مقالات الرأي
أخر الأخبار

العقوبات الإمريكية على مليشيا الدعم السريع المتمردة و تأثيراتها المحتملة على الشأن السوداني داخلياً و خارجياً … بقلم / د.عبدالباقي الشيخ الفادني

فرضت الولايات المتحدة عقوبات على قادة في قوات الدعم السريع السودانية متهمة إياهم بارتكاب جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية بما في ذلك التطهير العرقي.

تُشير هذه العقوبات و الاتهامات إلى تصاعد القلق الدولي بشأن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في السودان خاصة في دارفور يُعتبر تصنيف أفعال قوات الدعم السريع كإبادة جماعية خطوة جادة نحو محاسبة المسؤولين عن هذه الجرائم.

مع إقتراب نهاية ولاية الرئيس بايدن تسعى الإدارة إلى ترك بصمة واضحة في مجال حقوق الإنسان و مكافحة الجرائم ضد الإنسانية قد تكون هذه الخطوات جزءاً من جهودها لتحسين صورة الإدارة الحالية و خاصة بعد فشلها كوسيط محايد بين الحكومة السودانية و مليشا الدعم السريع المتمردة في جنيف و القاهرة.

كما أن النقاشات التي تمت في مجلس الأمن للأوضاع الإنسانية في السودان و مخرجات هذه النقاشات جعلت من الإدارة الأمريكية تلجأ إلى فرض تلك العقوبات للتغطية على مواقفها السابقة التي كانت تساوي بين الجيش السوداني و المليشيا المتمردة على الرغم من علمها بما إرتكبته تلك المليشيا من جرائم حرب و جرائم ضد الإنسانية .

من المحتمل أن تزيد هذه العقوبات من الضغوط على قوات الدعم السريع و داعميها مما قد يدفعهم البحث عن تسوية سياسية أو تغيير في سلوكهم العدائي ضد السودان.

تُشير التقارير إلى أن العقوبات الأمريكية المفروضة على قادة قوات الدعم السريع السودانية قد لا تكون فعّالة بشكل كامل في ظل الدعم المستمر الذي تتلقاه هذه القوات من جهات خارجية بما في ذلك دولة الإمارات، فوفقاً لمجلة “فورين بوليسي” فإن نجاح هذه العقوبات مرتبط بتعاون دول مثل الإمارات في وقف الدعم المالي و العسكري لقوات الدعم السريع، بالإضافة إلى ذلك أشارت تقارير أخرى إلى أن السودان طلب من الولايات المتحدة الضغط على الإمارات لوقف شحنات السلاح التي تصل إلى قوات الدعم السريع معتبراً أن ذلك قد يسهم في وقف الحرب الدائرة.

من جانبها دائماً ما تنفي الإمارات تقديم أي دعم عسكري لقوات الدعم السريع، و أكدت التزامها بالحل السلمي للأزمة السودانية، و مع ذلك فإن استمرار التقارير التي تشير إلى وجود دعم خارجي لهذه القوات يضع ضغوطاً على الدول المعنية للتأكد من عدم تسهيل أي دعم قد يساهم في تأجيج الصراع.

تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة على مليشيا الدعم السريع على المبادرة التركية للتوسط بين السودان و الإمارات:
1. العقوبات الأمريكية تزيد من تعقيد المشهد الدبلوماسي بين السودان و الإمارات، ما يضع تركيا في موقف صعب كمحاولة وسيط بين طرفين تجمعهما مصالح متناقضة في الأزمة السودانية، كما أن الضغط الأمريكي على الإمارات لوقف دعمها لقوات الدعم السريع قد يدفع أبوظبي إلى اتخاذ موقف دفاعي ما يعيق محاولات أنقرة لجمع الأطراف المتنازعة على طاولة الحوار.
2. تعزز العقوبات المفروضة على مليشيا الدعم السريع المتمردة حكومة السودان من شرعيتها الدولية لرفض أي وساطة تمنح قوات الدعم السريع صك البراءة أو تحاول إعادة تأهيلها سياسياً و قد تستخدم الحكومة السودانية العقوبات كورقة ضغط للمطالبة بوقف الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع كشرط لأي مفاوضات.
3. قد تُجبر العقوبات الإمارات على إعادة تقييم موقفها من قوات الدعم السريع بسبب الضغوط الأمريكية ما قد يجعلها أكثر حذراً في التعامل مع المبادرة التركية، أما إذا رأت الإمارات أن العقوبات قد تؤثر سلباً على مصالحها الإقليمية فقد تتجه إلى تقليل دعمها لقوات الدعم السريع ما يساهم في إنجاح الوساطة التركية.
4. قد تستثمر تركيا العقوبات الأمريكية لتعزيز دورها كوسيط محايد خاصة إذا نجحت في إقناع السودان و الإمارات بأن الحل السياسي هو الخيار الأفضل، و ربما قد تلعب أنقرة دوراً في تقديم ضمانات لوقف إطلاق النار و فتح مسارات سياسية ما يعزز من فرص نجاح المبادرة.

– السيناريوهات المتوقعة بالنسبة للعقوبات المفروضة على الدعم السريع بصورة عامة:
1. قد تشهد الفترة المقبلة مزيداً من العقوبات والضغوط على الأطراف المتورطة في الانتهاكات بهدف دفعها نحو وقف الأعمال العدائية.
2. قد تؤدي هذه الضغوط إلى تحفيز الحكومة السودانية للدخول في حوار جديد برعاية دولية للوصول إلى تسوية سلمية.
3. في حال عدم الاستجابة للضغوط الدولية، قد تتفاقم الأوضاع الإنسانية مما يستدعي تدخلاً أكبر من المجتمع الدولي.

السيناريوهات المحتملة لتأثير العقوبات المفروضة على مليشيا الدعم السريع المتمردة على المبادرة التركية :
1. نجاح المبادرة: إذا تجاوبت الإمارات مع الضغوط الدولية و أوقفت دعمها لقوات الدعم السريع قد تساهم الوساطة التركية في التهدئة.
2. سيناريو فشل المبادرة: إذا إستمرت الإمارات في دعمها لقوات الدعم السريع رغم العقوبات فإن المبادرة التركية قد تواجه عراقيل كبيرة و قد يتصاعد الصراع في السودان.

بناءً على ما سبق يمكن أن نخلص إلى الآتي:
1. إن تأثير العقوبات الأمريكية على الدعم الخارجي لقوات الدعم السريع بما في ذلك الدعم المحتمل من الإمارات يعتمد بشكل كبير على مدى تعاون الدول المعنية مع الجهود الدولية لوقف تدفق الأسلحة و التمويل إلى هذه القوات.
2. العقوبات الأمريكية تؤثر بشكل مباشر على مسار الوساطة التركية و قد تجعل نجاحها مرهوناً بمدى إستجابة الإمارات للضغوط الدولية واستعداد السودان للتفاوض على أساس شروط جديدة.
3. كما أن تركيا بحاجة إلى إظهار مرونة دبلوماسية و تقديم ضمانات ملموسة لتحقيق تقارب بين السودان و الإمارات لنجاح مبادرتها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى