مقالات الرأي
أخر الأخبار

البيان المُسْتهِين بالشعب … بقلم / ابن زياد

بيان (تقدم) الأخير وصفه الكثيرون بـأنه باهت و مكرر و يائس، و يتسم بالكثير من الغباء السياسي و تضييع الفرص. البيان خير دليل على أن قادة تقدم الحاليين هم أقرب للنشطاء الحقوقيين منهم لرجال الدولة و قادة المجتمع، و هم ليسوا جديرين بتسلم زمام قيادة الإصلاح و إعادة ما دمرته الحرب و إعادة السلام و الاستقرار للبلاد، ففى نفس الوقت الذى يدعون فيه لوقف الحرب ينحازون لأحد أطرافها ضد الجيش القومى و يراوغون بزعم محاربة النظام السابق و يتجاهلون أنهم ضد الشعب الذى تحتل المليشيا منازلهم.
فلو أن البيان دعا الدعم (الصريع) إلى الخروج من الأعيان المدنية لكسبوا نقطة تُحسب لهم سياسياً و لكنهم مُكبّلون بالعمالة و الارتزاق.

الآن هو أنسب وقت للانحياز للشعب و الجيش ولو ببيان سياسيى إن كانوا يعقلون …حتى الإمارات ستهرول إليهم لزيادة الدعم إن فعلوها إلا إذا كانوا قد اكتفوا بالشقق و الحسابات المتخمة بالدولارات.
إذا طالب البيان الجيش بتشكيل حكومة تضم كافة الكيانات السياسية الفاعلة بما فيها الإسلاميين و المعارضين و الحركات المسلحة لوقفت الحرب إن كانوا جادين لوقفها ،على الأقل يتطهروا من رذيلة العمالة، البيان حتى الآن يساوى بين المليشيا و الجيش و الحركات المتحالفة معه كما ذكر البيان. لا أدرى من يريدون أن يفاوضوا  لكنهم فقط بارعون في شيطنة الآخرين و إدانتهم و سبّهم.
رغم تغير المعادلة العسكرية على الارض و هذا هو أحد أوجه الغباء السياسيـ فمواقف قادة (تقدم) تستند إلى مواقف آيدلوجية و ليست مواقف سياسية تتعامل مع الواقع. و السياسية هى فن الممكن.
انتصارات القوات المسلحة ستكون هى الشرعية الجديدة و ليس ثورة ديسمبر، أو انتفاضة أبريل، أو ثورة أكتوبر، و لا حتى ثورة مايو و لا الإنقاذ هذا كله تاريخ يصلح للاحتفالات القومية… حينها سيدعو الجيش إلى إجماع وطنى و ستكون الخيارات إما الانضمام أو العزلة.

لو اكتفى البيان بإدانة جرائم و تعديات الدعم (الصريع) لكسبوا بعض القبول الشعبي، لأن من عانوا من جرائم المليشيا هم أفراد الشعب الذين يتحدثون عنه و ليس عناصر الحركة الإسلامية و المؤتمر الوطنى الذين هم بالضرورة و الواقع جزء من الشعب و ملتحمين معه.
البيان يفتقر إلى المصداقية حين يتحدث عن أطراف خارجية تدعم الحرب، و لم يذكر هذه الأطراف خاصة التى تمول و تدعم بالسلاح و الذخائر و بذلك تثبت (تقدم) أنها الوجه السياسي المعبر عن المليشيا.
البيان لا زال يُنكر على عامة الشعب الفهم و المعرفة و يفترض الغباء و الجهل. و أبرز ما فى البيان من غباء هو شكر يوغندا التى هى أحد داعمى الحرب و ترديد فزاعة الجنائية الدولية التى تتضائل أمام ما يحدث فى غزة. فمن يراهن على الجنائية خاسر. تجاهل و إدانة الاسلاميين هو أحد أوجه الغباء السياسي و أحد أسباب زوال (تقدم) آجلاً أم عاجلاً؛ فالأجيال الجديدة و جيل الحرب سوف يذكر من وقفوا و قاتلوا معه بالسلاح، و بالإعلام، و الغذاء و الكساء و ليس بمن أدانوا و ناصروا المليشيا ف(الانصرافى) وحده أكثر شعبية من كل قيادة تقدم الآن.
و (كتائب البراء) كائن حى بين الشباب فى القري و الأرياف و ميادين القتال، و ليس هراً ميتاً كلجان المقاومة اليسارية التى تتعاون مع المليشيا و معظم أفرادها المتعاونين قد أحصاهم الشعب و جهز لهم القوائم للمحاسبة و ليس للثناء. تقدم و أحزابها أصبحت كمرض الجدرى تحصن منه المجتمع السودانى، و كون مناعة دائمة ضد أطروحاته و عناصرها كما أن وجه الديمقراطية و المدنية العلماني القبيح لن يستسيغه عامة الشعب تماما كوجه مريض الجدرى.
بسبب مواقف تقدم الانفعالية فان القوات المسلحة ستحكم السودان لعشرات السنوات القادمة لعدم وجود معارضة نزيهة و جادة تعبر عن مطالب الشعب و ليس أطماع و أجندة الدول الخارجية أو اطماع (آل دقلو) الشخصية.
أما إذا حققت القوات المسلحة نصر عسكري كاسح فإنها لن تحتاج لقبول أو سند من معارضة ساندت مليشيا ضدها، تماماً كما حدث فى أوروبا بعد انتهاء الحرب الأوروبية الثانية مع الذين ناصروا هتلر. و ستستعين القوات المسلحة بمن تشاء من الشعب و من بينهم سيكون التائبون من العمالة، و من (تقدم) نفسها ومن قادة أفراد المليشيا القافزين من مركب الهلاك، و حينها لن يكون هناك وجود لتقدم و لا لأي من من عضويتها من ذوى الحالات النفسية الخاصة و ذوى الغباء السياسي و لا من من نفذوا أجندة إسرائيل المحتلة و دويلة الإمارات الأجيرة و لا الاتحاد الاوروبي الآيل للسقوط أمام النفوذ الروسي الصينى.
السودان ليس ملكاً للإسلاميين، و لكن الإسلاميون هو من يتقنون فن الفعل السياسي و يصنعون التاريخ فيه حتى الآن و التاريخ يصنعه المقاتلون كما تقول حقائق التاريخ إلا اذا كانت تقدم لا زالت تؤمن و تحلم بسيطرة المليشيا على أرض السود الأحرار بالمسيرات و بسلاح و أموال الإمارات و مرتزقة تشاد. قريباً سيفنى (روتو) و (موسفينى) و (آبي أحمد)، و ستزول تشاد و فقاعة أحلام دويلة الإمارات و سيبقى السودان و شعبه بإرادة الله القوى العزيز كما كان على مر التاريخ.
كل دول الجوار الحدودية سوف تخشي الانقضاض و الانقلاب على مصالحها من شعوبها نسبة لارتباط تلك الشعوب وجدانياً بشعور وقبائل داخل السودان، قد لا تستكين للعزل بل قادة تلك الدول سوف يخشون من الانقلابات علي ملكهم و حكمهم.
إضافه أن الدعم الدولى حتماً سيتوقف مع المصالح و محاور و تقلبات السياسة و تغيير الأنظمة الحاكمة الكبرى خاصة بعد يناير في أمريكا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى