مقالات الرأي
أخر الأخبار

زيارة رئيس مجلس السيادة السوداني إلى تركيا: مرحلة جديدة من التعاون الاستراتيجي .. بقلم/ د .ميادة كمال الدين ..إسطنبول .. خبير العلاقات السودانية التركية

وصل رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان إلى تركيا لحضور منتدى أنطاليا الدبلوماسي في الفترة من 11 إلى 13 أبريل بدعوة خاصة من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان. و تأتي هذه الزيارة في إطار أهمية تركيا باعتبارها الدولة الثالثة التي يزورها البرهان بعد زيارته القصيرة إلى المملكة العربية السعودية و إريتريا المجاورة عقب تحرير العاصمة الخرطوم من قوات الدعم السريع في 26 مارس/آذار الماضي. و قد كشف هذا الوضع مرة أخرى عن أهمية تركيا بالنسبة للسودان. و تكتسب هذه الزيارة أهمية كبيرة من حيث تعزيز التعاون الإستراتيجي بين البلدين.

و تعد هذه الزيارة أيضًا الزيارة الرابعة التي يقوم بها البرهان إلى تركيا بعد الحرب التي بدأت في السودان في أبريل 2023. و من شأن زيارة البرهان أن تساهم في تعزيز مكانة تركيا كقوة فاعلة إقليمية.

و تأتي هذه الزيارة تعميقاً للعلاقات الإستراتيجية بين البلدين و استمراراً للعلاقات التاريخية بين البلدين. و تأتي الزيارة في أعقاب الدعم العسكري و السياسي الذي قدمته تركيا للسودان مؤخرًا و يعتبر ذلك في هذه المرحلة خطوة دبلوماسية مهمة قد تؤثر على مستقبل السودان السياسي و التوازنات الإقليمية.

ماذا خرج به لقاء أردوغان وبرهان؟
و كان اللقاء الأهم الذي عقده البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني، الذي سبق أن زار تركيا، مع الرئيس رجب طيب أردوغان في 12 أبريل/نيسان الماضي ضمن قوات الدفاع الأسترالية. و سجل هذا اللقاء كاجتماع دبلوماسي حيث تمت مناقشة خطوات مهمة لمستقبل العلاقات التركية السودانية والاستقرار الإقليمي.

وشملت المواضيع التي تمت مناقشتها خلال الاجتماع العلاقات بين تركيا و السودان، و جهود الوساطة التي تبذلها أنقرة لإنهاء الحرب الأهلية في السودان و إعادة تشكيل هيكل الأمن الإقليمي. و كان المحور الرئيسي لهذا الاجتماع هو دعم تركيا لوحدة أراضي السودان، فضلاً عن التزاماتها بالمساعدات العسكرية و الإنسانية.

و أكد الرئيس أردوغان أنه سعيد بتطور التعاون بين تركيا والسودان يوما بعد يوم، وأن تركيا ستقدم الدعم لإعادة إعمار و تطبيع الأوضاع في السودان بعد انتهاء الصراعات، و أن الحفاظ على وحدة أراضي السودان و سيادته أمر مهم بالنسبة لتركيا.

و أعرب البرهان عن ارتياحه لمواقف تركيا الداعمة للسودان في المحافل الإقليمية والدولية، وحرصها على حماية سيادة السودان و وحدة أراضيه، و دعمها للشعب السوداني و المساعدات الإنسانية التي قدمتها خلال الأزمة السودانية.

و حضر الاجتماع أيضًا وزراء الخارجية، و الطاقة، و الموارد الطبيعية و الدفاع الوطني في كلا البلدين. و تشير مشاركة رؤساء أجهزة الاستخبارات و مستشاري السياسة الخارجية و الأمن في الاجتماعات إلى أن العلاقات بين البلدين ستكتسب أهمية أكبر في الفترة المقبلة.

البعد الإستراتيجي للعلاقات التركية السودانية
اكتسبت العلاقات بين تركيا والسودان بعداً استراتيجياً، خاصة في السنوات الأخيرة. وتعززت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية بين البلدين بشكل كبير بعد زيارة الرئيس أردوغان للسودان في ديسمبر 2017. وخلال هذه الزيارة، وقع البلدان 22 اتفاقية ومذكرة تفاهم في مختلف المجالات واكتسبت العلاقات الثنائية زخماً واسعاً.

فتحت زيارة البرهان إلى تركيا يومي 12 و13 أغسطس/آب 2021 صفحة جديدة في العلاقات الثنائية. وشكلت هذه الزيارة بداية لتقارب متجدد في العلاقات. ورافق البرهان في هذه الزيارة وزراء المالية والدفاع والزراعة والصحة والتعليم العالي. واعتبرت الزيارة خطوة مهمة في الفترة الانتقالية بالسودان، وتم خلال الزيارة توقيع سبع اتفاقيات ومذكرات تفاهم شملت مجالات الزراعة والطاقة والدفاع والمالية والإعلام.

في ظل ظروف الحرب التي يعيشها السودان، فإن الدعم والمساعدات الإنسانية التي تقدمها تركيا للشعب والحكومة السودانية لها أهمية كبيرة. ويمكننا القول إن الدعم الذي قدمته تركيا للسودان لعب دورًا حاسمًا في عملية تطهير الخرطوم من مليشيات الدعم السريع و يكشف هذا الدعم أيضًا عن البعد العسكري و الأمني ​​للتعاون الاستراتيجي بين البلدين.

مستقبل العلاقات الثنائية:-
و من المتوقع أن تؤدي زيارة البرهان إلى تركيا إلى تعزيز العلاقات بين البلدين. وفي تصريح سابق له، أكد وزير الخارجية السوداني أن العلاقات مع تركيا تم تطويرها بهدف “إقامة علاقات قوية مبنية على رؤية استراتيجية”.

ومن الأهمية بمكان تطوير العلاقات التجارية بين البلدين، و زيادة تواجد واستثمارات الشركات التركية في السودان، وأن تلعب تركيا دورا أكثر نشاطا في عملية إعادة إعمار السودان بعد الحرب. و من بين القضايا المهمة أيضاً أن تركيا أعربت صراحة في الاجتماع الأخير عن دعمها لإنهاء الحرب الحالية في السودان بشكل كامل و تحقيق الاستقرار في البلاد. وفي هذه المرحلة، تجدر الإشارة إلى أن البرهان شارك خلال الزيارة آراءه حول الوضع الحالي في السودان و إعادة إعمار البلاد و قضايا الأمن الإقليمي.

و تكتسب زيارة البرهان إلى تركيا أهمية ليس فقط على صعيد العلاقات الثنائية، بل أيضاً على صعيد التوازنات الإقليمية و الدولية. و واصل البرهان بحثه عن الدعم الدولي من خلال عقد العديد من اللقاءات الثنائية في إطار التحالف الديمقراطي.

و بناء على ذلك، فإن اللقاء بين الرئيس أردوغان ورئيس مجلس السيادة السوداني البرهان سيكون حاسما لمستقبل العلاقات بين البلدين. و نظراً لحالة الأزمة السياسية والحرب التي يمر بها السودان، فإن تركيا بحاجة إلى خبراتها من أجل إعادة الإعمار و التنمية.

و من شأن الخطوات التي سيتم اتخاذها نتيجة هذه الزيارة أن تساهم في تعميق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. علاوة على ذلك، فإن هذه الزيارة لديها القدرة على التأثير ليس فقط على العلاقات بين البلدين، بل أيضا على الديناميكيات الإقليمية. إن موقع تركيا في منطقة القرن الأفريقي قد يؤثر أيضًا على علاقاتها مع البلدان الأخرى في المنطقة، و هو ما قد يوفر فرصًا جديدة لتعزيز التعاون الدولي.

إن تعزيز العلاقات بين تركيا والسودان من شأنه أيضاً أن يمهد الطريق لزيادة التعاون الاقتصادي و التجاري. و في هذا السياق، ستكتسب أهمية تطوير مشاريع مشتركة لزيادة حجم التجارة وتشجيع الاستثمارات بين البلدين. و ستلعب المشاريع المشتركة دورا هاما في تحقيق الأهداف التنموية لكلا البلدين، وستمهد الطريق لإقامة علاقات ذات منفعة متبادلة. و لن يدعم هذا التعاون النمو الاقتصادي فحسب، بل سيعمل أيضًا على تعميق التبادلات الثقافية و العلاقات الإنسانية بين البلدين، مما يخلق صداقة دائمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى