استراتيجية الجسر و المورد … مفتاح الوساطة التركية .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر

أصل القضية
في عالم يتزايد فيه التنافس على الموارد الطبيعية يقف السودان على مفترق طرق حاسم، فهو يمتلك ثروات ضخمة من النفط و المعادن و المياه ما يجعله هدفاً للعديد من القوى الدولية.
لكن السؤال الأهم: كيف يمكن للسودان أن يوجه هذا التنافس لصالحه دون أن يتحول إلى تهديد للأمن و الاستقرار؟ الجواب يكمن في تبني “استراتيجية الجسر و المورد” التي تحول تحديات التنافس إلى فرص حقيقية و تضع السودان في قلب دائرة من التعاون الدولي المثمر.
استراتيجية الجسر والمورد: تخيلوا أن السودان يصبح جسراً بين مختلف المصالح الدولية و المحلية، حيث يتم الاستفادة من موارده ليس كمصدر للصراع بل كأداة للبناء و التنمية. عبر هذه الاستراتيجية يمكن للسودان أن يربط بين القوى العالمية المختلفة بطرق تدعم استقراره السياسي و تحقق أهداف التنمية المستدامة. لا يكون التنافس هنا تهديداً ، بل فرصة للتعاون الفعّال حيث يتبادل الجميع المنافع و يعزّزون المصالح المشتركة.
الوساطة التركية: و في هذه المعادلة، تبرز تركيا كلاعب رئيسي قادر على تحقيق التوازن بين القوى الكبرى و الصغيرة بفضل علاقاتها الدبلوماسية الواسعة. تركيا، التي نجحت في تسوية العديد من النزاعات على الصعيدين الإقليمي و الدولي تقدم للسودان فرصة فريدة؛ وسيط محايد يستطيع توجيه التنافس إلى مسار تعاوني. بفضل خبرتها و كفاءتها في الوساطة يمكن لتركيا أن تساهم في ربط السودان بالعالم بطريقة تحقق الاستفادة القصوى دون التأثير سلباً على سيادته.
نماذج ملهمة: لننظر إلى بعض الأمثلة المُلهمة حول العالم، حيث تم إدارة التنافس على الموارد بشكل ذكي. سنغافورة ، رغم صغر حجمها، استطاعت أن تكون مركزاً تجارياً عالمياً بفضل موقعها الجغرافي و مواردها المتجددة. بينما الجارة إثيوبيا استطاعت تسوية نزاعاتها حول المياه بفضل تعاون إقليمي طويل الأمد. هذه الدول أثبتت أن الموارد ليست عبئاً، بل يمكن أن تكون مصدراً للسلام و التنمية عندما يُدار التنافس بحكمة.
الفرصة للسودان: في السياق السوداني، يمكن أن تفتح “استراتيجية الجسر والمورد” بابًا لفرص غير مسبوقة، حيث يتم دمج المصالح الوطنية مع المصالح الدولية. هذا التوازن يمكن أن يضع السودان على مسار التنمية المستدامة ويضمن استقرارًا سياسيًا داخليًا. وتركيا، باعتبارها وسيطًا محنكًا، قد تكون القوة الموازنة التي تساعد على تحقيق هذا التوازن، مما يعزز من قدرة السودان على استغلال موارده بما يعود بالنفع على الجميع.
أصل القضية: العبرة ليست فقط في إدارة الموارد، بل الإستراتيجية الشاملة التي تتعلق بكيفية جعل السودان مركزاً للتعاون الدولي بعيداً عن الصراعات و التهديدات.
“استراتيجية الجسر و المورد” تقدم للسودان فرصة فريدة لانتقال من وضع المتلقي للضغوط إلى لاعب رئيسي قادر على توجيه التنافس لصالحه. إنها دعوة للسودانيين، خصوصاً القادة السياسيين و المفكرين لأن يكونوا أكثر وعياً بقوة الموارد التي يمتلكها السودان و كيفية استثمارها لبناء مستقبل مستقر و مزدهر و تحويل التحديات إلى فرص فريدة.