقيا، نحن نتحدث عن مستقبل العالم. السودان، بتاريخه العريق و جغرافيته الاستراتيجية، يعيد تشكيل دوره كلاعب أساسي في القارة. الوزير د. (علي يوسف) عبر زياراته الأخيرة، يسعى لبناء جسور جديدة من التعاون الأفريقي – و هي خطوة محورية ضمن استراتيجية “الجسر و المورد”. فالسودان لا يسعى فقط لتحقيق مصالحه الوطنية، بل لتجسير التفاوتات بين شمال القارة و جنوبها، ليكون هو المحور الذي تربط من خلاله أفريقيا الجديدة. هذه التحركات تستند إلى إدراك عميق بأن السودان هو جزء من الحل لأزمات أفريقيا و ليس مجرد دولة تبحث عن النجاة.
القارة الإفريقية اليوم ليست ساحة للتنافس الدولي فحسب، بل هي ساحة للفرص المشتركة. و السودان، بنهضته الجديدة، يقف على مفترق طرق. علي يوسف يُدرك جيدًا أن السودان بحاجة إلى شركاء جدد يعززون من استقراره ويضمنون مستقبله. التحركات السودانية في إفريقيا تهدف إلى تعزيز التعاون في مجالات الأمن، الاقتصاد، والبنية التحتية، مما يعيد تشكيل الصورة الإقليمية للسودان كقوة محورية.
روسيا بوتين والسودان: تحالفات جديدة وتوازنات معقدة:
بينما يعزز السودان حضوره في إفريقيا، تأتي زيارة د. علي يوسف إلى روسيا لتكشف عن أبعاد أعمق في سياسة السودان الخارجية. زيارة موسكو ليست مجرد محاولة لتعزيز العلاقات، بل هي جزء من إستراتيجية تعيد تشكيل خارطة التحالفات الدولية للسودان. روسيا، بقوتها العسكرية و نفوذها المتزايد في أفريقيا، تجد في السودان شريكاً استراتيجياً يمكن الاعتماد عليه لتعزيز نفوذها في القارة.
السودان اليوم يبعث برسالة واضحة: نحن لسنا تابعين لأحد. التحالف مع روسيا يتيح للسودان مساحة أوسع للمناورة على الساحة الدولية، و يضمن له تحقيق التوازن في مواجهة التنافس المتزايد على الموارد و النفوذ في أفريقيا. فالسودان من خلال “استراتيجية الجسر و المورد” يحاول بناء توازنات جديدة تعتمد على تعدد الشركاء دون الانحياز لطرف واحد. إنها خطوة تعكس استقلالية القرار السوداني و قدرته على استثمار تحالفاته لتحقيق مصالحه الوطنية.
انتصارات حرب الكرامة: وطن يستعيد هيبته:
بينما تُبنى العلاقات الخارجية، تأتي الانتصارات التي حققتها القوات المسلحة السودانية في “حرب الكرامة” لتعيد الثقة إلى الشارع السوداني. هذه الانتصارات ليست فقط مكاسب عسكرية، بل هي أيضًا رسائل سياسية قوية تؤكد على أن السودان قادر على الدفاع عن نفسه و حماية سيادته. هذه الحرب شكلت لحظة مفصلية للسودان، حيث أثبتت القوات المسلحة السودانية أنها قادرة على مواجهة التحديات و حماية الأرض.
في سياق هذه الانتصارات، يبدو السودان مستعدًا أكثر من أي وقت مضى للعودة إلى الساحة الإقليمية بقوة. الانتصارات في حرب الكرامة لا تؤثر فقط في الداخل، بل تمنح السودان نقاط قوة جديدة في مفاوضاته و تحالفاته الخارجية. الانتصارات العسكرية لا تُترجم فقط إلى مكاسب سياسية بل هي أيضًا مصدر فخر للسودانيين الذين يرون في بلادهم اليوم رمزًا للصمود و الكرامة.
خطاب البرهان: رؤية قائد و تأكيد على السيادة:
وسط هذه التحركات، يأتي خطاب الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان ليؤكد أن السودان يقف اليوم على أسس قوية، و أنه يملك رؤية واضحة للمستقبل. البرهان، في خطابه الأخير، قدم رسالة واضحة للعالم: السودان لن يكون أداة في أيدي القوى الكبرى، بل يسعى لتحقيق توازن يحفظ مصالحه الوطنية. السودان في عهد البرهان يسير وفق رؤية وطنية تعتمد على تعزيز السيادة الداخلية و توسيع نطاق العلاقات الدولية.
خطاب البرهان يأتي في توقيت حساس، حيث يواجه السودان تحديات داخلية وخارجية. رسالته الواضحة للعالم تعكس موقف السودان الرافض لأي تدخل خارجي يؤثر على قراره الوطني. هذا الخطاب ليس موجهاً فقط للسودانيين، بل هو رسالة للعالم بأسره: السودان جاهز لمواجهة التحديات و مستعد للعب دور أكبر في الساحة الإقليمية.
التحديات الداخلية: حكومة المنفى و التمويل الإماراتي:
لكن رغم كل هذه التحركات الإيجابية، يواجه السودان تحديات داخلية لا يمكن تجاهلها. انقسامات مجموعة “تقدم” وتشكيل حكومة منفى بتمويل إماراتي يشكل تحديًا للاستقرار السياسي في السودان. هذه الحكومة تسعى لاستغلال الفراغ السياسي لتوسيع نفوذها، مما يضع السودان أمام تحديات جديدة.
ورغم ذلك، السودان قادر على التعامل مع هذه التحديات بحكمة. فالتحركات الخارجية والانتصارات الداخلية تمنح السودان موقفًا أقوى في مواجهة أي محاولات لزعزعة استقراره. حكومة المنفى قد تكون في الظاهر تهديدًا، لكنها في الواقع فرصة للسودان لتوحيد صفوفه و التفاف الشعب حول مشروع وطني يضمن استقراره و يعزز من موقعه الإقليمي.
الرسالة المركزية: السودان بطل المرحلة الجديدة:
ما قد لا يتوقعه الكثيرون هو أن السودان، رغم التحديات الكبيرة التي تواجهه، يمتلك فرصة فريدة لإعادة بناء دوره كلاعب رئيسي في الساحة الإقليمية و الدولية. من خلال تحركات د.( علي يوسف)، و التحالفات مع روسيا، و الانتصارات في حرب الكرامة، يظهر السودان كقوة ناشئة تسعى لتحقيق توازن إقليمي يعتمد على استقلالية القرار الوطني.
السودان اليوم ليس مجرد دولة تسعى للبقاء في عالم مليء بالتحديات، بل هو لاعب أساسي في تحديد مستقبل القارة الأفريقية. “استراتيجية الجسر و المورد” ليست مجرد شعار، بل هي رؤية عملية يمكن من خلالها للسودان استثمار موارده و تحقيق التوازن في علاقاته الإقليمية و الدولية.
أصل القضية: السودان في قلب قارة المستقبل
السودان اليوم يقف في قلب إفريقيا، ليس كمتفرج، بل كصانع قرار. تحركات د. علي يوسف، وزيارة موسكو، والانتصارات العسكرية، تؤكد أن السودان ليس مجرد دولة تبحث عن مكان تحت الشمس، بل هو دولة تصنع طريقها نحو المستقبل. هذا الطريق يعتمد على تحقيق توازن داخلي وخارجي، وعلى استثمار كل ما تملكه السودان من موارد وقدرات لتعزيز مكانته كقوة إقليمية.
استراتيجية الجسر والمورد ليست مجرد أداة دبلوماسية، بل هي رؤية وطنية تسعى لتحقيق الاستقرار الداخلي والتأثير الإقليمي. السودان اليوم يمتلك الإرادة والقدرة على صياغة مستقبله بطريقة تحافظ على سيادته وتعزز من مكانته كقلب نابض لإفريقيا المستقبلية.