مقالات الرأي
أخر الأخبار

انتفاشة الباطل باحتضار أمريكا و صحوة موتها .. بقلم/ اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

● التاريخ يُخبرنا بأن كلَّ إمبراطورية تكون فيها نُخبةٌ عرقيةٌ متسلطة ، وبمجرد شعور هذه النخبة بتراخي قبضتها بسبب عامل من العوامل ، فإنها تنتهج سلوكاً يفضي في نهاية الأمر إلى انهيار الإمبراطورية برُمَّتها ، والنخبة البيضاء التي أنشأت و حكمت الولايات المتحدة بدأت في التحول إلى أقلية ديمغرافية تستند إلى المال و السلطة، و حسابات الأرقام تؤكد أنها قريباً ستفقد السلطة و سيتبعها المال بلا شك، و هذا عاملٌ هامٌ يفسر كثيراً مما يراه الناس في أمريكا و تصرفاتها، و التي تكابدُ اليوم واحدةً من أحرج أوقاتها في التاريخ الحديث، و من ذلك:-
▪️ الانقسام السياسي.
▪️التشظّي المجتمعي.
▪️كارثة الديون.
▪️التراجع الاقتصادي.
▪️الهزيمة التكنلوجية أمام الصين.
▪️تنامي نزعات الانفصال في كاليفورنيا و تكساس.
▪️تفسُّخ كل منظومة القيم التي تأسست عليها الولايات المتحدة الأمريكية.
▪️تحول الديمقراطية داخل أمريكا إلى أوليغارشية يتلاعب بها المليارديرات.
▪️وجود آلاف المليشيات و العصابات و انتشار الأسلحة في كل بيت أمريكي تقريباً.

🔵من الخطأ الشائع تفسير سياسات دونالد ترمب على أنها رؤية رجلٍ واحد، و قد كان أصحاب هذا الفهم معذورون عام ٢٠١٧م، و لكن فوزه في الانتخابات الأخيرة و شعبيته دليلٌ واضحٌ على أنه يُعبِّر عن رؤىً مدروسةٍ بعناية، و تسندها شرائح مؤثرة من أصحاب الأموال و الجماهير الذين تتقدمهم الكتلة البيضاء من ذوي الميول الشعبوية. و هناك ضحايا لهذه السياسات أكثر من أن يُحصروا، و منهم :-
▪️الدستور الأمريكي الذي خرقت قرارات ترامب عدداً من بنوده و لا سيما تلك المتعلقة بالمواطنة و حرية الرأي.
▪️المؤسسات الأمنية و على رأسها الجيش، و البنتاغون، و مكتب التحقيقات الفيدرالي و وكالة المخابرات المركزية.
▪️المؤسسات العدلية النيابية و القضائية.
▪️المؤسسات المالية.
▪️المعونة الأمريكية.
▪️الموظفين الفيدراليين.
▪️نصف أعضاء مجلسي النواب و الشيوخ.
▪️الحزب الديمقراطي.
▪️أعضاء و قادة في الحزب الجمهوري و منهم النواب Mitt Romney, Liz Cheney
▪️أساتذة و طلاب الجامعات الأمريكية.
▪️مراكز دراسات و بحوث كبيرة.
▪️غرفة التجارة.
▪️شركات ضخمة في وادي السيليكون.
▪️سوق الأوراق المالية في وول ستريت.
▪️جماعات الشذوذ الجنسي.
▪️الجماعات الحقوقية.
▪️جماعات السود.
▪️وكالات الإعلام.
▪️اتحادات العمال.
▪️منظمات حماية البيئة.
▪️عصابات المخدرات (الفنتالين).
▪️المهاجرين الذين هم أحد أعمدة الاقتصاد الأمريكي.
▪️الصين.
▪️الأمم المتحدة (HRC, WHO,FAW).
▪️دول الاتحاد الأوربي.
▪️كندا والمكسيك.
▪️بريطانيا.
▪️أوكرانيا.
▪️إيران.

🔵أمريكا بلد يعُجُّ بمجموعات الضغط، فغالبية الدول الأوربية لديها مجموعات ضغط داخل الولايات المتحدة، و أكبرها مجموعات الضغط البريطانية والفرنسية والأسبانية إذ أنها الدول التي كانت تستعمر أمريكا الشمالية ، ولا تقل عنهم مجموعات الضغط الإيرلندية والألمانية ، وهذه جميعها أصبحت اليوم في خانة العداء للسياسات الجديدة ، ومن الضروري الفهم بأن جماعات الشذوذ الجنسي أو البيئة وغيرها في أمريكا هي هيئات ومنظمات وجمعيات ومؤسسات بلغت قوتها أنها استطاعت فرض قِيَمها على أغلب دول العالم ، وهي كانت تعتبر أمريكا أقوى أسلحتها لتحقيق أهدافها، كما أن إدارة الكفاءة الحكومية (التمكين) التي يقودها إيلون ماسك تستهدف الملايين من كبار الموظفين الذين تستند غالبيتهم لمجموعات ضغط قوية يخشى واضعوا السياسات الترامبية سطوتها و لذلك يريدون تفكيكها.

🔵إن أكبر ضحية لسياسات ترامب هو اللوبي الصهيوني و الصهيونية العالمية و لقيطتهم إسرائيل التي يسوقها ترامب إلى حافة الهاوية بالإغواء، و سيتركها لمصيرها المحتوم فتتخلَّص أمريكا من هذا العبئ الذي أصبح بالغ الكُلفة و عديم الفائدة و حتمي الزوال، و الصهاينة الذين يؤمنون بضرورة ديمومة إسرائيل سيرون في ترمب العدو الأكبر لمشروعهم، و لا سيما بعد أن تتكشَّف الحقائق عن اغتيال جون و روبرت كندي و مارتن لوثر كنج و أحداث الحادي عشر من سبتمبر.

🔵المؤكد أن المستهدفين بسياسات ترمب في الداخل الأمريكي لن يستسلموا، كما أنهم لن يهاجروا، و عقلية (الكاوبوي) التي انتهجها ترمب سوف يضطر هو نفسه لمواجهتها من خصومه، و مبارزة الكاوبوي هذه لن تكون فرديةً بحيث ينتهي العزاء فيها بانتهاء مراسم الدفن كما حدث لجون كندي، و ترمب الذي يعلم ذلك أكثر من أي شخصٍ آخر بعد أن تعرَّض للمحاولتي اغتيال … هو الذي ألغى السرية عن حوادث الاغتيال ليؤكد أن أي تكرار لهكذا محاولة ستكون ابتداراً لمبارزة شاملة و حرب أهلية كاملة، و لكن ماذا تبقى لأعداء ترمب سِوى الأسنَّة مركباً، و الواقع أنه من الصعب تجنُّب الحرب الأهلية حال بقاء ترمب بسياساته لكامل فترته الرئاسية، و من المستحيل تجنُّبها في حال اغتياله المُرجَّح أو عزله غير المُستَبعد … و في كل الأحوال فإن الولايات المتحدة الأمريكية التي نعرفها إما ستتفكك تماماً أو ستنفصل أجزاء منها قبل نهاية فترة ترمب الرئاسية.

🔵أمريكا التي فقدت ريادتها القِيَمية و الاقتصادية و التكنلوجية فانسحب عليها خسارة الكثير من نفوذها الجيوسياسي لم يتبقّ لديها سوى استعلائها على الآخرين بعضلاتها العسكرية التي تبتز بها حلفاءها الغربيين، و هذا ما يجعل ترمب يُفْرِط في استعراض عضلات بلاده في الشرق الأوسط لما يعلمه من تفريط قادة المنطقة في سيادة بلادهم و ثرواتها بعد غسلوا أنفسهم من المروءة و الشرف، و ترمب الذي يعلم يقيناً أنه و بلاده أعجز من القدرة على إنفاذ تهديداته بتهجير سكان غزة إنما يرمي إلى:-
▪️الإمعان في إذلال وابتزاز رؤساء المنطقة وتقزيمهم أمام شعوبهم توطئةً لسقوطهم واستئناف الفوضى الخلاقة في المنطقة وتفعيل خطة حدود الدم التي كتبها الجنرال رالف بيترز ونشرتها مجلة الدفاع الأمريكية عام ٢٠٠٥م، حيث بات مؤكداً بأن هذه الأنظمة فقدت أدنى مقومات بقائها سواءً دعمتها أمريكا أم لم تدعمها.
▪️تسريع عملية سقوط إسرائيل في الهاوية التي تقف على حافتها.
▪️تدخُّل أمريكا عسكرياً لإعادة ترسيم جغرافيا الخليج و المنطقة، و استعادة تحالفها القديم مع إيران كبديل لزوال إسرائيل، و قليلون هم الذين اكترثوا لحديث ترمب المعسول في مؤتمره الصحفي عن إيران و شعبها.

🔵في استشفافٍ غير كامل الإعتساف قبل عامٍ و نيِّف سردنا كيف يتغيَّر عالم ما بعد الحرب العالمية الثانية الذي استنفذ أغراضه، و المُدقِّق في سياسات ترمب سيرى أثرها على ما سبق استقراؤه قبل عامٍ لما سيجري قبل ٢٠٣٠م:-
▪️انحسار عصر الأيدلوجيا وسيادة عصر التكنولوجيا.
▪️تقزم الثورة الصناعية و تعاظم الثروة المعرفية.
▪️اضمحلال الدولة القطرية و تنامي التأثير الإقليمي و العالمي و تغيُّر الجغرافيا الدولية.
▪️تراجع أهمية موارد الطاقة التقليدية وتزايد انتشار واستخدامات الطاقة البديلة.
▪️انبعاث عوامل الصراع والنفوذ البشري حول الماء والغذاء.
▪️زوال إسرائيل.
▪️تفكك الاتحاد الأوربي.
▪️تفكك الاتحاد الفيدرالي الأمريكي.
▪️احتضار الديمقراطية و انطلاق الأوتوقراطية الرقمية.
▪️اتساع الاضطراب الشرق أوسطي ليشمل مصر والجزيرة العربية.
▪️استفحال الحرب العالمية عسكرياً و اقتصادياً و سوبرانياً و جرثومياً و بيئياً و ربما نووياً.
▪️تصدُّر الإسلام سياسياً في المحيط الشرق أوسطي.
▪️ريادة جيل جديد بآفاق جديدة في السودان، و عدد من الدول العربية ، و انتهاء عهد الأحزاب التقليدية و العائلات التي صنعها الاستعمار.

٧ فبراير ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى