أصل القضية … من “تكية الفول المصلّح” إلى “تكية الأمل” – (٢-٣) .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر– باحث بمركز الخبراء العرب

من الملاعق إلى أدوات الإنتاج… حين يصوغ الحي مستقبله بفكرة
🔁 حين تصبح التكية حاضنة لوطن مصغّر
في الجزء الأول، لم نكن نحكي عن قدر فول فقط، بل عن قدر وطن، يغلي على نار الحاجة و تفور فيه القصص و الممكنات.
قلنا إن “تكية الفول المصلّح” لم تكن مجرد ” كمشة و قدرة و مواعين” ، بل كانت ذاكرة مجتمعية و تجربة أولى لوطن صغير يولد من الحي.
و اليوم، لا نعود فقط إلى رائحة الفول… بل إلى الرؤية:
كيف نعيد تعريف التكية، من لحظة رحمة و لمة أهل و أحباب و جيران… إلى مؤسسة تنموية، من “كمشة فول”… إلى أداة إنتاج؟
🟤 (التكية) الجديدة: الاقتصاد يبدأ من المطبخ
“لا نريد “دعومات” تدفئنا ليلة… بل اقتصادًا يُنبت لغد أجمل”
ماذا لو أصبحت التكية:
■مكانًا لمحو الأمية قبل ملء البطون؟
■ورشةً لإنتاج الزي المدرسي، بدلاً من استيراده؟
■أو ركنًا لتعبئة منتجات نساء الحي بدلًا من جلوسهن في الظل؟
°عبر التكية ، يساهم توفير عدد (٣) ماكينة خياطة واحدة في توفير (٦٠) زي مدرسي شهريًا، عبر نساء الحي، بعائد مجزٍ يمكّن للمرأة و يوفر للأسرة و يُشغل اليد و العقل معًا.
°من خلال التكية أيضًا، يمكن تحويل بقايا الورق و الكتب المدرسية التالفة إلى “أطباق بيض”، تباع بأسعار رمزية، مولدة دخلًا دوريًا ثابتًا و تساهم في إعادة النفايات الورقية.
🔧 من التبرّع إلى التمكين… و من الاستجداء إلى الاقتصاد
التكية ليست إحسانًا لحظيًا… بل بذرة لنموذج اقتصادي قاعدي يُبنى من القاع.
💰 آلية التمويل:
٥ ألف جنيه أسبوعية من كل بيت → 100 بيت = ٢ مليون جنيه شهريًا.
تدوير التبرعات القديمة → مشروع خياطة ، صابون ، تدوير النفايات أو صناعة و تنجيد مراتب.
📊 النتائج المتوقعة:
خلق وظائف غير رسمية مباشرة لـ5–10 أفراد لكل تكية.
تعليم 20–50 شخص محو أمية و وظائف حياتية.
كفالة 100 شخص يوميًا من موارد الحي ذاتها.
تقليل الاعتماد على الإغاثة بنسبة 30% خلال 6 أشهر.
📐 نموذج تشغيلي من قلب الحارة
●ركن التعليم
وظيفته: محو أمية، دروس، توعية.
من يشغله: معلمون متطوعون، طلاب جامعات.
●ركن الإنتاج
وظيفته: خياطة، صابون، إعادة تدوير
من يشغله : نساء الحي، فتيات مبتكرات.
●ركن السوق
وظيفته :بيع محلي للمنتجات
من يشغله: شباب التسويق، تجار الحي.
●ركن الإدارة
وظيفته : تنظيم، محاسبة، جدولة.
من يشغله : لجنة حي شفافة.
●ركن : التغذية
وظيفته: وجبات يومية أو أسبوعية.
من يشغله : متطوعون ، تبرعات المحلات التجارية و الأفران العاملة.
🌱 اقتصاد الحي: من فكرة إلى نموذج
نؤسس لما يمكن تسميته: اقتصاد الحي – اقتصاد يربح من “الفائض عن الحاجة”، يُشغّل من التكاتف، و يقوم على رأس مال المجتمع، لا على رأس مال السوق.
هذه التكية ليست مجرد مبادرة مجتمعية… بل تمثل:
■الاقتصاد التضامني: حين تتضافر الجهود بعيدًا عن السوق الربحي.
■رأس المال الاجتماعي: حين يُصبح الثقة و التعاون أهم من التمويل.
■بنية تحتية بديلة: تبدأ من الملاعق، ولا تنتهي بالماكينات.
🌍 رسالة إلى المنظمات: نحن لا نطلب مالًا… بل شراكة واعية
●إلى شركائنا في التنمية (UNDP – WFP – GIZ – USAID…):
نقترح عليكم نموذجًا:
•لا يحتاج لاستيراد… لأنه نابع من الثقافة الشعبية.
•لا يكلّف كثيرًا… لكنه يربح مجتمعًا.
•لا يُضعف الدولة… بل يدعمها من القاعدة.
🔖 إنها بنية تنموية مرنة، تعمل في الهشاشة و تزدهر في الحروب… و تحفظ الكرامة، لا فقط الحياة.
🔥 أصل القضية،،، من جمرة تحت الرماد
“قدرة الفول” لم تكن طعامًا فقط… كان قِدر وطن، يغلي بفكرة.
التكية ليست مائدة… بل مختبر لإعادة هندسة الدولة، هي إعادة تشبيك و تربيط من القاعدة من المجتمع، فالمجتمع المعافى قوة الدولة و أساسها.
ذا بدأنا من حي… نصل للدولة.
و إذا جمعنا التكايا… نرسم خريطة وطن تُبنى لا بالمؤتمرات، بل “بالكمشة” و الخياطة، و التعليم و الاحترام.
📍 في الجزء الثالث:
“تكية الوطن – شبكة أمل وكرامة من الحي إلى الدولة”
عندما تُربط التكايا عبر المدن، سنكتب حائط السودان:
“هنا لا نُطعم الناس فقط… بل نُصنّع الغد لأنه سوا بنقدر”