مقالات الرأي
أخر الأخبار

مسارات … الرفاه النفسي عافية الروح .. بقلم/ د.نجلاء حسين المكابرابي

قد يكون الحديث عن الرفاهية النفسية في هذا التوقيت مطلوب الآن لاهمية وجوده في المجتمع السوداني المتاثر بالحرب اللعينة و مآلاتها المختلفة.
و نعني بالرفاه النفسي الصحة النفسية و التي في اعتقادنا هي عافية الروح و المجتمعات، و أساس الاستقرار الصحي و الاجتماعي و الاقتصادي، لأن الانسان يشكل بوتقة التكوين و البقاء و قد تحدث عنها الكثير من الباحثين و العلماء النفسيين أمثال د. (مارك ويليامز) ، عالم نفس أمريكي، الذي قال “الصحة النفسية هي أساس الصحة العامة، و لا يمكن أن ننكر أهميتها في حياتنا اليومية.”

و تكمن أهميتها في الحياة اليومية لأنها تؤثر بشكل كبير على الصحة النفسية للأفراد و المجتمعات، لا سيما بعد الحرب لما لها من آثار سلبية كثيرة مثل اضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) ، و يمكن أن يحدث هذا الاضطراب نتيجة للتعرض للعنف أو الخطر أثناء الحرب و الاكتئاب، و يحدث الاكتئاب نتيجة للخسائر الشخصية أو العائلية و القلق الذي يمكن أن يحدث القلق نتيجة للخوف من العنف أو الخطر أثناء الحرب و اضطراب النوم و اضطراب العلاقات الذي يحدث نتيجة للتوتر و القلق أثناء الحرب.

و الأثر علي المجتمع السوداني يظهر جليًا مم خلال التدمير و الخراب الذي حدث في البني التحتية و نقص الموارد و زيادة حدة الفقر و العنف و تدمير الثقة و جميعها تزيد التوتر و القلق.

و لمعالجة هذه الاثار يري الباحثين ضرورة قصوي للمعالجة و قدموا وصفة علاجية هامة، ابتداؤها بوضع الخطط و البرامج و السيناريوهات القبلية المتوقعة قبل حدوث الحروب و الكوارث فيما يعرف بالجاهزية لمواجهة الأحداث الصادمة، و تدريب وتأهيل و استعداد العاملين بالمهن النفسية للتدخل السريع عند وقوع الأحداث كل حسب تخصصه لتلافي تكدس و تعدد الأعراض لدى المصابين ليسهل علاجهم. و الاهتمام بتوعية المواطنين والأشخاص عبر الإعلام بالكوارث، و توفير و ضرورة تشييد ما يعرف بالإنقاذ النفسي الإسعافي، و تجهيزه للتدخل السريع و المباشر لاحتواء المصابين دون الدخول في اضطرابات الحادث، و أيضًا توفير مخيمات ميدانية سريعة تسمى مخيمات (امتصاص الصدمة) و هذه تعمل على نشل و سرعة أخذ المصابين من واقع الحادث إلى الواقع الطبيعي في المخيم.
و تعزيز قدرة المجتمعات المتأثرة بالحرب علي الصمود و تفعيل آليات الحماية التقليدية لديها بالمحافظة علي قيم التكافل و النفير و الترابط الإجتماعي.
كذلك تمكين صناديق الضمان الإجتماعي من القيام بأدوارها في الحماية الإجتماعية تجاه العاملين بالقطاع الخاص الذين فقدوا وظائفهم بسبب خروج الشركات عن سوق العمل، مثال ذلك: (مجموعة شركات دال، مؤسسة حجار وغيرها).
و  العمل علي انشاء مظلة تأمين اجتماعي للعاملين في القطاعات غير المهيكلة ونعني بذلك الشريحة الأكبر من المواطنين غير المستوعبين بالقطاع العام الحكومي أو القطاع الخاص، بل أولئك الذين يمارسون مهن و حرف تفتقر إلى أدني مستويات الحماية الاجتماعية.
وايضا تشجيع المنظمات الوطنية و المجتمعات الأهلية لقيادة مبادرات تسهم في تقليل حدة الآثار الكارثية للحرب بتقديم الدعم الاجتماعي للنازحين بمعسكرات الإيواء المختلفة.
و من الأهمية بمكان تحمل الجهات الرسمية و مؤسسات الحماية الإجتماعية مسؤولياتها الإنسانية تجاه المتأثرين بالنزاع، و تفعيل آليات الاستجابة السريعة للتعامل مع الآثار الإجتماعية الكارثية لهذه الحرب.
و يجب حض المجتمع الدولي و الإقليمي و المنظمات الدولية علي القيام بدور أكبر في توفير الدعم اللازم لبرامج الحماية الإجتماعية.
و لا بد من توفير الدعم اللازم لمعسكرات النزوح الداخلي والعمل علي تهيئتها ومدها بالخدمات الضرورية اللازمة و العمل علي توفير الحدود المعقولة من الغذاء و الكساء و العلاج، و توفير دعم مباشر للأسر التي تستضيف النازحين بمدن و قرى السودان المختلفة.
و تشجيع منظمات العمل الطوعي علي تصميم و تنفيذ برامج اجتماعية تستهدف النازحين و اللاجئين خارج السودان.
و لا بد من تفعيل منظمات المجتمع المدني بتخصيص برامج اجتماعية و تأهيلية تستهدف شريحة النساء و الأطفال.
و توفير رعاية إجتماعية خاصة و برامج تأهيلية للنساء اللائي تعرضن لكافة اشكال العنف من ضرب و اغتصاب أثناء فترة الحرب و كذلك الأطفال القُصَّر.
و البحث عن جلب مساهمة المجتمع الدولي للموارد المالية والمعنوية والمعرفية لمعالجة آثار الحرب النفسية.
و لاختصاصي الصحة النفسية و الباحثين الاجتماعيين دور بارز لا بد من تفعيله عبر الجهات الرسمية و المجتمعية.

و فتح مراكز للدعم النفسي في الولايات و المناطق الآمنة لإعادة الاندماج المجتمعي و امتصاص اثار الحرب بخدمة طوعية مجانية.
و تقديم الدعم النفسي عبر وسائل التواصل الاجتماعي بتقديم خدمة الاستشارات النفسية بسرية تامة.
و اهتمام الإعلام الرسمي بتقديم جرعات تطمينية و تثقيفية تقلل آثار الحرب.
خطب أئمة المساجد و رجال الدين المسيحي لها دور مؤثر، عليه يجب عليهم أن يركزوا في خطبهم علي حث المواطنين على الإيمان بالقدر شره و خيره و احتساب الأجر و أجر الصبر.
و للثقافة دور هام يكمن في تكثيف برامج للدراميين و المسرحيين و الفنانيين التشكليين في تقديم عروض خفيفة و رسومات توجيهية جاذبة.
و توفير جلسات العلاج النفسي للأفراد المتأثرين لمساعدتهم على تجاوز التجارب الصادمة و تعزيز قدرتهم على التأقلم و الدعم الاجتماعي من خلال بناء شبكات الدعم التي تضم أفراداً ممن عاشوا تجارب مماثلة لتبادل الخبرات والشعور بالانتماء.
و تعزيز برامج التوعية المجتمعية حول الآثار النفسية للحرب و كيفية التعامل مع الأشخاص المتأثرين بشكل مناسب.
و تطوير برامج الرعاية الصحية النفسية المتخصصة بالحروب و النزاعات لتوفير العلاجات الطبية و النفسية اللازمة

و ختامًا نقول ليست هي رفاهية ذاتية و لكنها عامة و شاملة يحتاجها المجتمع و المواطن السوداني المكلوم.

دمتم بألف خير🌹

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى