
في العام 2000 و بعد دخول النفط في الموازنة السودانية و تأكد للمشككين في الداخل والخارج أن السودان في طريقه ليصبح دولة بترولية متقدمة، و أن الجيش ماضٍ لحسم الحرب التي تمت هندستها في الجنوب لاستنزاف موارد البلاد و إبقائها دولة متخلفة، و هو ما سيؤدي لهزيمة المشروع الصهيو غربي، هنا جُن جنون الولايات المتحدة الأميركية و الدوائر المعادية للسودان فقامت حملة غير مسبوقة لحرمان السودان و جيشه من تحقيق الانتصار و الإنطلاق نحو النهضة و الإزدهار.
تبنت إدارة بوش تقرير مركز الدراسات الإستراتيجية و الدولية كسياسة تجاه السودان، و هو بالمناسبة واحد من أخطر التقارير التي ساهمت في تغيير السودان الحديث و فصل جنوبه، و كان عنوانه (دولة بنظامين)، و علي ضوئه تم تعيين القس (دانفورث) مبعوثًا للسودان ليشرف علي المفاوضات بين الحكومة و الحركة الشعبية لتحرير السودان، ينص ذلك التقرير علي الآتي (أدي دخول النفط عاملًا في الصراع إلي توسيع الإختلال في الميزان الإستراتيجي بين الحكومة و معارضيها، و أوضح بصورة جلية أن فرص تحقيق نصر عسكري بواسطة المتمردين و حلفائهم من الشماليين أصبحت أضعف، و بمرور الوقت فإن التهديد الذي يمثله الجنوب للحكومة و مصالحها الأساسية سيضعف بإستمرار)
( شيل النفط خت مدني).
(وشيل المتمردين وخت محلهم مليشيا الدعم السريع).
(و شيل حلفاءهم من الشماليين خت تقدم).
في الفقرة ( 3) يقول التقرير و بصورة واضحة (يعمل النفط علي إحداث تغيير جوهري و سريع في طبيعة الحرب الداخلية في السودان لصالح الشمال ، وهناك مشكلة بارزة و هي كيفية و مدي إمكانية إجراء ضغوط مجدية الآن و في المستقبل علي شركات الطاقة الدولية العاملة لصالح الخرطوم، ذلك أن النفط يغير توازن القوة العسكرية لصالح الخرطوم).
الضغوط التي تحدثت عنها الفقرة أعلاه أثمرت إجازة الكونغرس لقانون سلام السودان الذي أضاف عقوبات إقتصادية علي السودان وقتها، أما إذا وددت معرفة المزيد حول كيف دمرت الولايات المتحدة الأميركية فرص نهوض السودان ففي قصة تليسمان الكندية ما يغنيك عن مئات القصص من مسيرة الإستهداف.
كانت الحكومة قد نجحت عبر مجهود خرافي لتكوين (كونسورتيوم) من شركات صينية ماليزية و تاليسمان الكندية لاستخراج النفط.
قادت الولايات المتحدة حملة شديدة التركيز ضد الشركة الكندية شوهت سمعتها في الأسواق الدولية وفرضت عليها عقوبات ، وكونت تحالفا ضم المجموعة الأمريكية للرق، و التحالف الكندي المسيحي، و منظمات غير حكومية تم تكوينها لهذا الغرض، أصبح هذا التحالف متفرغًا للتظاهر أينما ذهبت الشركة للمشاركة في المحافل الإقتصادية الدولية، وأخيرًا استسلمت الشركة و خرجت من سوق النفط السوداني.
يقول تقرير معهد الحرب القومي التابع للجامعة الوطنية للدفاع و الذي ساهم في وضع تلك السياسة إن (لم يكن السودان شيئا مهما في السياسة الأمريكية و الرئيس بوش كان متكاسلًا و معارضًا للتورط في الحرب السودانية، لكنه أدرك أهمية المجموعات التي تتبني هذه السياسة من الإنجيليكانيين الذين نجحوا في تغيير سياسة الإدارة تجاه السودان علي أساس ديني، و بعد عام واحد رفع الرئيس بوش أهمية السودان مع أربعة دول هي مصر، جنوب أفريقيا، نيجيريا و السودان).
و بمثلما كانت حملة النفط منصبة لحرمان الجيش من تحقيق انتصار تاريخي علي المتمردين، فإن العقوبات الحالية كذلك تركز علي حرمان الجيش من الإنتصار السريع و الحاسم في معركة الكرامة.
و لكن الشعب استوعب الدرس و امتلك الوعي الكافي و يعرف تمامًا عدوه الحقيقي و أصدقاءه الأوفياء.