استراتيجيات … خطاب البرهان: الكلمات المفتاحية و لغة الجسد !!.. بقلم/ د. عصام بطران

– بالنص غير المنقوص أُورد ما جاء بخطاب الفريق أول عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة – القائد العام حول حزب المؤتمر الوطني:
“شايفين برضو (أخوانا كتيرين) جدا بتجاذبوا الآن المواقف السياسية و بالذات ال… المؤتمر الوطني، نحن امكن دي فرصة ند.. نقد… نديهم رسالة واضحة انو (اذا انتو وطنيين و بهمكم شأن الوطن) ابعدوا عن (المزايدات) الآن ، اخرجوا الآن ، مافي زول بديكم فرصة عشان تجو تقولو تحكموا على (اشلاء ودماء) الشعب السوداني، (ح أكون مافي فرق) بينكم و بين قحت و تقدم، (الناس البيقاتلوا) الآن ديل سودانيين هم وطنيين مافي زول فيهم عايز يحقق مكاسب.. مؤتمر وطني او غيروا داير يجي الحكم بعدين يمشي هناك (ينظم نفسو للانتخابات) يمشي يتنافس مع القوى السياسية التانية ، لكن الآن في هذه المرحلة دي (مافي زول يفرض) أي وجود ..”
– لغة الجسد التي ظهرت على ملامح البرهان لم تكن لغة تهديد أو وعيد بل كان بها عدد من الإيحاءات التي تندرج تحت تفسير اسداء النصح أو الرجاء و الطلب.
– وردت اثناء الخطاب بعض الكلمات المفتاحية أهمها:
١. (اخوانا كتيرين) و عبارة أخوانا فيها نوع من خطاب الذات و التلاقي أكثر من التنافر و في غالب الأحوال تستخدم لقبول ما هو آت من حديث دون الشعور باستعلاء أو دونية.
٢. (اذا انتو وطنيين و بهمكم شان الوطن) جملة تعد في خانة الاجابة و ليس السؤال أو الاتهام بعدم الوطنية بل تميل الى تثبيت واقع ملموس عن نموذج الفعل الوطني خاصة و أن من المعلوم ماقدمه أعضاء الحزب من إسناد غير مستتر في معركة الكرامة التي لا يمكن أن يكابر أحد أنها معركة وطنية و من يساندها من الوطنيين و ليس غيرهم.
٣. (المزايدات) لعل هذه العبارة غير موفقة و هي أثارت حفيظة أعضاء المؤتمر الوطني لأن هذه المفردة يعد استخدامها عند تجاوز الواقع باستخدام المبالغة و السخرية حيث تتخذ المزايدة في العموم طابعًا استفزازيًا لأن منطق المزايدات السياسية منطق ميكافيلي حيث الغاية تبرر الوسيلة و من ثم تكون السياسة حسب هذا المنطق عبارة عن: مجال للصراع بين الأفراد و الجماعات يؤدي إلى اللجوء لجميع الوسائل المشروعة و غير المشروع لحل هذا الصراع.
٤. (فوق اشلاء ودماء الشعب السوداني) هذه العبارات لو تم قياسها بالواقع فهي تمثل (سقطة) خارج السياق و لو أعيدت الكرة مرة أخرى لإعادة الفريق البرهان لخطابه لما جاءت على لسانه لأنها عبارات تخالف الواقع الراهن في معركة الكرامة، فمن جانب آخر أن حزب المؤتمر الوطني و عضويته هم من حافظوا على أشلاء و دماء الشعب السودان سواء عقب التغيير الذي لم يواجهوا فيه الثورة المصنوعة أو الآن و هم يتقدمون الصفوف من أجل حماية الأعراض و قتال المليشيا المتمردة بكل اسلحتهم الميدانية و السياسية و المجتمعية.
٥. (ح يكون مافي فرق بينكم و بين قحت و تقدم) .. المقارنة تكاد تكون معدومة تمامًا أن تتساوى (قحت) و (تقدم) الذين رقصوا على أشلاء و دماء الشعب السوداني بدعمهم و تعاونهم مع المليشيا المتمردة و اتخاذهم لها ظهيرًا عسكريًا لجلب الديموقراطية المدعاة وهم و بلا قيم ولا اخلاق من وصفوا الجيش السوداني و قائده بأبشع الأوصاف أخفها بشاعة أن الجيش السوداني أحد طرفًا الصراع.
٦. (الناس البيقاتلو الآن ديل سودانيين) نعم هذه شهادة حق أن أبناء الشعب السوداني الوطنيين هم من تقدموا الصفوف و لكن…
٧. (ينظم نفسو للانتخابات) في الحقيقة معظم الشعب السوداني يقف وراء قواته المسلحة و جيشه من أجل النصر على المليشيا المتمردة و لو كان الخيار هو استمرار الجيش لضمان الحفاظ على أمن البلاد وسيادتها لوجد البرهان المؤتمر الوطني أو الداعمين لهذه الخطوة لأن القوى السياسية الموجودة في الساحة السياسية غير مؤهلة للاطلاع بدور وطني يصب في تماسك الدولة من الانهيار، لذلك عضوية المؤتمر الوطني هي الأكثر حرصًا على تنظيم القوى السياسية لنفسها لخوض الانتخابات شريطة أن لا تكون القوى السياسية التي خانت الوطن و المواطنين جزءاً منها …
٨. (ما في زول يفرض نفسه) من آفة الخطاب السياسي الارتجال و لعل خطاب البرهان المرتجل أمام بعض القوى السياسية جعل من هذه العبارة حمالة أوجه، فالمتتبع للحراك السياسي لا يجد وجودًا لفرض الذات السياسية إلا في نطاق اسناد القوات المسلحة في معركة الكرامة و هذه محمدة ليس مذمة لأن من يفرض نفسه إيجابًا في قضايا الوطن المصيرية له التجلة و التقدير.
– تعاطي حزب المؤتمر الوطني مع خطاب البرهان كان أكثر هدوءاً على الرغم من تعدد البيانات لأكثر من واجهة من واجهات الحزب و لكن اتفقت جميعها في ثلاثة ثوابت:
– الأول: الوقت الآن للمعركة المصيرية للقضاء على المليشيا المتمردة.
– الثاني: انحياز الحزب للقوات المسلحة و قيادتها لدحر المليشيا و أعوانها.
– الثالث: وجود الحزب كتيار سياسي يسعى إلى الاستحقاق الديمقراطي عبر صندوق الانتخابات لا غير.