
ما يثير دهشتي أن مساء الجمعة تجمعت فيه أبكار الأشياء؛ سكون مخيف و ظلام دامس يتخلله أنوار متقطعة، انتهى فيه كل شي مبكراً، عودة الناس إلي بيوتهم، لم يكن هنالك صخب حفلات الأعراس و المناسبات غير الذى كنا نعيشه، الوضع الطبيعي قلة المارة من الناس، لا توجد زحمة للسيارات إلا زحمة الآلات العسكرية و سرعة حركتها فى الشوارع و استعداد من كان فيها و أيديهم على الأسلحة مشدودة، و وجوههم العابسة، و نظراتهم الحارقة و عيونهم يتطاير منها شرر.
الشوارع فيها سكون، خلت أو شبه خالية من المارة إلا هنا أو هناك بعض من الشباب يتناولون أكواب القهوة و الشاي،و بعض من الساحات، المتاجر مغلق و البعض شبه مغلق، كل شي كان يودع الأمكنة كل شي كان يتحسس فقده، لعل بعد اليوم لن نلتقي ملاحمة للخرطوم بثوب السواد و الرهبة و الخوف من مجهول قادم، حتى مجانينها اختفوا من مناطق تواجدهم، خلت إشارات المرور من المتسولين، بدأ كل شي يختفي من الخرطوم الضجيج و الصخب وأصوات الأسواق، ليل يخيم فيه سواد و تنزل علي سماء الخرطوم أضواء النجوم باهتة، البعض فيها اختفي و البعض بين السطوع و الغياب. همسات وداع غريبة كل شي يحمل أمتعة الوداع تغيير و تبديل لنظامنا الاجتماعي حتي النوافذ المنازل شبه مغلقة.
النظر للخارج فى الظلام عبر نوافذ العربات لم تري سوى شرارة لامعة غريبة آخذه فى الزوال،و سحابة خفيفة من الدخان شعرت بثقل في نفسي إنه ظلام ليس كظلام الليالي التي نعرفها؛ أنه الرحيل المركل شي يودع بعضه .