أصل القضية … كيف ينتصر الجيش بينما يعاني السودانيون؟ و هل تستطيع إستراتيجية الجسر و المورد توحيد الشعب وإعادة بناء الوطن؟ .. بقلم/محمد أحمد أبوبكر

السودان، ذلك الوطن الذي نعتز به جميعًا، يمر اليوم بواحدة من أصعب لحظاته التاريخية. فبينما نرى جيشنا يسطر انتصاراته على أرض المعركة، نجد أن المواطن السوداني ما زال يصارع المعاناة، و كأنما النصر لم يصل إليه. لكن هنا، نواجه السؤال الحقيقي: هل النصر العسكري وحده يكفي؟
الجيش يحمي الأرض، لكن بناء الوطن يحتاج إلى ما هو أعمق؛ يحتاج إلى روح الشعب، إلى وحدة لا تتزعزع، وإلى استراتيجية تُعيد الروابط المفقودة وتبني جسورًا من الأمل والقيم. إستراتيجية الجسر و المورد تقدم لنا هذا الأفق الجديد؛ رؤية تبني من تحت الأنقاض، و تحمل معها وعدًا بتوحيد السودانيين و إعادة بناء وطن يتسع للجميع.
أصل الجرح: بين انتصارات الجيش ومعاناة الشعب:
كيف نصل إلى لحظة يشعر فيها الشعب بالنصر مثلما يشعر بها الجيش؟ هذا السؤال يعكس جوهر الأزمة التي نعيشها. إن الجهل، فساد الأخلاق و اليأس ليست مجرد مصطلحات، بل هي أمراض تنهش في جسد السودان. الجهل ليس فقط نقصًا في التعليم، بل هو ظلام يحجب رؤية المستقبل. فساد الأخلاق هو الذي يُفسد التضحية و يبيع الوطن بثمنٍ بخس. و اليأس هو الخنجر الذي يغرسه الخونة في قلب كل مجتهد.
لكن هنا تأتي استراتيجية الجسر و المورد كطريقٍ للخلاص، كفكرة تضع الشعب في صدارة الأولويات و تمنح السودان أملًا جديدًا في التماسك و التقدم.
قيمنا هي سلاحنا: إعادة بناء الروح الوطنية:
في أعماق هذا الوطن، توجد قيم عريقة لا يمكن أن تندثر. قيم الإخلاص، التضحية و الشجاعة. قد يحاول البعض التلاعب بهذه القيم أو طمسها، لكن جذورها أعمق مما يظنون. استراتيجية الجسر و المورد تستند إلى إحياء هذه القيم و إعادة استخدامها كسلاح في مواجهة تحدياتنا الداخلية و الخارجية.
إن اليأس ليس قدرنا و الجبن ليس هويتنا. السودانيون يحملون في دمائهم شجاعة الأجداد، و إذا كان هناك من يشكك في قدراتنا فهو لم يرَ بعد قوة الشعب عندما يتوحد خلف قضية عادلة.
ما لا يتوقعه الجميع: النصر الحقيقي يبدأ من هنا:
قد يعتقد البعض أن النصر يُقاس بعدد المعارك المنتصرة، لكن الحقيقة هي أن النصر الحقيقي يُقاس بعدد القلوب التي تتوحد، بعدد الأيادي التي تتشابك لبناء المستقبل. كيف نعيد بناء السودان؟ بإحياء قيم التضامن والعمل المشترك، و بتوجيه الطاقة السودانية نحو هدف واحد: استعادة الوطن من براثن الجهل و الفساد و التفرقة.
الجبناء سيقولون إنه لا أمل، و لكن الوطنيين يرون الفرصة في قلب كل أزمة. إن السودان لا يحتاج إلى خطب رنانة، بل يحتاج إلى أفعال ملموسة تستند إلى التخطيط الجاد و الرؤية الواضحة. و هنا تأتي استراتيجية الجسر و المورد لتضع أمامنا خريطة طريق حقيقية نحو الاستقرار و التقدم.
الحلول: كيف نبني وطنًا جديدًا؟
١. العلم هو الحل: لا يمكن أن نبني مستقبلًا دون استثمار حقيقي في التعليم و التدريب. يجب أن نعيد للعلم مكانته و نكافئ المجتهدين بدلاً من تركهم بين براثن الجحود.
٢. القيم الوطنية أولاً: السودان ليس بلدًا ضائعًا، بل وطن مليء بالقيم و المبادئ التي تحتاج فقط إلى إحياء. علينا أن نعزز هذه القيم من خلال التعليم و الإعلام و التواصل المجتمعي.
٣. محاربة الفساد بكل قوة: لا مكان للفاسدين بيننا. يجب أن نقف جميعًا صفًا واحدًا لمحاربة الفساد على كل المستويات، وأن نحاسب كل من يتاجر بمصير الوطن.
٤. إعادة الثقة بين الشعب و الجيش: الجيش هو درع الوطن، و الشعب هو قلبه النابض. علينا أن نعيد بناء جسور الثقة بين الطرفين و أن نعمل معًا لتحقيق استقرار دائم.
٥. العمل الجماعي و المبادرات المحلية: السودانيون قادرون على بناء مستقبلهم بأنفسهم. المبادرات المحلية والمشاريع التنموية يجب أن تكون في مقدمة الأولويات لتوفير الفرص و تحقيق التنمية المستدامة.
السودان ينتظركم:
السودان ليس أرضًا مهزومة، بل وطن يحمل في طياته إمكانيات هائلة. استراتيجية الجسر والمورد هي الجسر الذي سيربط بين الماضي و المستقبل، و المورد الذي سنعتمد عليه لتحقيق نهضة شاملة. هذا الوطن يحتاج إلى كل فرد فيه ليعمل و يؤمن بأن الأفضل قادم.
أصل القضية: السودانيون قد يعانون اليوم، لكنهم قادرون على النهوض غدًا. فلنكن جميعا جزءًا من هذا النهوض، و لنكن من يبني الجسور و يفتح الطريق نحو مستقبل مشرق يعيد للسودان مكانته الحقيقية بين الأمم.