مقالات الرأي
أخر الأخبار

حتى لا يكون النصر مأسسةً لحربٍ جديدة .. بقلم/ اللواء (م) مازن محمد اسماعيل

دعم الشعب السوداني لمؤسسة القوات المسلحة و القوات النظامية الأخرى غير مشروط ، لأنها الأقدم تأسيساً، و الأشمل تكويناً، و الأخلص لشعبها منذ تأسيسها و على امتداد أنظمة الحُكم الوطنية و حتى اليوم، و لكن دعم الشعب لقيادة هذه المؤسسات لطالما كان محدوداً بأمَدٍ و مشروطاً بأداء، و هذه المحدودية المشروطة هي ما حملت الجيش و القوات النظامية الأخرى على الاصطفاف إلى جانب الشعب ضد قيادة الجيش في ١٩٦٤م و ١٩٨٥م و ٢٠١٩م، و لطالما كان جيشُنا يخوض الحرب تلو الحرب منذ الاستقلال و حتى اليوم، و لم يتغير شيء من معادلة العلاقة بين الشعب و  الجيش وقواته النظامية، فدعم الشعب لقيادة الجيش محدودٌ و مشروطٌ بما عاهدت عليه القيادة جيشها و شعبها من النصر المُطلق و العدالة المطلقة و عدم المساومة، و هذه الشرطية قائمةٌ مهما تعالت أصوات الجنجوريين هنا و هناك، و لهذه القيادة حق الدَّعم و المُناصرة و الطاعة ما أوفت بواجبها و التزاماتها، و لها على الناس كذلك حقُّ النُّصحِ و النَّقد متى ما تطلَّب الأمر ذلك كما أنَّ من حقِّها الانصراف مشكورةً متى ما استشعرت ثِقَلَ الواجبِ و طول الأمدِ فوق طاقتها.

🇸🇩 إن حقوق المواطنة لا تحتاج مِنحةً من أحد، و سيادة القانون فوق كلِّ أحد، و ما هبَّ الشعب باذِلاً أرواحه و مُستنفِداً وُسعَه إلا دِفاعاً عن الحَقِّ و الكرامة، فالحقوق إذا لم تكُن سجيَّةً ألجأت الناس لانتزاعها، و قوة الحقِّ إن لم تستعلي بالقانون استوجب رفعها بحقِّ القوة، و ليس التلاعُب بالحقوق الفِطرية و القانون مما يُسْتَجلبُ به النَّصر أو تستقِر به الأوطان، فإن الأخذ على يدِ الظالم و أطْرُه بالقانون على الحق أطْرَاً هو الحِصنُ من ضرب قلوب الصَّف الوطني بعضها ببعض.

🇸🇩إن باب التوبة الوطنية عن العمالة و التمرُّد و الظُّلمِ، و الأوبة إلى الحقِّ و العدلِ مفتوح، و لكنَّ التوبة لابُد أن تعبُر من خلال مُستوجباتها الوطنية التي تقتضي:-
١. الإعتراف عَلَناً (كما تمَرَّدوا عَلَناً) بالجُرمِ و العمالة و الخطأ و النَّدمِ على ذلك .. لا بتبريره.
٢. الارتداد الفوري عن العمالة و التمرُّد إلى صفوف الوطن و الطَّاعة .. لا بالمساومة عليها.
٣. الإنصاف من الذات بِردِّ المظالم بالقانون .. لا برغبة صاحب السلطة.
٤. استعادة حقوق المواطنة كامِلةً بعد ذلك و بالتساوي مع غيرِهم بالقانون .. لا بصفقةٍ بين ذوي الوُدِّ أو المصالح المُشتَركة.

🇸🇩من الصَّعب أن يخسر السودان و السودانيون أكثر مما خسروه، و من الحماقة محاولة الصِّراع مع من لم يعُد لديه كثيراً مما يخشى خسارته، و إنَّ من الخيانة التي لا تُغتَفر .. جعل كلِّ تلك الدِّماء و الأعراض و الأموال و مئات الآلاف من الأرامل و ملايين الأيتام تضيع تضحياتهم هَدَراً من أجل استقرار عرش السُّلطة لشخصٍ أو فِئة، و اليوم قِيادة البلاد و قواتها النظامية و شعبها في أمانتهم هذه بالخيار .. ما بين أن يكون عشرات الملايين من الضحايا أعلاه و الأجيال القادمة التي سيترتبُ عليها مآلات هذه الحرب شُفعاء لهم أو خُصوماً لهم، و قد علَّمتنا التجارب بأن بعض النَّاسِ لا يُبالون أن يبيعوا بلادهم و شعبهم و خاصة أهلهم و آخرتهُم بِحفنةٍ أموالٍ يقتَرِفونها أو سُلْطةٍ يرضونها، و بعضهم يستميتون في أن يبيعوا لمَرضٍ في قلوبهم فإنهم يبيعون ذلك كله بمصلحةٍ قد يُصيبها غيرِهم، و أولئكم هم أدنى العدو، و من لم يتفكَّر في العواقب فما الدهر له بصاحب و من البَليَّات توضيح الواضحات.

١٣ فبراير ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى