مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية .. الإنسان السوداني… العائق الأعظم والأمل الأكبر .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر .. باحث بمركز الخبراء العرب

✦ أأرضك ذهبٌ و صدرك تراب؟!
كيف لوطنٍ أن يكون غنيًا، و شعبه فقير؟
كيف لوطنٍ أن يمتد كقارة، وي ضيق بأحلام شبابه؟
كيف لوطنٍ أن يُباهي العالم بنيله و زرعه و ذهبه… ثم يختنق بخبزٍ و دواء؟

الجواب ليس في السماء و لا في الحدود.
الجواب -بكل وضوح- في الإنسان.
الإنسان السوداني… هو المعضلة. و هو الحل. و هو القضية.

✦ نحن لا نعاني من نقص الموارد… بل من فائض في التعطيل الذاتي

نملك كل شيء:
نهرين، و أرضين، و معدنين، و مغتربين، و مبدعين و حضارات تمتد آلاف السنين.
ومع ذلك، نعيش وكأننا في دولة بلا ماضٍ… ولا خطة… ولا كرامة!

ما الذي يحدث؟
الذي يحدث هو أننا — كأفراد — لم ننتصر بعد في معركتنا مع الكسل المقنع، واللا مبالاة المتوارثة، والإتكالية المزمنة.

نعيش بعقلية “الزول البعرف لي زول” لا بعقلية المواطن المنتج.
نستثمر في المناسبات، لا في الإنسان.
نقدّس الرموز، ونتجاهل القيم.
نغضب للهزيمة، ولا ننهض من أجل النصر.

✦ توقف… واسأل نفسك: من يوقف السودان؟!

كل مرة تنهار فيها مؤسسة، نقول الدولة فاشلة.
و كلما تأخرت خدمة، قلنا المسؤول فاسد.
و كلما تعطّل مشروع، رمينا اللوم على “الظروف”.

لكن… من يُنتج هذا المسؤول؟
من يُبرر فشله؟
من يقبل بالصمت؟
من يُنقذنا من أنفسنا… إن كنا نحن أصل العجز؟

نحن من يقف في وجه السودان، لا العدو.
نحن من يكبّل الوطن بالروتين، و المحسوبية، و  التردد و الجهوية.
نحن من نحتاج إلى إعادة بناء أنفسنا… قبل أن نبني وطنًا جديدًا.

✦ الإنسان أولًا… قبل الكهرباء والمطار والدستور

لن تُثمر أي خطة تنمية، أو مشروع إعمار، أو دستور جمهوري، ما لم يُعاد تشكيل الإنسان السوداني من الداخل:

الإنسان الذي يحترم دوره، لا يختبئ خلف القبيلة أو الواسطة.

الإنسان الذي يفهم معنى المواطنة، لا يرفع لافتات الانتماء الوهمي.

الإنسان الذي يعمل بصمت، ويحلم بعزم، ويحاسب نفسه قبل أن يلوم غيره.

نحن لا نحتاج إلى “إعادة إعمار الخرطوم” فقط، بل إلى إعادة إعمار الشخصية السودانية بكل ما تعنيه من قيم النزاهة، الالتزام، الإنتاج و الانتماء.

✦ أمل يُبنى على الوعي… لا على الخطابات

هل فقدنا الأمل؟ لا.
لكننا فقدنا النية الجماعية للنهضة.
فالأمل الحقيقي لا يُعلن في منصات، بل يُزرع في عقول الأطفال، ويُروى في الجامعات، ويُثمر في الورش والمزارع والمكاتب.

الأمل هو أن تستيقظ صباحًا و تقرر أن تكون مواطنًا لا متفرجًا.
الأمل هو أن تتحرر من عقلية “الحكومة تعمل لنا”، وتقول: “أنا الدولة”.
الأمل هو أن تُؤمن أن السودان لا يحتاج إلى بطل، بل إلى مواطن واعٍ، مسؤول، و صادق.

✦ إن لم نبنِ الإنسان… فكل شيء سيسقط

كل ميناء سنشيّده… سيتعطل إن سرق الموظف راتب العامل.

كل مدرسة سنرممها… ستنهار إن لم نُعلّم فيها الضمير قبل المنهج.

كل مشروع سنطلقه… سيتعثر إن لم نزرع فيه فكرة أن العمل عبادة… والوطن أمانة.

✦ أيها الإنسان السوداني… انتفض!

لا تنتظر قائدًا ليحملك.
لا تنتظر ثورةً لتغضب.
لا تنتظر خطابًا لتؤمن.
أنت الثورة. أنت القائد. أنت المعركة. وأنت النصر.
ابدأ بنفسك، بقريتك، بمكتبك، بمزرعتك، بضميرك.
دعك من انتظار الدولة… و كن الدولة.

🟥أصل القضية: السودان لا ينقصه سوى إنسان يُحبه بصدق

يا أبناء وطني:
لسنا فقراء. و لسنا صغارًا. و لسنا ضعفاء.
نحن فقط تأخرنا في فتح المعركة الحقيقية: معركة الإنسان السوداني مع ذاته.

افتحوا تلك المعركة…
و انتصروا فيها…
و سترون السودان ماردًا لا يُكسر،
وعلمًا لا يُنكّس،
و  وطنًا لا يُشبه إلا عزيمتكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى