وجه الحقيقة … شكراً سيدي الرئيس : أرجو أن تسافر للعلاج .. بقلم/ إبراهيم شقلاوي

في تاريخ السودان الحديث تبرز مواقف الرجال العظماء الأوفياء لهذا الوطن، حيث يختارون البقاء بين شعبهم رغم التحديات في الوقت الذي يفضل فيه الكثيرون الهروب، بين الهروب و الوفاء تبقى تجربة الرئيس عمر البشير نموذجاً يجب أن نقف عنده بكل حياد إن كنا ندرك قيمة الوفاء و في دواخلنا رغبة في الإعتذار.
سيدي الرئيس لا تسعفنا الكلمات لنصف حجم العرفان الذي في قلوبنا تجاهك و لا تسعفنا الحروف لتعبر عن قيمة ما قدمته لهذا الوطن من أمن و استقرار. يا من حملت هموم هذا البلد من أجل رفعة هذا الشعب العظيم. طوال سنوات حكمك كنت مثالاً للصمود و الإرادة تكابد الأيام و تواجه التحديات بكل شجاعة رغم الابتلاء. كنت السند لأبناء شعبك في كل لحظة عصيبة، تبني و تدافع عن وطنك، و لا تتردد في إتخاذ القرارات الصعبة حتى و إن كان الثمن غاليًا ،كحال الجنائية و كل افتراءات الإعلام، إننا نعلم سيدي الرئيس و إن كان علم البعض جاء متأخراً أنكم في كل خطوة كنتم تتخذونها كنتم تضعون مصلحة السودان و شعبه نصب أعينكم.
لقد تجسدت عظمة القيادة فيكم، ليس فقط في مواقفكم السياسية و العسكرية بل في قدرتكم على الصمود في وجه التعقيدات الصعبة التي مرت بالبلاد. حينما مضت الخيانة في داخل القصر و بين المخادع، لم تتهرب من المسؤلية كما فعل غيرك من الحكام الذين سقطوا نتيجة المؤامرات أو الثورات الشعبية، بل بقيت ثابتاً شامخاً بين شعبك تدافع عن وطنك بكل ما فيك من قوة و كبريا . كانت تلك الخيانة المخزية من أقرب الناس إليك أسوأ مما كنا نتوقعه، لكنها لم تكسر عزيمتك بل أظهرت معدناً نادراً من الوفاء و المروءة.
لقد كنت يا سيدي الرئيس وفياً لوطنك أكثر من آخرين، حتي بعد أن سقط حكمك على يد الثورة الكذوب لم تترك وطنك في محنته بل بقيت فيه صابراً محتسباً حتى في هذه الحرب التي حذرت منها، ظللت متنقلا بين المستشفيات من السلاح الطبي إلى مروي ثم إلى شندي، أنت و القيادات التي معك تعانون المرض و الألم في ثبات، لم تفكر في الهروب أو الاختباء بل فضلتم البقاء في أوقات المحنة والابتلاء ، رغم اعتلال صحتك. “تلك هي المروءة و ذلك هو الوفاء”، تلك هي الإرادة التي يخوض بها الآن ابنائكم في القوات المسلحة السودانية و كل شباب السودان الوطنيون حرب الكرامة.
سيدي الرئيس اليوم و نحن نراك تعاني من المرض فإننا نناشدك بقلوب مليئة بالحب و الاحترام أن تمنح نفسك الفرصة للراحة و العلاج فبعد كل ما قدمته لهذا الوطن من تضحيات آن لك أن تجد الراحة التي تستحقها. نحن نعلم أن روحك الفدائية التي صقلتها الكلية الحربية السودانية لن تهدأ أبداً في خدمة السودان لكن جسدك الذي عانى من الألم يستحق أن يحظى بالعناية و الشفاء.
لقد أوصيتهم على هذا الوطن المكلوم “أبقوا عشرة على البلد”، الذين أوصيتهم على البلاد بذلوا جهدهم و أفاضوا وسع ما لديهم من قوة للحفاظ على هذه الأمانة رغم الخذلان، لكن كما تعلم سيدي الرئيس كانت المؤامرة أكبر من الجميع، كانت طوفان مزلزل، فانزلقت البلاد إلى حرب دخلت كل بيوت السودانيين بدرجات متفاوتة و أثرت في كل أسرة و مع ذلك ظلوا شامخين و لا يزالون يبذلون جهدهم بكل ما يستطيعون من أجل استعادة الأمن و تحقيق السلام في كل ربوع البلاد.
إنهم يعلمون ،كما يعلم كل أهل السودان، أن استمرار الحرب و استمرار الهجرة و النزوح لن يؤدي إلا لمزيد من المعاناة، لذلك يجتهدون من أجل إنهاء هذه الأزمة و هذه المعاناة لكن الفتق كبير و الرتق يحتاج الي التضحيات.
سيدي الرئيس لقد كنت تحدثنا كثيراً أن الوحدة السودانية هي مفتاح الأمن و السلام، و نحن نعلم تمااً أن السودان لا يمكن أن يستمر من دونها، لكن للأسف ذاكرتنا ضعيفة و عقولنا خربة فما زال السياسيون يسلكون ذات الدروب البائسة التي أنتجت الحرب و ذات الإقصاء الذي مكن للأجنبي الدخول. نأمل أن نتمكن سيدي الرئيس من تجاوز هذه المحنة مستلهمين العزيمة التي ظلت منهجك و الكبرياء الذي ظل شعبك عليه منذ فجر التاريخ.
ليس لنا فيما نرى من وجه الحقيقة الا أن نسأل الله أن يحفظ السودان و شعبه و أن يكتب لكم الشفاء العاجل و العافية التامة. نحن نعلم أن عظمة السودان تكمن في شعبه و في عزيمته وفي وفائه لهذه القيم. فلتكن بخير ، و لتعُد إلينا بالصحة و العافية فإن بلادنا بحاجة إلى الحكماء أولى العزم الذي لا يلين.
دمتم بخير و عافية.
الثلاثاء 10 ديسمبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com