مقالات الرأي
أخر الأخبار

أصل القضية … حين يصمت الرسمي ويتكلم الضمير: لماذا نحتاج إلى CODAS .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء العرب

💡 نهاية زمن البيانات و بداية عصر المبادرات
في لحظة تاريخية بالغة التعقيد، حيث تتزاحم الأزمات فوق خريطة العالم العربي والإفريقي، و تنهار الحواجز بين الأمن القومي والسيادة الغذائية و المعلوماتية، بات من الواضح أن المؤسسات الرسمية القائمة -بتركيبتها الحالية- لم تعد قادرة على مجابهة التحديات و لا على استيعاب التحولات.

الناس تُذبح، تُهجر، تُنهب مواردهم، ثم تُلقى إليهم بيانات ميتة تبدأ بعبارة “نتابع بقلق” و تنتهي بـ “ندعو إلى ضبط النفس”.

حينها، لا بد أن يتكلم الضمير حين يصمت الرسمي.
و هنا يبرز مشروع CODAS – تحالف الكرامة للسيادة الإفريقية، لا كبديل بيروقراطي، بل كصيغة جديدة للوجود السياسي خارج هيمنة النظام الدولي و أوهام العمل العربي/الإفريقي المشترك.

🧠 أولًا: الأزمة العميقة للمنظمات الإقليمية
١. فقدان السيادة المالية:
* الاتحاد الإفريقي يعتمد بنسبة تتجاوز 60٪ من ميزانيته على المانحين.

* الجامعة العربية بلا ميزانية تنموية حقيقية، و بلا أدوات تنفيذ ملزمة.

* إننا أمام كيانات لا تموّل نفسها، و لا تستطيع أن تقرر لنفسها، ثم يُطلب منها أن تحمي شعوبها!

٢. غياب الفعل الاستباقي:
* الأزمات في السودان، ليبيا، تشاد، النيجر، الصومال، فلسطين، تُدار بتأخير استراتيجي، وكأن الزمن ليس عنصرًا في السياسة.

* الجامعة والاتحاد يتحركان عندما تتكلم الأمم المتحدة أو يتفاقم النزيف.

٣. افتقاد آليات المعرفة و المعلومات
* لا قواعد بيانات سكانية موحدة، و لا أنظمة إنذار مبكر، و لا مراكز تحليل سيادي للأزمات.

* نحن عُراة استراتيجيًا أمام العالم، و نجهل أنفسنا أكثر مما يجهلنا العدو.

⚙️ ثانيًا: ما هو CODAS؟ وما الذي يميّزه؟
ليس مجرد تحالف وظيفي بين دول، بل هو مشروع فكري وميداني ينبع من استراتيجية “الجسر والمورد”، التي ترى أن خلاص إفريقيا والمنطقة العربية لا يكون بزيادة عدد المؤتمرات، بل بـ:

*ربط القوى الحية صاحبة الرؤية داخل الدول، حتى و لو لم تكن في السلطة.

*استثمار الموارد الطبيعية و المعلوماتية كأدوات تفاوض لا كأعباء اقتصادية.

*بناء تحالفات سيادية بديلة، تنطلق من الضمير الشعبي، لا من حسابات التمويل الدولي.
التحالف يقوم على ثلاث كلمات :
تحالف من أجل الكرامة، بالكرامة، وللسيادة.

🧬 ثالثًا: ماذا يقدّم CODAS؟ (المرتكزات العملية):
١. منصة استخباراتية سيادية:
* تحليل أزمات الإقليم من منظور داخلي، لا وفقًا لنماذج أجنبية.

* بناء بنك معلومات حول الهجرات، النزاعات، الموارد، والفاعلين.

٢. أداة تعبئة استثمارية جماعية:
* إطلاق صندوق سيادي مشترك بين الدول الراغبة، بدءًا بمشاريع زراعية ومائية في السودان وتشاد.

* تمويل عبر اكتتاب سيادي داخلي وخارجي، لا عبر قروض مشروطة.

٣. حاضنة قادة ما بعد الانهيار:

* تدريب وتمكين جيل جديد من القادة غير الرسميين في مناطق النزاع والهوامش.

* تأسيس مدرسة فكرية لنهج “الجسر والمورد” كبديل عن نموذج الدولة الفاشلة.

🌍 رابعًا: لماذا الآن؟ ولماذا من السودان؟
السودان ليس دولة محورية جغرافيًا فقط، بل مختبر حي لفشل النظامين العربي و الإفريقي في إدارة النزاعات.

*أكثر من 11 مليون نازح خلال عام واحد!

*تهديد وجودي للعاصمة، الدولة، المجتمع، و الموارد.

*و لا صوت رسمي قادر على تحريك مبادرة حقيقية من الداخل.

لذا، جاء تحالف CODAS لا بوصفه مبادرة رسمية سودانية، بل كطرح فكري سيادي يقوده أبناء السودان كجزء من دورهم التاريخي، تمامًا كما قادوا حركات الاستقلال و المقاومة من قبل.

🔁سادسًا: حين تتكامل الدولة والضمير
* ليس المطلوب من الدولة أن تركض خلف التحالفات، بل أن تدرك متى تُنجز اللحظة التاريخية بصمتٍ واثق.

* إن تحالف CODAS لم يُطرح ليحلّ محل الدولة، بل ليُعيد تعريف دورها كفاعل مبادر، لا متلقي.ولعل السودان، وهو يعيد ترتيب أوراقه وسط أتون التحديات، مدعو لأن يتحرك من موقعه الطبيعي، لا من موقع الحاجة، ومن وزنه الجيوسياسي، لا من جراحه العابرة.فـعندما تُقرر الدولة أن تكون رأس الرمح في مبادرة سيادية كبرى، فإن التاريخ لا ينسى،و الخرائط تعيد حساباتها.
* ليس هذا نداءً، بل قراءة لما ينبغي أن يكون.وليس تحفيزًا، بل تذكيرًا بأن السودان لا يليق به إلا الأدوار الكبرى.

🧭 سادسًا: ما المطلوب الآن؟
١. إيمان استراتيجي بأننا لسنا بحاجة لإذنٍ كي نتكامل.

٢. تبني CODAS على مستوى النخب السيادية، من خارج النظام الرسمي.

٣. إعلان انطلاق التحالف من منصة دولية رمزية بمشاركة شخصيات مستقلة.

٤. تحريك الإعلام الوطني والبديل لصناعة الرأي العام حول المشروع.

✊ أصل القضية: CODAS هو الجواب السيادي

حين يُكبل الرسمي بالقيود، يتكلم الضمير.
و حين تُغلق المؤسسات، تنفتح العقول الحرة.
و حين تُكسر الدول، تُبنى الأمم من جديد… لا عبر البيانات، بل عبر التحالفات الحية.
إننا لا نبحث عن بديل للجامعة أو الاتحاد، بل نعيد تعريفهما.
و إننا لا نحارب أحدًا، بل نُحرر مستقبلنا من الانتظار.

لذا نحتاج إلى CODAS. الآن. من الداخل. من الضمير

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى