مقالات الرأي
أخر الأخبار

خبير: إثيوبيا تسعى لإطفاء حرائق دول شرق أفريقيا لحماية مصالحها في المنطقة

بقلم الأستاذ/ الهضيبي يس

ما إن تهدأ وتيرة الخلافات بين الجارتين إثيوبيا والصومال حتى تعود مجددًا بتبادل الاتهامات والتهديدات، ما أصبح يشكل مؤشرًا لاحتمالية وقوع مواجهات قد تحمل الطابع العسكري والاقتصادي معًا، بالرغم من اللجوء مؤخرًا لخيار التسوية “السياسية”.

ويشكل عنصر فقدان الثقة السمة الأساسية في طابع التعامل بين الدولتين الواقعتين في محيط منطقة شرق أفريقيا. كل ذلك وغيره كان محط مقابلة أجراها موقع “أفريقيا برس” مع الخبير في الشؤون الإثيوبية محمد الحسن كبوشية.

كيف تنظر إلى التحركات الإثيوبية في منطقة شرق أفريقيا؟

هذه التحركات تأتي بدافع المصالح المشتركة، حيث تسعى إثيوبيا لتحقيق استقرار منطقة شرق أفريقيا ودول الجوار، خاصة السودان والصومال. ذلك لأنها تمتلك مشروعًا استراتيجيًا كبيرًا مثل “سد النهضة”، ولا ترغب في أن يتأثر أو يؤثر عليه أي طرف، سواء داخليًا أو خارجيًا. لذلك، نجد أن إثيوبيا تعمل على إطفاء الأزمات بسرعة لضمان مصالحها ومنع تفاقم الأوضاع التي قد تؤثر عليها بشكل كبير في المستقبل.

ما حقيقة وقوع خلافات بين إثيوبيا وجيبوتي بسبب أرض الصومال؟

نعم، هناك خلافات نشبت مؤخرًا بين الدولتين نتيجة للاتفاق الذي أبرم بين أديس أبابا وأرض الصومال، والذي منح إثيوبيا حق تشغيل وإدارة ميناء بربرة لمدة خمسين عامًا.

هذا الاتفاق دفع جيبوتي للإعلان عن ميناء “باجورا”، مما يشير إلى أن الخلاف بينهما اقتصادي بالدرجة الأولى وليس سياسيًا. يبدو أن الاتفاق أثار مخاوف جيبوتي من فقدان إثيوبيا كحليف استراتيجي.

كما تشير التوقعات إلى احتمالية وقوع خلاف بين جيبوتي والصومال بسبب موقف جيبوتي الداعم لحق إثيوبيا في الحصول على منفذ مائي. وعلى الرغم من صغر مساحة جيبوتي الجغرافية، إلا أن لها تأثيرًا كبيرًا على مستوى الممرات المائية الإقليمية ومحاربة القراصنة والجماعات الإرهابية.

كثيرًا ما وجهت الصومال اتهامات لإثيوبيا بانتهاك أراضيها وخرق سيادتها، كيف تفسر ذلك؟

ما يحدث من قبل الصومال تجاه إثيوبيا يُعد أمرًا طبيعيًا إلى حد كبير، حيث تدرك الدوائر الصومالية جيدًا حجم وأهداف المشاريع الإثيوبية في المنطقة.

إثيوبيا تسعى للحصول على منفذ مائي على البحر الأحمر ولعب دور الوصاية الإقليمية على دول منظومة شرق أفريقيا. وقد عملت مؤخرًا على إقامة تحالفات مع دول مثل الإمارات العربية المتحدة وفرنسا، بهدف كسب دعم لتنفيذ مشاريعها بصورة اقتصادية وسياسية، وضمان وجودها كقوة فاعلة في ظل التحولات الجيوسياسية العالمية.

ما الهدف برأيك من وراء المساعي الإثيوبية في الصومال بهذه الصورة؟

يبدو أن الهدف الرئيسي هو تحقيق استراتيجية اقتصادية بحتة، ويظهر ذلك من خلال توجه رئيس الوزراء الإثيوبي، أبي أحمد، إلى تبني نهج تنويع الخيارات وعدم الاعتماد على جهة واحدة فقط.

لذلك، فضّل توقيع اتفاق مع أرض الصومال لعدة أسباب، أبرزها القدرة على فرض السيطرة على الإقليم، بالإضافة إلى استغلال التناقضات والخلافات الداخلية في الصومال لصالح المشروع السياسي والاقتصادي الإثيوبي.

إذن كيف تقرأ مستقبل العلاقة بين الدولتين؟

هناك توقعات بوقوع صدام ومواجهات عسكرية بين إثيوبيا والصومال بسبب حالة التوتر المستمرة والتقلبات في طبيعة العلاقة بينهما. لكن يمكن التأكيد أن المصالح المشتركة التي تجمع الدولتين أكبر بكثير من اللجوء إلى خيار المواجهات.

بالإضافة إلى ذلك، فإن كلًا من إثيوبيا والصومال ليستا بمنأى عن قضايا منطقة القرن الأفريقي وما تحمله من أهمية قصوى للعالم اقتصاديًا. كما أن بعض الأطراف الإقليمية، مثل مصر والسعودية، لن تسمح بتأثر مصالحها نتيجة لأي مواجهات قد تحدث، نظرًا لارتباطها الوثيق بحركة الملاحة في مضيق باب المندب وخليج عدن.

وأي اضطرابات أو هزات ستترك تأثيرات أمنية كبيرة على المنطقة ككل، التي باتت تشكل أهمية بالغة على الصعيدين الإقليمي والدولي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى