🎯 استراتيجيات … بروتكول الإعلام في مباحثات القمم الرئاسية ..!! .. بقلم/ د. عصام بطران

– اقتضى العرف البروتوكولي في المباحثات بين رؤساء الدول عدم الخروج إلى فضاءات الإعلام الا بما هو متفق و متعارف عليه من خلال البيانات و التصريحات الصحفية بعد اكتمال المباحثات المغلقة بين الجانبين و التي لا تحضرها أجهزة الإعلام، و تكتفي عدسات المصورين و الصحافة و وكالات الانباء بالتقاط الصور التذكارية للقاء في مدة لا تتجاوز الخمسة دقائق يسودها التعبير عن حفاوة الاستقبال و غيرها من تعبيرات لغة الجسد و مراسم السلام و الجلوس التي في الغالب لا يستخلص منها أي علامات للرضا أو النفور ثم يغادر الجميع لتبدأ معركة الحوار الثنائي.
– الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جعل من تلك القاعدة البروتوكولية الراسخة (نسيًا منسيًا) بعد أن استدعى أجهزة الإعلام و الصحافة لترصد ما كان يدور في السابق خلف الكواليس بين رؤساء الدول و جعله متاحا على الهواء مباشرة في شاشات القنوات الفضائية و الوسائط الالكترونية.
– لقاء دونالد ترامب الأول بهكذا طريقة كان مع الملك عبدالله الثاني بن الحسين عاهل المملكة الاردنية الهاشمية في أول لقاء لزعيم عربي خلال فترة رئاسته الثانية بعد طرح ترامب خطته بشأن غزة، المتمثلة في سيطرة الولايات المتحدة على القطاع، و نقل سكانه إلى دول أخرى و من بينها الأردن.
– حنكة الملك عبدالله الثاني جعلته يتجاوز المطب الذي وضعه فيه ترامب لأخذ اعترافاته و رأيه أمام أجهزة الإعلام حتى تكون تعهدات مكشوفة و لا رجعة عنها مستقبلًا، و لما تجاوز الملك الأردني الظهور الإعلامي المفاجئ في أول كسر لقواعد البروتكولات في القمم الرئاسية أعلن ترامب في تغريدة مثيرة للجدل: ( الملك عبدالله هو واحد من أفضل القادة في العالم و أريد فقط أن أخبركم (الشعب الأردني) أنكم محظوظون به، و أنا أقول ذلك من قلبي أنتم محظوظون جدًا جدا به، حفظكم الرب جميعًا.. لديكم حياة رائعة و ملك رائع).
– لم يتورع ترامب من وضع شرك المكاشفة الإعلامية خلال القمم الرئاسية، و فعلها مرة أخرى مع الرئيس الأوكراني و التي تحولت من زيارة دبلوماسية للتوقيع على اتفاق المعادن النادرة بين أوكرانيا و الولايات المتحدة إلى مشادّة كلامية أمام الصحفيين بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب و نائبه جي دي فانس من جهة، و ضيفهما الرئيس الأوكراني زيلينسكي، و دخل الثلاثي في جدال محتدم داخل إحدى غرف البيت الأبيض بحضور عدد من الصحفيين و لم يتم التوقيع على اتفاق المعادن كما كان مفترض، كما طُلب من زيلينسكي مغادرة البيت الأبيض، و صرّح ترامب للصحفيين بعد ذلك قائلاً إنه لا يعتقد أن زيلينسكي يريد السلام، ليظهر زيلينسكي بعد ذلك في لقاء مع شبكة فوكس نيوز الأمريكية و يقول إنه يأسف للطريقة التي انتهى بها ذلك الاجتماع، لكنه يعتقد أن (العلاقات يمكن إنقاذها).
– ما كان يحدث في الغرف المغلقة في القمم الرئاسية أصبح الآن يخرج مباشرة لأجهزة الإعلام و الشعوب لترى حقيقة اتخاذ القرارت التي تصعب عليهم تفسيرها، هذا تأكيد لما كانت تخفيه الصوالين الرئاسية و صالات الاستقبال الكبرى من مشادات كلامية تصل إلى درجة (الملاكمة) على مستوى زعماء العالم في اللقاءات الثنائية المغلقة، و يعد ذلك المنحى الذي ابتدره رئيس أكبر دولة في العالم مثابة إلغاء لتفاصيل الأعراف المراسمية و البروتوكولية و ما يسود من تكتم أجهزة المخابرات على مايدور خلف أسوار الدواووين الملكية و القصور الرئاسية بين زعماء العالم.