
تحليل أخباري: مركز الخبراء العرب
(هل يريد مالك عقار أن يمسك بالقلم الأحمر و يصحح مسيرة الأحزاب؟) بهذا السؤال الاستنكاري اختتم أحد قادة تنسيقية “تقدم” مداخلته بإحدى مجموعات (الواتساب)، الشي الذي يؤكد أن الخطاب لم يجد موقعًا حسنًا لدى الأذن السياسية للكثير من أحزاب المعارضة السودانية. و لعل هذا مايفسّر شكل و ملامح المرحلة المقبلة التي يتوقع أن يكون الحكم فيها للشعب السوداني على جهود أحزابه لفترة ما قبل الحرب و بعدها تمهيدًا لفترة انتخابية قادمة أشار اليها خطاب نائب رئيس مجلس السيادة (مالك عقار) الأخير بمناسبة استعادة الجيش السوداني السيطرة على مدينة ود مدني عاصمة ولاية الجزيرة من قوات الدعم السريع.
و تشير متابعات “مركز الخبراء العرب إلى أن الخطاب المشار إليه قد حظي بتداول كثيف على منصات التحليل على المسرح السياسي خاصة الملاحظات التي أبداها الرجل حول أداء الأحزاب في الفترة الماضية، حيث قال في الخطاب الموجه إلى الشعب السوداني: (الحكومة بدأت في إعادة هيكلة مجلس شؤون الأحزاب السياسية و مراجعة قانون الأحزاب، لمواكبة الراهن السياسي و توفيق أوضاعها توطئة لممارسة واجباتها).
و دعا عقار القوى السياسية و المدنية إلى تجاوز ما سماها بـ “مرحلة التناقض”و المطلبية الضدية” بحسب تعبيره للبحث عن شرعية توافقية من خلال عملية سياسية تأسيسية، تنقل البلاد إلى الانتخابات و قيام حكومة مدنية منتخبة.
و كشف عن وضع الحكومة رؤية سياسية و خارطة طريق، تشتمل على إجراءات و متطلبات الفترة التأسيسية و الدخول في الانتخابات.
و أضاف: “لن تُبنى الدولة الجديدة على شعارات خالية أو تجارب فاشلة، حيث نحتاج إلى أسس جديدة نتفق عليها تقوم على قبول الطرف الآخر وتحقيق العدالة الانتقالية والعدل الاجتماعي و المواطنة، كما تم تكوين لجنة قومية لوضع خطط و دراسة برامج تعمير و إعادة تعمير ما دمرته الحرب”.
بهذه المؤشرات التي أفصح عنها الخطاب بكل شفافية و وضوح يرى الكثير من المراقبين أن أوضاع الأحزاب السودانية خاصة المعارضة منها يشوبها الكثير من الغبش و عدم الرؤية الواضحة في مستقبل العمل السياسي و المدني في السودان خاصة بعد ان افرزت الحرب مناخا جديدا تشكلت معه انطباعات رأي عام بات ينظر عبرها المواطن للمكاسب الحزبية بتحديد المواقف “الأخلاقية” للقوى السياسية من الحرب و تأثيراتها عليه و يقيس بها الأوزان التي يجب أن تعبر عنه أو في مسيرة الحكم المدني.
و هي ذات المؤشرات التي نبّه اليها خطاب نائب رئيس مجلس السيادة بل وجه الاتهام بلا مواربة لقيادات سياسية بعينها قائلا :” أقول للشخصيات المتورطة في السر أو العلن في إراقة الدم السوداني و الذين شاركوا فعلياً في المعارك أو كانوا مخبرين أو (دُللة) أو متعاونين مع المليشا و إلي الذين يدعونهم للعودة، هؤلاء لا فرق بينهم و بين المتمرد (محمد حمدان دقلو) و لا بد من معاملتهم بنفس معيار التعامل مع قائدهم و لا فرق بين قاتل و أن كل من ارتكب جُرمًا ستناله يد العدالة”.
و أضاف:” للأسف ، لم يكن الطريق سهلاً. فلقد واجهت بلادنا مكائدُ من بعض القادة، و من بعض الأشخاص صغار النفوس ، الذين انحرفوا عن مسار الثورة، من الذين أسكرهم شبق السلطة، و باعوا أنفسهم لشيطان خدمة أجندات خارجية”.
و ثمة ملاحظة جديرة بالتأمل رصدها “مركز الخبراء العرب” جاءت على لسان مواطنيين من مدينة مدني التي تم تحريرها مؤخرا على أيدي القوات المسلحة السودانية تتماهى بشكل كبير مع ما أورده عقار في خطابه، وقد حملتها بعض الفيديوهات المنتشرة على سائط التواصل الاجتماعي و هي بروز “اتجاه” حكومي يقترب شيئًا فشيئًا من إغلاق باب المبادرات الدولية أو الاقليمية عقب الانتصارات و ظهور نتائج الاستراتيجيات العسكرية التي أثمرت عن نصر كبير للجيش و تراجع كبير في أسهم قوات الدعم السريع و هزائم متلاحقة لها علي الميدان، و هذا الاتجاه لأول مرة يتم التعبير عنه من شخص خارج الكابينة العسكرية الرسمية للجيش و هذا ما أشار اليه الخطاب بقدر غير قليل من القطعية و الحسم.
و كشف مالك عقار في خطابه عن هذا الاتجاه بقوله :”النصر قاب قوسين أو أدنى”، مشددًا على عدم قبول أي مبادرة صلح تمس سيادة البلاد و تعيد المتمردين إلى المشهد السياسي”.