أصل القضية … من “تكية الفول المصلّح” إلى “تكية الأمل” (٣-٣) .. بقلم/ محمد أحمد أبوبكر – باحث بمركز الخبراء العرب

🟦 تكية الوطن – من تكية الحي… إلى شبكة إنتاج وطني
🔴 حين يصبح الحي خلية وطنية
في البدء، كانت “الكمشة”… ثم صارت وجبة… ثم تحوّلت إلى فكرة… و اليوم، آن أوان أن تصبح “شبكة”.
نعم، فـ”تكية أخبار حلتنا” ليست النهاية… بل واحدة من النقاط التي إذا وُصِلَت، ترسم خارطة وطن.
ليس الهدف تكرار التجربة… بل تشبيكها. ليس الحلم توزيع الأطباق… بل تجميع الطاقات.
🌐 تكية الوطن: من القِدر إلى الخريطة
لكل تكية قصتها، لكن الوطن يحتاج رواية جامعة.
فبدل أن تتحرك كل مبادرة في حيّها بمعزل عن الأخرى،
فلنتخيّل شبكة تكايا مترابطة، تنسّق جهودها، تتبادل الفوائض، وتبني اقتصادًا تضامنيًا على مستوى الدولة.
🔁 التكية التي تصنع صابونًا في نيالا،
تُرسل فائضه إلى تكية في مدني،
وتلك التي تصنع زيًا مدرسيًا في بورتسودان،
تبيعه بسعر رمزي لتكية في سنار…
وهكذا، لا نُطعم فقط… بل ننسج نسيج دولة من تحت.
📡 آلية الانتقال من النموذج إلى الشبكة
دون تفاصيل تشغيلية مكرورة، نحتاج إلى ثلاث نقاط تحول:
١. التنظيم الشبكي
منصة تنسيقية بسيطة (ورقية أو رقمية) توثق نشاط كل تكية.
خارطة حيّة تُظهر من يعمل في ماذا و أين، لتقليل التكرار و زيادة التكامل.
٢. المركز المرجعي الشعبي
ليس وزارة… بل مركز تنسيق مجتمعي يربط التكايا بالحكومة والمنظمات.
يُقدّم أدلة معرفية، و ينسّق التدريب، و يصوغ عقود شراكة لا وصاية.
٣. العقل الجماعي المنتج
التكية الواحدة تفكر لحيّها، لكن الشبكة تفكر لوطن.
عبر القصص والنجاحات، نُنتج معرفةً نابعة من الميدان… لا من الخطط الجاهزة.
🎯 استراتيجية الجسر والمورد: حين تلتقي التكايا بالرؤية الوطنية
إذا كانت التكية تمثل الجذر،
فـاستراتيجية الجسر و المورد تمثل الجذع والرؤية.
إننا لا نبني مشاريع إغاثة… بل نعيد تعريف الدولة من أسفل.
التكية في هذه الرؤية، ليست مكانًا… بل معملًا لإنتاج:
● الاقتصاد المجتمعي.
● القيادة القاعدية.
● السيادة من داخل المجتمع.
و هكذا تصبح التكية:
“جسرًا بين الفقر والكرامة”
و “موردًا للفكرة قبل المال”
🌍 نداء مفتوح للمنظمات والمؤسسات الرسمية
نحن لا نريد أن “تتبنى” الدولة التكية،
بل أن تعترف بها كمصدر قوة.
ولا نطلب من المنظمات أن “تموّلها”،
بل أن تتعلم منها وتُصغّر مقاربتها لتتناسب مع الواقع.
التكية هي أول مؤسسة ما قبل الدولة… و أذكى مؤسسة ما بعد الأزمة.
🔚 أصل القضية ،،، بداية الوطن
لم يكن قدر الفول نارًا تُطهى بها وجبة…
بل شعلةً أضاءت طريقًا لنهضةٍ تبدأ من حيّ متواضع، و تنتهي بـسودان مهيب.
إنها ليست تكية… بل “نقطة نظام” في مسار أمة،
مكانٌ تُغسل فيه الأواني… و تُطهَّر فيه القلوب،
تُرتّب فيه الكراسات… و تُعاد فيه صياغة الدساتير.
📜 درس القدر واللبن… و حديث التواطؤ الصامت
كان الملك حكيمًا حين طلب من قومه أن يملأوا قِدرًا باللبن…
لكن كل واحد قال في نفسه:
“لن يُلاحظ أحد إن سكبت ماءً بدل اللبن.”
و فِي الصباح… امتلأ الإناء بالماء فقط.
لم يخنهم فرد… بل خانوا الفكرة.
ظنّوا أن “الصغيرة لا تُحدث فرقًا”… فاختنق الحلم في الزاوية المظلمة من التواكل.
🌾 لكن في تكية الوطن… كل ملعقة كانت عهدًا
■ كل من جاء، لم يأتِ بفول فقط… بل أتى بوعدٍ أن لا يعود الجوع هويةً،
■ أن لا تبقى الأمية قدرًا، وأن لا يبقى التهميش عادة.
■ جاء الناس بمواعين صغيرة… لكن قلوبهم كانت أكبر من الحلم.
وبدل أن يسكبوا ماء التخاذل… سكبوا لبن العزم، ودقيق الأمل، وملح الحياء.
🎨 التكية لوحةٌ يرسمها الفقراء… فتعلّق على جدار التاريخ
● هي ليست مشروعًا خيريًا… بل مشروعٌ لبناء الإنسان الذي ما انكسر رغم الحرب،
● هي ليست بقايا صوفية… بل خميرة الصبر التي تخبز بها المجتمعات الخارجة من رمادها.
• فيها الحرف الأول لوطنٍ جديد،
• و فيها الخياطة التي تُلصق ما مزّقه الطمع،
• و فيها البخور الذي يُطهّر الجراح… لا ليخدرها، بل ليُداويها.
🎯 إن كانت الخرائط تُرسم بالمسطرة… فخريطة السودان تُرسم بالملاعق
فيا من تقرأ، لا تنتظر قرارًا… بل كُن القرار.
ابدأ من الحي، من الزقاق، من المطبخ، من دفترٍ و حصيرة من ماكينة خياطة مُعطّلة،
و ابنِ بها وطنًا.
لأن السودان لن يُبنى بالموازنات… بل بالموازين.
لن يُرسم بخطابات القصور… بل بخطى الحارات.
و لن يُوقّع في المؤتمرات… بل في الدهاليز، و في سطرٍ مكتوبٍ على حائط تكية،،،
“هنا لا نُطعم الناس فقط… بل نُصنّع الغد.”