وَإِنۡ عَاقَبۡتُمۡ فَعَاقِبُوا۟ بِمِثۡلِ مَا عُوقِبۡتُم بِهِ … بقلم اللواء (م) مازن محمد اسماعيل

📍في ٣١ يناير ٢٠٢٤م جدد وزير الخارجية البولندي رادسولاف سيكورسكي طلب بلاده من ألمانيا بتسديد مبلغ مالي بقيمة ١.٤ تريليون دولار كتعويض عن الحرب التي شنتها ألمانيا على بلاده في الحرب العالمية الثانية ، وبسبب رفض ألمانيا لهذا الطلب استناداً على ما اعتبرته تنازل بولندا عن هذه التعويضات عام ١٩٥٣م ، وهو ما لم تقبله بولندا التي كانت تحت الاحتلال السوفياتي آنذاك .. فإن وزير الخارجية البولندي هدد ألمانيا باستخدام القوة إذا استمرّت في رفض تعويض بولندا.
📍التعويض في القانون الدولي العام يُعَدُّ بمثابة الأثر القانوني للمسئولية الدولية المترتبة في حق الشخص الدولي (الدولة) الذي يرتكب خطئاً دولياً أو يُؤتِي فعلاً غير مشروع أو يتعسف في استعمال الحق أو يُسيء استخدام حسن الجوار ، فيُسبب ضرراً يهدر معه النظام العام الدولي أو المصلحة الشخصية للشخص الدولي (دولة وشعبها) ، وبالتالي فالتعويض غايته إصلاح الضرر المادي أو المعنوي الذي يتسبب فيه الشخص الدولي.
📍للتعويضات الدولية تاريخ طويل ، وهي قاعدة لا يزال معمولاً بها ، ولقد اشتهر بين الناس التعويضات التي دفعتها ألمانيا للحلفاء الذين صادروا حتى مصانعها واستعبدوا أربعة ملايين من مواطنيها الألمان في أعمال السخرة ، ونحواً من ذلك فعله الحلفاء مع إيطاليا واليابان ، وليس آخراً التعويضات الدولية التي دفعها العراق للكويت ، ولاتزال إيران تطالب العراق بمبلغ تريليون ومائة مليار دولار عن حرب الخليج الأولى.
📍مهما طال الزمن أو قصُر ، ويستوى في ذلك رضى الإمارات أو إكراهها ، ولئن أبت الإمارات الحق والقانون فليس السودان من يخشى أو ينكص أو يعجز عن استرداد حقه بالقوة ، وببعض ذلك أو غيره … ستدفع الإمارات تعويضاتٍ ماديةً للسودان عن كل نفسٍ قُتِلت أو ماتت بسبب الحرب ، وستدفع عن كل أذىً جسماني أو نفسي تعرَّض له كل مواطنٍ سوداني داخل أو خارج السودان بسبب الحرب ، وستدفع الإمارات قيمة كل دابةٍ هلكت في السودان ، وستدفع قيمة كل حيوانٍ بري أو طائر هاجر من السودان بسبب الحرب ، وستدفع الإمارات قيمة كل حجرٍ دمرته الحرب ، وستدفع قيمة الزمن المهدر بسبب الحرب ، ولن تكفي كل أموال الإمارات للتعويض عن كرامة امرأةٍ سودانيةٍ واحدةٍ انتُهِك عرضها بسبب الحرب ، وهنيئاً للإمارات البغضاء التي زرعتها في الجينات السودانية والتي ستبقى ما بقيت الحياة على ظهر الكوكب.
📍من المهم أن يتذكر الناس أنه لا توجد سلطة ولا شرعية ولا أحد له تفويض بالتنازل عن حقوق السودان والسودانيين التي يكفلها القانون الدولي العام وكل الشرائع السماوية والقانونية والدولية وجرت بها السُّنُّة الإنسانية على امتداد التاريخ ولا تزال ، فلُؤم الإمارات بعدوانها غير المُبرَّر على السودانيين الذين لم تجد منهم الإمارات إلا الخير .. ستبقى جمرة ثأرِه مُتَّقِدةً في الحمض الوراثي للسودانيين إلى يوم القيامة .. ولن ينفع الإمارات في ذلك استمالة العشرات أو الآلاف من الأشخاص والنخب بأموالها القذرة ليهدروا دماء أهلهم وكرامتهم وأعراضهم وأموالهم ، وسيكون للسودانيين شأنٌ آخر مع أولئك الذين سعوا ويسعون لأن يشتروا بدماء أهلهم وأعراضهم وكرامتهم وأموالهم وسيادة بلادهم ثمناً قليلاً.
*لا تَطمَعوا أَن تُهينونا وَنُكرِمُكُم*
*وَأَن نَكُفَّ الأَذى عَنكُم وَتُؤذونا*
*اللَهُ يَعلَمُ أَنّا لا نُحِبُّكُمُ*
*وَلا نَلومُكُمُ إِنْ لَمْ تُحِبّونا*