أصل القضية …مع اقتراب ساعة الحسم لحرب الكرامة: بناء السودان الجديد وفقًا لإستراتيجية الجسر و المورد .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

بينما يقترب السودان من لحظة الحسم في حرب الكرامة، يتطلع الجميع إلى اليوم التالي، حيث سيكون الانتصار أكثر من مجرد نصر عسكري؛ سيكون بوابة لتأسيس مستقبل جديد و مستدام. إن إعادة بناء السودان بعد هذه الحرب التاريخية سيتطلب رؤية شاملة و خطة تنموية طموحة. هنا تظهر استراتيجية الجسر والمورد كإطار عمل يمكن أن يُستخدم لترميم البلاد من آثار النزاع، و توجيهها نحو تحقيق التنمية المستدامة و الاستقرار الدائم.
الوحدة الوطنية: قاعدة البناء المتينة
في اليوم التالي للحسم، يجب أن يكون الوحدة الوطنية هي الأولوية الكبرى. الشعب السوداني الذي قاتل و ضحّى من أجل كرامته لا يمكن أن يقبل بالعودة إلى التشرذم و الانقسامات. لذا، يجب أن تكون هناك جهود وطنية حقيقية لتوحيد مختلف القوى السياسية والاجتماعية تحت مظلة واحدة. إستراتيجية الجسر والمورد تستطيع أن تلعب دورًا هامًا في هذا السياق عبر استخدام موارد السودان كأداة لتجميع المصالح المشتركة، و تعزيز التعاون بين مختلف الأطراف، مما يضمن استقراراً اجتماعياً و سياسياً طويل الأمد.
إعادة الإعمار و التنمية: معركة البناء بعد النصر
بعد الحرب، تبدأ معركة البناء والتنمية. السودان سيحتاج إلى استغلال موارده الطبيعية والبشرية بشكل فعال لإعادة بناء ما دمرته الحرب. من خلال توظيف استراتيجية الجسر والمورد، يمكن توجيه الاستثمارات الوطنية و الدولية نحو إعادة إعمار البنية التحتية، وتطوير قطاعي الزراعة والطاقة المتجددة. هذه الخطوات ليست مجرد إعادة إعمار، بل هي تأسيس لنظام اقتصادي جديد يجعل السودان أقل اعتمادًا على الخارج وأكثر قدرة على الاستفادة من موارده الذاتية لتحقيق تنمية شاملة.
تحقيق الأمن الغذائي: أولوية وطنية
مع التحديات الغذائية التي يواجهها السودان، سيكون تحقيق الأمن الغذائي من أكبر التحديات بعد انتهاء الحرب. المجاعة التي تهدد البلاد ليست مجرد أزمة عابرة، بل هي تحدٍ استراتيجي يتطلب حلولاً مستدامة. هنا يأتي دور إستراتيجية الجسر و المورد في تعزيز الإنتاج الزراعي المحلي، و تطوير تقنيات الزراعة المستدامة و تحقيق الاكتفاء الذاتي الغذائي. السودان يمكن أن يتحول إلى مركز زراعي رئيسي إذا ما استثمر في موارده الطبيعية بشكل صحيح.
الدبلوماسية الاقتصادية: الانفتاح على العالم
في مرحلة ما بعد الحرب، السودان سيحتاج إلى دبلوماسية اقتصادية فعالة. استراتيجية الجسر و المورد تمنح السودان فرصة ذهبية لإعادة رسم علاقاته الدولية، من خلال بناء شراكات اقتصادية مع الدول الإقليمية و الدولية التي ترغب في استثمار موارد السودان الزراعية و المعدنية. هذه الشراكات لن تعزز الاقتصاد فحسب بل ستعزز أيضًا من مكانة السودان كلاعب رئيسي في المنطقة.
دور المرأة و الشباب: طاقة المستقبل
لا يمكن الحديث عن بناء السودان بعد النصر دون الإشارة إلى دور المرأة والشباب في قيادة هذا البناء. هؤلاء هم من صنعوا النصر في ميادين القتال و في حياة السودانيين اليومية. تمكين المرأة و الشباب يجب أن يكون جزءًا أساسيًا من خطة إعادة الإعمار. من خلال برامج تدريب و تعليم مبتكرة، يمكن الاستفادة من قدراتهم و إشراكهم في بناء المستقبل.
أصل القضية أن حرب الكرامة لم تكن مجرد معركة من أجل استعادة الأرض أو التخلص من قوى خارجية بل كانت معركة من أجل سيادة السودان على قراره الوطني و استعادة كرامته. النصر الحقيقي لا يتحقق فقط على أرض المعركة بل في كيفية تحويل هذا النصر إلى مكاسب دائمة تعزز من مكانة السودان على الخريطة الإقليمية و الدولية. استراتيجية الجسر و المورد تُمثل الإطار العملي الذي يُمكن من خلاله بناء دولة قوية و مستدامة، تعتمد على مواردها و تحترم تطلعات شعبها.
السودان لا يزال في قلب معركة أكبر من مجرد حرب عسكرية؛ إنها معركة من أجل العدالة الاجتماعية، السيادة الاقتصادية و الاستقلال السياسي. مع اقتراب ساعة الحسم، يجب أن ندرك أن أصل القضية يكمن في كيفية تحويل هذا النصر إلى أرضية لاستعادة كرامة السودان و استقلاله الحقيقي. هذا ما يجب أن يكون في صلب تفكيرنا في اليوم التالي للنصر.