
– صديقي عقب صلاة الجمعة استوقفني مقيدًا كلتا يداي كسبًا للانتباه قائلًا: (لما جارك يطرق بابك و يقول ليك عشمي فيك، ما قادر أدفع رسوم بتي الممتحنة للشهادة السودانية) … حتى هذه اللحظة دموعي تنزل بلا توقف من الألم و القهر النفسي و الاجتماعي.
– و ذكر لي أن هذا ما حدث معه صباح اليوم مشيرًا إلى أنه لم يؤلمه الطلب أكثر من كونه لم يستطع الاستجابة لطلب جاره المتواضع لأنه كان قادمًا للتو من بيت الأسرة الكبير (لمة الجمعة) و وجد هناك نفس الشكوى و الطلب من شقيقته و شقيقه و خالاته.
– أعرف أن ذاك الجار من أسرة ثرية سقطت كسائر بقية الأسر من وطأة الحرب، و أعلم أن شقيقه و شقيقته من ذوي الإعالة من المرتب المفقود بسبب الحرب، و أعلم عجزهم عن سداد الرسوم و لم يعد لديه من مدخر لمساعدتهم كما كان في السابق.
– فرضت وزارة التربية و التعليم العام الاتحادية مبلغ ٧٥ ألف جنيه رسمًا حكوميًا للجلوس لامتحانات الشهادة السودانية الدفعة المؤجلة ٢٠٢٤ م، و لما وصل خطاب الرسم إلى الولايات و المحليات حتى أضافت مبلغا يتراوح بين ال٢٥ ألف جنيه و ٤٥ جنيهًا كرسم ولائي و محلي (حسب رأفة و رحمة الوالي في الولاية المعنية)، فأصبح الرسم يتراوح بين ١٠٠ ألف إلى ١٥٠ ألف جنيه، أما للطلاب الجالسين من الخارج فحدّث و لا حرج؛ ففي مصر و هي دولة لجوء و ليس اغتراب فرضت رسوم قدرها ٤ الف جنيه مصري على الطالب تدفعها الأسرة مقابل جلوس الطالب الواحد، وفي حال الممتحنين اثنين يصبح العبء مضاعفًا على الأسرة.
– من أين لهؤلاء الذين يعتمدون على (التكايا) في طعامهم و سكنهم أن يدبروا هذا المبلغ كرسوم لامتحانات الشهادة السودانية؟!
– صحيح أن عملية إقامة امتحانات الشهادة السودانية تُعد من العمليات الإدارية و اللوجستية المكلفة جدًا، و لكن على الدولة الاطلاع بجزء من التكلفة و ألا تتركها على المواطن الذي يموت مرتين، الأولى بتبعات الحرب اللجوء و النزوح و الثانية بعجزهم عن تعليم أبنائهم.