مدلولات تصريحات البرهان و تأثيرها على مجريات حرب الكرامة .. بقلم/د.عبدالباقي الشيخ الفادني

● ألقى رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق أول عبدالفتاح البرهان خلال لقاء سياسي جمعه مع قوى سياسية خطاباً وصفه مناصروه في حرب الكرامة من الإسلاميين أنه فيه تجني عليهم بإتهامه لهم أنهم يسعون إلى العودة إلى السلطة كاستحقاق لموقفهم المناصر للجيش في حرب الكرامة .
● تباينت ردود أفعالهم و لكنها في النهاية اتفقت على أن مشاركتهم في الحرب نابعة من ما يمليه عليهم واجبهم الوطني وأن تلك التصريحات لن تثنيهم في المضي قُدُماً في دعمهم للجيش والمواطن للقضاء على المليشيا المتمردة.
● في الجانب الآخر سارع بعض المناوئين للجيش سواءً كانوا داعمين للمليشيا المتمردة أو من جماعة لا للحرب و اتخذوا الحياد ظاهرياً و تميل قلوبهم للمليشيا في تناول تلك التصريحات ما بين مرحب بها و بين من يراها مجرد تغبيش للحقائق و ذر الرماد في العيون، و يرى هؤلاء أن البرهان على توافق تام مع الأسلاميين و أن التصريحات مجرد مناورة لإبعاد تسليط الضوء على تماهي البرهان مع الإسلاميين.
● إن تصريحات رئيس مجلس السيادة السوداني عبد الفتاح البرهان تحمل دلالات سياسية و عسكرية مهمة، خصوصاً مع اقتراب نهاية حرب الكرامة و الانتصارات التي حققها الجيش و القوات النظامية و المشتركة و المستنفرين، يمكن تحليلها في النقاط التالية:
1. إبعاد الطامحين للسلطة على حساب الشعب، فالبرهان يوجه رسالة واضحة بأن الحرب ليست فرصة لعودة أي قوى سياسية إلى الحكم عبر استغلال الأوضاع الأمنية و العسكرية، هذا يشير إلى أنه يسعى لتفادي تكرار سيناريوهات ما بعد سقوط البشير حيث حاولت بعض القوى الهيمنة على المشهد دون توافق وطني.
2. من خلال قراءة التصريحات بصورة مجردة دون تحييز يتضح أنه أراد التمييز بين الدعم العسكري و الطموح السياسي، و أنه يرحب بالداعمين للجيش و القضية الوطنية لكن ليس على حساب الشعب أو كوسيلة للعودة إلى السلطة.
3. نجد أن تحذيره لمن يساندون الجيش من أن يصبحوا مثل قوى الحرية و التغيير (قحت) و (تقدم) يعني أنه لا يريد أن يرى تكراراً لتجربة حكم هذه الأحزاب التي يعتبر أنها فشلت أو سعت للإقصاء السياسي بعد الثورة.
4. أراد البرهان التأكيد على دور الجيش كضامن و ليس كأداة للسيطرة السياسية، فشدد على أن الجيش لن يسمح لأي طرف سواءً من القوى السياسية ذات الثقل و التاريخ أو المستجدين في المشهد بالتحكم في مستقبل السودان من خلال الحرب.
● تأثيرات تلك التصريحات على مجريات حرب الكرامة يمكن تناولها في النقاط التالية:
● مع اقتراب نهاية الحرب و تحقيق الجيش لانتصارات حاسمة يمكن أن يكون لتصريحات البرهان تداعيات مباشرة، منها:
1. هذه التصريحات قد تمنح الجيش المزيد من الدعم الشعبي إذ تُظهره كحامٍ للدولة و ليس كأداة سياسية بيد طرف معين.
2. هذه التصريحات قد تعني أن البرهان لن يتجه إلى تسوية سريعة مع القوى السياسية التي يرى أنها أخطأت في الماضي مما قد يؤخر الحلول السياسية لما بعد استقرار الوضع العسكري بالكامل.
3. قد يسعى قائد الجيش لتشكيل حكومة إنتقالية ذات طابع تكنوقراطي مع تقليل تأثير الأحزاب الكبرى إلى حين إجراء انتخابات لاحقة.
● السيناريوهات المتوقعة:
1. السيناريو الأول: استمرار السيطرة العسكرية لفترة إنتقالية مطولة، و ربما قد يستمر الجيش في الحكم لفترة انتقالية طويلة لتأمين الاستقرار، و منع أي محاولات لتكرار فوضى ما بعد سقوط البشير دون النظر لأي قوى سياسية و سيكون التركيز على إعادة بناء مؤسسات الدولة و القوات المسلحة.
2. السيناريو الثاني: تشكيل حكومة إنتقالية توافقية بتوازن جديد، فقد يقبل البرهان بحكومة مدنية انتقالية و لكن بشروط جديدة تضمن عدم عودة قوى سياسية معينة للهيمنة، و سيسعى إلى إشراك شخصيات مستقلة أو مقبولة من الجيش لضمان توازن القوى و قد يتم وضع خارطة طريق واضحة للإنتخابات دون عجلة في تسليم السلطة.
3. السيناريو الثالث : الصدام السياسي بعد الحرب، قد ترفض بعض القوى السياسية إقصاءها وربما تلجأ للضغط الشعبي أو الخارجي، مع احتمال ظهور تحالفات سياسية جديدة تضم قوى رافضة لنهج البرهان أو ربما سيكون هناك تصعيد داخلي سياسي دون الوصول إلى مستوى الحرب.
● نخلص إلى الآتي:
– تصريحات البرهان تشير إلى أنه يخطط لمرحلة ما بعد الحرب بحذر شديد بحيث لا يتم إستغلال انتصار الجيش لإعادة إنتاج تجارب سياسية فاشلة.
– كما أنها توضح أنه يسعى إلى ترتيب المشهد بشكل لا يسمح لأي طرف بالسيطرة على السلطة من خلال الحرب.
– السيناريو الأكثر ترجيحاً هو استمرار إستلام الجيش زمام الحكم لفترة إنتقالية مع ضبط المشهد السياسي حتى تتهيأ الظروف لانتقال مدني متوازن.