مقالات الرأي
أخر الأخبار

وجه الحقيقة… التأثيرات المحتملة لحرب السودان على التغيرات المناخية .. بقلم/ إبراهيم شقلاوي

تعتبر حرب السودان واحدة من أكثر النزاعات العنيفة التي تسببت في تغيرات كبيرة على البيئة و المناخ في المنطقة، لا سيما أن منظمة الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) سبق أن حذرت من تغييرات في المناخ قد تؤثر على معدلات تساقط الأمطار في إفريقيا جنوب الصحراء و منطقة القرن الإفريقي. و قد عُقدت عدة جلسات بالتعاون مع منظمات محلية و مراكز دراسات في الخرطوم خلال فبراير (2023م) قبل اندلاع الحرب في منتصف أبريل من نفس العام. كما ظل مركز “إيغاد” للتنبؤات و التطبيقات المناخية، و هو مركز إقليمي تابع للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية في شرق أفريقيا، يحذر احتجاب الأمطار و تغيرات المناخ في المنطقة، لذلك، هناك تأثيرات واسعة لهذه الحرب لم تقتصر على الآثار الاجتماعية و الاقتصادية فحسب، بل تجاوزت ذلك لتؤثر بشكل كبير على البيئة و التغيرات المناخية.

من الواضح أن العدوان الذي تشنه ميليشيا الدعم السريع، و التي تتلقى دعماً إقليمياً و إسناداً محلياً من بعض القوى السياسية، قد تسبب في تلويث بيئي هائل نتيجة لتدمير البنية التحتية و زيادة حرق الأعيان المدنية، و التعدي علي مصادر المياه و الغابات و التهجير القسري للسكان المدنيين. هذه الممارسات و الانتهاكات أدت إلى ارتفاع مستويات التلوث في السودان و ربما في الدول المجاورة حسب اتجاهات الرياح، مما يؤدي إلى تغيرات في المناخ و تأثيرات سلبية على البيئة في المستقبل القريب.

كما نعلم، فإن تزايد مشاكل التغير المناخي، مثل الفيضانات و الجفاف و ارتفاع درجات الحرارة قد يكون لها تأثير كبير على الحياة اليومية للسكان المحليين في السودان. وبالتالي، فإن إيجاد حلول عاجلة لهذه المشكلة يعد ضرورة ملحة للحفاظ على البيئة و المحافظة على الحياة الطبيعية في المنطقة. هذا فضلًا عن أن معدلات الأمطار في السودان، التي يعتمد عليها غالبية السكان في الزراعة و الرعي، قد تتأثر بهذه المتغيرات.

على المستوى الإقليمي، يتطلع السودان للتعاون مع دول الجوار بروح تكامل الأدوار و التضامن لمواجهة تحديات التغير المناخي و التصدي لتأثيراته السلبية على البيئة، عليه يجب تعزيز كافة الآليات الحكومية و المجتمعية التي بإمكانها تحقيق هذه الأهداف بعد رصد الميزانيات الكافية و التمويل اللازم لمواجهة هذه الظاهرة الخطيرة التي ستؤثر على حياة السكان المحليين.

في كلمته أمام قمة المناخ “COP 29” في أذربيجان، أكد رئيس مجلس السيادة السوداني، عبد الفتاح البرهان، الذي يقود وفد السودان المشارك في القمة على أهمية تنفيذ اتفاقية باريس كأولوية رئيسية. و أشار البرهان إلى أن السودان، كغيره من الدول، يعاني من آثار التغير المناخي، و يجب على المجتمع الدولي العمل معاً لمواجهتها. كما تطرق البرهان إلى العدوان الذي تشنه ميليشيا الدعم السريع في السودان مما أدى إلى تدهور الوضع البيئي في البلاد.كذلك أشار إلى الي أن الحكومة السودانية قد اتخذت العديد من السياسات و الإجراءات و إعتمدت خطط و برامج لزيادة كفاءة الإنتاج، و زيادة نسبة الاعتماد على الطاقات البديلة كما أنها -و رغم الحرب- قامت بإعداد خطة وطنية تحتوي على مشروعات التكيف مع المتغيرات المناخية في إطار التنمية الاجتماعية و الاقتصادية المستدامة.

إن الممارسات الناتجة عن الحروب مثل زيادة قطع الغابات و النزوح الداخلي و هجر الأراضي قد ساهمت في ازدياد التلوث الناجم عن مخلفات الحروب، مما أدى إلى تدمير البنية التحتية و تفاقم الأزمة البيئية في السودان. عليه، يجب على المجتمع الدولي تقديم الدعم للسودان؛ أولاً في مساعدته على تصنيف ميليشيا الدعم السريع منظمة إرهابية، و إدانة الجهات الإقليمية و المحلية الضالعة في دعمها بالسلاح و توفير الغطاء السياسي و الإعلامي لها. ثانياً: يجب دعم السودان في وضع آليات للحد من الممارسات الضارة التي تؤدي إلى التلوث البيئي و تدمير البيئة، و ضمان توفير الحماية للبيئة و الموارد الطبيعية في السودان لا سيما أن بلادنا قد أنهكتها هذه الحرب المفروضة عليها و التي أضعفت مواردها الاقتصادية.
بناءً على ذلك، يجب على الحكومة السودانية اتخاذ الإجراءات الفعالة لحماية البيئة و التنمية المستدامة إلى جانب المضي قدماً في تحقيق أهداف الألفية الإنمائية، و العمل على تعزيز التوعية بقضايا البيئة و تشجيع الابتكار في مجال الحلول البيئية. و يجب على المجتمع الدولي دعم السودان في هذا المجال و التعاون معه لإيجاد حلول شاملة تساهم في تحقيق التنمية المستدامة و الحفاظ على البيئة للأجيال القادمة.

لذلك، يظل وجه الحقيقة في التأكيد على أن السودان جزء من الأسرة الدولية والجهود المستمرة لمواجهة التحديات البيئية. لذلك، يجب أن يعمل الجميع معاً من أجل بناء عالم أفضل و أكثر استدامة للأمن و السلام. هذا ما يدفعنا للتذكير بأن السودان يشارك بفعالية في المؤتمر الدولي “COP29” حول تغير المناخ، و ذلك من خلال عرض جهوده و إجراءاته للحد من آثار التغيرات المناخية على البيئة. كما يجب أن تكون لدى حكومات دول الجوار المشاركة في المؤتمر القدرة على تطوير استراتيجياتها المتعلقة بالمناخ؛ لنعمل معاً من خلال منظومة عمل متسقة و فاعلة لتحقيق التنمية المستدامة، و للحفاظ على بلادنا و جوارنا بل و على كوكب الأرض قاطبة من أي تأثيرات محتملة على البيئة و المناخ.

دمتم بخير وعافية.
الأربعاء، 13 نوفمبر 2024م. Shglawi55@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى