
• هلت بشائر النصر بإذن الله، و وجب النهوض، و لا شك أن البداية: (إصلاح ما فى النفوس من عقائد و مفاهيم و رغبات و نوايا).
• مستعيناً بالله أدلو بدلوى بخواطر فكرية شاملة.
• الدين عند الله (منذ الأزل و حتى الأبد) واحد لا ثانى له، و هو الإسلام، بمعنى: (الخضوع التام لله و بالتالى الخضوع التام لنصوص كتبه -رسالاته و كلامه- بدون أي تحايل بدعوى تجديد أو غيره).
• و ما تعدد الأمم المسلمة إلا نتاج إبتلاء الله لكل أمة (بشرعةٍ و منهاج) مختلف، ليرى مدى استجابتهم.
{وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ ۚ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَىٰ ذَٰلِكُمْ إِصْرِي ۖ قَالُوا أَقْرَرْنَا ۚ قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ} [آل عمران : 81]
فإن أسلموا لله و كتبه، و أتبعوا الرسول الجديد نالوا أجرهم ضعفاً، و تنعموا بوحدة الأمة الإسلامية، و أما إن تمسكوا بما ألفوا عليه آباءهم، حبط عملهم فخسروا الآخرة و ذاقوا وبال الاختلاف فى الحياة الدنيا.
• و حتى لا نكون مثل المسيحيين (مسلمين لعقيدة التثليث على أنه نص، رغم أنه غير منصوص عليه حتى فى أناجيلهم المحرفة) يجب علينا تنقية و استخلاص (نصوص الكتاب) من اللغو و الشوائب و تفاسير و إضافات البشر، وقد نبهنا الله إلى ذلك بقوله: {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَا تَسْمَعُوا لِهَٰذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ} [فصلت : 26]
• النصوص الإلهية المقدسة متنوعة جمعت و فصلت فى الآية: {كَمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولًا مِّنكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُم مَّا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُونَ} [البقرة : 151]
و كلها (سنةً) عن الرسول صلى الله عليه و سلم، و ليس لمؤمنٍ و لا مؤمنة الخيرة فيها، منها سنن نتعبد باتباعها و بتلاوتها فى الصلوات، و نصطلح على الإشارة إليها (بالقرآن الكريم) ، و سنن أخرى نتعبد باتباعها دون تلاوتها فى الصلوات، و اصطُلِح على الإشارة إليها (بسنن وقفية) إذ أنها بوحى و وقف من الله.
• و الرسول مأمور بالتدين (أى بتطبيق الدين) قبل البلاغ، و بذا كان أول مسلمى أمته فاستحق أجره و مثل أجر من اتبعه إلى الساعة (ينتفع بالاتباع لا بتدبيج القصائد و الترنم بها)، و بالطبع صارت له ما اصطُلِح على الإشارة إليها (بسنن إجتهادية) للمؤمنين أن يجتهدوا فى تنفيذها أو استبدالها بما هو أنسب لتحقيق المراد.
• و لتوضيح (الوقفى و الاجتهادى) إليك بعض الأمثلة:
1. تلاوة القرآن وقف و ما عدا ذلك اجتهاد.
2. التزكية : للتقريب ما عرف بالعبادات ، ومنها : الصلوات فرضت بالقرآن وإقامتها كما أقامها الرسول سنن وقفية ، والتنفل وكيفيته سنن وقفية ، أما عدد ركعات وأوقات التنفل فهى سنن إجتهادية ( إجتهد الرسول فيها حد وسعه ووقت فراغه ، ولنا أن نزيد وننقص الركعات حد وسعنا ولنا أن نختار وقت نفلنا حسب فراغنا )
3. الكتاب: للتقريب ما عرف بالمعاملات، و منه: مبدأ مجاراة العصر عند تطبيق أوامر الله (سنة وقفية)؛ فالرسول لم يسأل عن أدوات عصر الأنبياء من قبله (و قد أمر بالإقتداء بسنتهم)، بل اجتهد فى استخدام ما توافر فى عصره، فلم يشذ بمشرب أو مأكل أو ملبس أو مسكن، و إن امتاز بتوخى الحلال الطيب الطاهر النظيف، و عليه فاختياره لأدوات عصره ( سنة اجتهادية) مثلما اجتهد الرسول فى تنفيذ أمر الجهاد فقاتل (بالسيف) لتحقيق النصر و اليوم نقاتل (بالمسيرات) لتحقيق ذات النصر.
4. الحكمة: للتقريب ما عرف بالفقه، و منها: مبدأ (الاجتهاد المنسجم مع النصوص العامة) فيما لم يرد فيه نص خاص ( سنة وقفية)، و للرسول (سنن اجتهادية) سواء فى اختيار أهون الشرور أو أيسر الأمور … إلخ كفرد، و كزوج ، و كقائد أعلى و حاكم.
بما تقدم من بيان أهمية ( السنة الوقفية والاجتهادية ) يجب إستخلاصها مما شابها من الشوائب ، فكيف بنا ( يوم يسأل الله الرسل ) اذا سئل سيدنا محمد عن كثير من النصوص التى ابتدعت : أأنت قلت للناس كذا ؟ ..
• ولإغفال الفقهاء ضرورة تنقية النصوص قبل الإستنباط منها ، ولئلافهم مسالك من قبلهم ، صار ( الفقه ) عبارة عن ( توليد لمعانى او لنصوص ) للزوم الفعل او الترك ، ولنضرب مثلاً للتوضيح : تخيل عدم خروج سيدنا ادم وزوجه من الجنة ، ثم تأمل : كيف كنا سنتفرق فى ديننا بتطبيق الفقه الحالى على ( نص واحد ) وهو قوله جل وعلا :
{وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلَا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ} [البقرة : 35]
1. الظاهريون: سيحرمون (القرب من الشجرة) و قد يحللون لاحقاً الأكل من ثمرتها إن جاءت بها الريح أو غيرها بعيداً عن الشجرة.
2. الباطنيون: سيعتبرون الشجرة رمزاً لغيره و قد يحرمون شيئاً آخراً.
3. ثم يتواصل مسلسل (التحريم) سداً للذرائع، و بالقياس، و بافتراض علة التحريم، و بافتراض مقصد التحريم … إلخ و هكذا يتم تحريم معظم شجر الجنة و منافعها لتماثل قريب أو بعيد من الشجرة الوحيدة المحرمة كل ذلك إستنباطاً من آية واحدة.
4. ثم يتواصل مسلسل التحريم (بافتراض أن النص المذكور محدود، و الحوادث – أشجار الجنة الجديدة أو المتجددة – غير محدودة) و يتم إلباس سير السلف و أقوالهم لبوس النصوص و قدسيتها.
5. بمرور الزمان فى الجنة، و زيادة عدد الناس، و كثرة المحرمات، و تنامى الحاجة إلى (ما حرموه بفقههم) يبدأ مسلسل التحليل: للضرورة، و لجلب المصالح و بالقياس، و بافتراض علة التحليل، و إبطال علة التحريم، و افتراض المقاصد … إلخ
عليه يجب مراجعة الفقه و تأصيله و استخلاصه من الشوائب، و فصل النصوص المقدسة عن الاجتهاد البشرى الشرعى.
• وعندئذٍ نجد الإسلام كما أنزل: صالحٌ لكل زمانٍ و مكان، شاملٌ لم يُغفِل شيئاً، و بلا حرجٍ أو حاجةٍ الى أى إضافة.
• فيتيسر تطبيق النصوص الإلهية المقدسة بخضوع تام بلا خيرةٍ أو حيلةٍ.
• بإذن الله أغتنم كل جمعة لنبذ اللغو و الشوائب عن الدين الحق بالترتيب التالى: علوم القرآن، ثم علوم السنة، ثم مفاهيم عامة شاملة ثم نماذج تطبيقية.
• اللهم أصلح عملى كله، و أخلصه لوجهك الكريم و تقبله بالتوفيق و السداد.