مقالات الرأي
أخر الأخبار

الآلية الرباعية.. هل ما زالت تعبث بالأمن القومي السوداني؟ .. بقلم/ م. عبدالمنعم عوض محمد الحسن

المتتبع لمسيرة السودان منذ حراك 19 ديسمبر 2018م يجد أن التدخلات الأجنبية و الأجندة الخارجية قد لعبت دورًا واضحًا في إسقاط حكومة البشير الممتدة لقرابة ثلاثين عامًا في حكم السودان، حيث كان الدور الخارجي مفصليًا و شكّل علامة فارقة في صنع الأحداث و إعطاءها الزخم السياسي و الإعلامي خاصة عبر الغرف الإلكترونية، و دعمها حتى بالمال لاستمرار أنشطة التجمعات و المظاهرات و تتويجها بالاعتصام الشهير أمام قيادة الجيش السوداني، و من مظاهر التدخل الخارجي في أحداث السودان أن سفراء الدول العربية والأجنبية كانوا يزورون ميدان الاعتصام بانتطام بغرض الدعم و المساندة و إحداث الزخم اللازم لاستمرار وصمود الاعتصام حتى يتم إسقاط الحكومة، و قد كان.

استمر التدخل الخارجي و زادت حدته بعد سقوط نظام البشير و التشاكس الذي حدث بين اللجنة الأمنية التي أسقطت البشير و بين تجمع القوى الثورية التي ترى أنها الأحق بوراثة حكم البشير، فلجأت القوى المدنية إلى التواصل بشكل واضح مع القوى الخارجية و الاستنجاد بها أحياناً في وجه عساكر الفترة الانتقالية، حتى توج ذلك التواصل رئيس وزراء حكومة الثورة (عبدالله حمدوك) – بالتعاون مع دولتي بريطانيا و ألمانيا- بأن خاطب الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي (دون مشاورة شركاء الحكم العسكريين) و طلب بعثة سياسية تحت الفصل السادس للمساعدة في ترتيبات الانتقال السياسي، فكان أن تم ابتعاث (فولكر بريتيس) – المبعوث الأممي السابق في سوريا – كرئيس للبعثة الدولية الانتقال السياسي في السودان، و منذ ذلك الحين تدولت قضية الحكم في السودان و أصبحت التدخلات الأجنبية بائنة بصورة كبيرة و كأنها تستمد شرعيتها من الحكام المدنيين الجدد الذين طالبوا و جاهروا بذلك.
في ظل هذه التدخلات الخارجية المكشوفة و الاحتقان الذي حدث بسبب التشاكس بين مكونات الحكم المختلفة، برزت آلية تسمى الآلية الرباعية، و سُميت بهذا الاسم لأنها تتكون من أربع دول (الولايات المتحدة الأمريكية، بريطانيا، السعودية و الإمارات)، و لم تكن الآلية الرباعية هي مجرد دول اجتمعت للتنسيق بخصوص الشأن السودان، و لكنها كانت تجمع لمخابرات دولية و عربية تنسق فيما بينها و تخطط آناء الليل و النهار لإحكام السيطرة على مقاليد الأمر في السودان، لتشابك و تلاقى المصالح بينها جميعا في السودان و كلٌ يريد منه ما يحقق به مصالح و مطامع معينة، و استمرت الآلية الرباعية في تدخلاتها و استقطابها للقوى السياسية المختلفة، و محاولة توحيدها ضد المكون العسكري في السلطة الانتقالية الجديدة، فتفتقت عقلية الرباعية بعد أن أصطدمت بعقبة الجيش الوطني و هو كان آخر القلاع الوطنية التي لم تستطع حكومة الثورة الجديدة من احتوائها و تدجينها لصالح المشروع الخارجي.

ذكرنا أنه تفتقت عقلية الرباعية بأن صاغت الإتفاق الإطارى الذي يؤسس لمرحلة جديدة في السودان، و يستبدل الجيش الوطني المهني و يبتلعه تمامًا داخل مليشيا قبلية مسلحة تتبع لعائلة (آل دقلو) بدعوى إعادة هيكلة القوات المسلحة، و هو ما أدى إلى لجوء الرباعية و معها القوى المدنية بأن استعجلوا تفكيك الجيش بالانتقال إلى الخطة (ب) بعد أن رفض الجيش الاتفاق الإطارى تمامًا، و الخطة كانت تنص على أن مليشيا الدعم السريع قادرة على فرض الاتفاق الإطارى على الجيش السوداني بقوة السلاح، و كانوا واثقين تمامًا من ذلك عندما تحركت آليات مليشيا الدعم السريع لتطويق و محاصرة معسكرات و مقرات الجيش السوداني إبتداءً بقاعدة مروي الجوية، و باركت الرباعية هذه الخطوات و كادت أن تبارك القيادة الجديدة للسودان بقيادة (محمد حمدان دقلو).
بعد مرور عامين على إنطلاق هذه الأحداث، و بعد فشل فرض الإتفاق الإطارى الذي صاغته و فرضته الآلية الرباعية على المشهد في السودان، يحق للمرء أن يتساءل ما هو دور الرباعية الحالي في الأحداث الجارية، و هل استسلمت لهزيمة مشروعها الكبير في السودان أم لا زالت تلعب أدواراً خفية خلف الكواليس لتحقيق الهدف بطرق و سيناريوهات جديدة، و كما ذكرنا آنفاً فإن الرباعية ليست مجرد دول التقت مصالحها في السودان، و إنما هي أجهزة مخابرات أجتمعت و نسقت و ما زالت تعمل من أجل تحقيق الأهداف المرسومة ضمن خطة مخابراتية كبيرة جدًا تستهدف السودان في أرضه و شعبه، لذلك دعونا نغوص قليلًا في تحليل الدور الحالي لدول الرباعية في مشهد الحرب (الدولية) الدائرة الآن في السودان.

الدور الإماراتي :
توافقت مخابرات الدول الأربعة (الرباعية) على ترك الدور القذر في الحرب على السودان و إوكاله لدولة الإمارات، و ذلك لخبرتها الطويلة و تجاربها السابقة في مثل هذا النوع من الأدوار الشريرة، بالإضافة إلى عدم تورع الإمارات في السخاء بالمال و إنفاق ملايين الدولارات من أجل تنفيذ المهام الموكلة إليها، فكان أن تم تكليف دولة الإمارات بالدعم اللوجستي المباشر للذراع العسكري المنفِّذ للمهمة و توفير الأسلحة و العتاد الحربي له بالإضافة إلى الأنظمة العسكرية المتطورة و تحريك أسطول الدعم اللوجستي عبر مطارات يتم إنشاؤها بالمال الإماراتي تحت غطاء الدعم الإنساني، أو عبر شراء ذمم زعماء دول و مخابرات في دول الطوق السوداني، و هو ما نجحت فيه الإمارات لحد كبير، حيث تم تدجين و شراء جميع الدول حول السودان و تسخيرها لصالح الدعم اللوجستي و إدخال وتدريب المرتزقة الأجانب في حرب السودان، بالإضافة إلى احتضان الحاضنة السياسية لمليشيا الدعم السريع و جميع القادة المؤثرين في الحرب، و تسهيل إقامتهم وتنسيق برامجهم السياسية في إطار المشروع المخطط، إضف إلى ذلك لعلم الرباعية أن دولة الإمارات ليست لديها أي وازع ديني أو أخلاقي للقيام بكل شئ يخطر على البال في سبيل تحقيق الأهداف الخبيثة دون خجل أو حياء أو حتى خوف من المساءلة الدولية أو المحاسبة في سلوك فج و غريب حتى على الإنسانية في العالم، و يقينهم التام بأن دولة الإمارات قادرة على شراء ذمم دول و مسؤولين دوليين كبار على مستوى المنظومة الدولية من أجل الإفلات من المحاسبة و العقاب، و الآن تستخدم الإمارات كل مواردها المالية في سبيل تنفيذ الخطة المرسومة بدقة بواسطة الرباعية الدولية و شركاءهم، و في سبيل تحقيق هدف المشروع قامت دولة الإمارات بشراء ذمم أعضاء دول الاتحاد الافريقي و دول الإيغاد حتى لا يقدموا أي دعم لحكومة السودان، بل العكس تمامًا تسهيل الدعم لتنفيذ المخطط باحتضان أنشطة المليشيا المتمردة و حاضنتها السياسية، فوصل الأمر إلى إعلان حكمة موازية للحكومة السودانية الشرعية في إحدى دول الاتحاد الأفريقي (كينيا) و التي ما زالت تساهم بقوة في دعم تنفيذ المخطط و تحقيق أهدافه، و ليس بأدلّ علي أن المخطط هو ليس مخطط دولة الإمارات وحدها و إنما مخطط دول الرباعية أن الإمارات رفضت قرارات مجلس الأمن و الدفاع السوداني الذي قضى بقطع العلاقات الدبلوماسية بين البلدين و اعتبار دولة الإمارات هي دولة عدوان بالنسبة السودان، فلو كان المخطط هو مصلحة فردية تخص دولة الإمارات لكانت انصاعت لقرارات القطيعة مع السودان و لكنها لاتستطيع إتخاذ قرار منفرد بعيدًا عن مخابرات الرباعية الدولية.

الدور السعودي:
درست مخابرات الرباعية الدولية النفسية السودانية جيدًا، تلك النفسية المحبة بالفطرة لكل ما يخص أمر النبي محمد عليه الصلاة و السلام، و حب السودانيين لمقامات و منازل الرسول عليه الصلاة والسلام و بالتالي عشقهم الدائم لأرض الحرمين الشريفين، لذلك أوكلت لدولة المملكة العربية السعودية الدور العاطفي و الإنساني في الحرب، في سلوك أشبه ما يكون بالحرب الناعمة و تنفيذ المخطط بوسائل تحفها الإنسانية و الرحمة، فقامت السعودية و منذ الشهر التالي للحرب بعد أن فشل هدف الرباعية للاستيلاء على الحكم عبر المليشيا، لجأت السعودية إلى فتح منبر تفاوض لتحقيق مكاسب في إطار المشروع فشلت الرباعية في أن تحققها عبر الحرب، فكان اتفاق جدة الذي لم يُنفذ حتى الآن، و رغم ذلك كانت السعودية تلعب دور المنقذ لمليشيات الدعم السريع كلما ضاق عليها الخناق العسكري أو احتاجت لتعويض الأسلحة و الذخائر و العتاد العسكري، فكانت السعودية تفرض هدنة إنسانية بوقف إطلاق النار، فكانت هذه الهدن هي بمثابة قبلة الحياة النهوض من جديد بالنسبة لمليشيات الدعم السريع، فكانت تحتل من خلالها و تتمدد في مناطق سيطرة جديدة، و تنكّل بالمواطنين العُزّل و تطردهم من بيوتهم و قُراهم، و في المقابل كانت السعودية ترسل شحنات من الدقيق و الأرز و زيت الطعام لتخدير المواطن و إعماءه عن التفكير في الدور الحقيقي الذي تلعبه السعودية ضمن مخطط مخابرات الرباعية الدولية، كما قامت السعودية في سلوك لا يمكن تفسيره إلا الانحياز و دعم مليشيات (آل دقلو) المتمردة قامت باحتجاز شحنات أسلحة كان الجيش السوداني في أشد الحرجة إليها لمواصلة دحره المليشيات المتمردة، و لم تكتفِ المملكة العربية السعودية بذلك بل و قبل أن تضع الحرب أوزارها أرسلت وفدًا رفيع المستوى بقيادة ذات السفير المنسق مع الرباعية الدولية (علي بن جعفر) للجلوس مع قيادة الدولة في بورتسودان للحديث عن مشاريع الإعمار و إعادة تأهيل المرافق الحيوية، في مسلك ينافي الأعراف الدبلوماسية الدولية بالإصرار على بقاء ذات السفير الذي كان جزءاً من مشكلة الحرب و هي رسالة مبطنة على أن السعودية غير نادمة و لا معتذرة عما فعله سفير الرباعية في السودان و دوره الواضح في إشعال الحرب، كما لا يمكن فصل الدور السعودي ضمن مخابرات الرباعية الدولية عن التخدير و سياسة الاحتواء التي تمارسها المملكة العربية السعودية تجاه السودان لمنعه من الإقدام على أي تقارب مع روسيا أو إيران، و من غير المستبعد تمامًا أن تكون السعودية وراء تعطيل مشروع إنشاء القاعدة العسكرية الروسية في بورتسودان على ساحل البحر الأحمر، فالدور السعودي الآن يتمثل في احتواء السودان و منعه من القيام بأي خطوة إستراتيجية هامة يمكن أن تغير مجرى الحرب و تفكك مخطط الرباعية المخابراتي للسيطرة على السودان.

الدور البريطاني:
تُعتبر دولة بريطانيا حاملة القلم لشؤون السودان في الأمم المتحدة و مجلس الأمن الدولي، و لخبرتها في الشؤون السودانية باعتبارها كانت الدولة المستعمرة للسودان قديمًا، و لمعرفتها العميقة بطبيعة الأحزاب السياسية و علاقاتها المتجذرة التاريخية ببعض الأحزاب السياسية السودانية، رأت مخابرات الرباعية الذرية أن تترك لبريطانيا الدور السياسي في إطار مخطط السيطرة على السودان، فكان واضحًا الدور السياسي البريطاني و تأثيره حتى في تشكيل حكومة الثورة ما بعد سقوط حكومة البشير، و الإتيان بابنها المطيع (عبدالله حمدوك) كرئيس وزراء للفترة الانتقالية لحكومة الثورة، للدرجة التي جعلت بريطانيا تصيغ خطاب استدعاء البعثة الاممية للانتقال السياسي في السودان بقلمها مع رئيس الوزراء حينها عبدالله حمدوك، و لم ينقطع الدور السياسي الذي تلعبه بريطانيا حتى بعد إندلاع الحرب، فظلت مخابرات بريطانيا الشريكة مع الرباعية الدولية ظلت تعطل كل مشروعات القرارات الدولية التي تقدمها حكومة السودان ضد عضو الرباعية الدولية (الإمارات) في أروقة مجلس الأمن الدولي و الأمم المتحدة، بل ذهبت أبعد من ذلك و أصبحت تقدم التسهيلات و الدعم للحاضنة السياسية للمليشيا المتمردة التي تخوض الحرب ضد الدولة السودانية، و تقيم لها الندوات والمؤتمرات حتى داخل مجلس العموم البريطاني، بل أصبحت كثير من الفعاليات السياسية التي تدعم الجهات السياسية التي إصطفت مع المليشيا المتمردة في خندق الحرب ضد الدولة السودانية تُقام داخل بريطانيا تحت رعاية رسمية و دعم من الحكومة البريطانية، و ما زال الدور الذي تلعبه بريطانيا في هذه الحرب متناسق و منسق تمامًا مع كل مواقف دول الرباعية الدولية، مما يدل على استمرار التنسيق بينها حتى الآن لتنفيذ المشروع الذي وضعته مخابرات تلك الدول و عدم التراجع عنه حتى الآن.

الدور الأمريكي:
الدور الأمريكي الحالي في حرب السودان لا ينفصل عن قراءة المشهد قبل الحرب و التحركات المكوكية النشطة و الظهور الاعلامي الكثيف للسفير الأمريكي (جون دينفري) في المشهد السياسي السوداني وكل الفعاليات السياسية و الاجتماعية للقوى المدنية السودانية التي تمثل الحاضنة السياسية للمليشيا المنفذة للمخطط، و رغم إعفاء السفير الأمريكي من قبل حكومته بعد اندلاع الحرب و استبدال المبعوث الأمريكي للسودان بآخر، إلا أن الدور الأمريكي في إطار مخابرات الرباعية الدولية لازال مستمرًا حتى الآن، حيث أُوكل للولايات المتحدة الأمريكية الحماية الدولية للدول الضالعة في تنفيذ المخطط، و ذلك باعتبار التأثير الأمريكي الكبير و الهيمنة على المؤسسات الدولية و المنظمات الأممية و الإنسانية في العالم، فرغم ما يحدث من انتهاكات في حق المواطن السوداني من أفعال ترقى إلى تصنيفها كجرائم حرب و إبادة جماعية، إلا أنه لم تجرؤ منظمة دولية أو أي كيان دولي على تصنيف مليشيا الدعم السريع كمنظمة إرهابية و ذلك بسبب الحماية التي توفرها الولايات المتحدة الأمريكية للمخطط عبر مخابرات الآلية الرباعية، و لأن أمريكا هي الدولة العظمى المسيطرة على الاقتصاد العالمي و حركة التجارة و الأموال، تم الاتفاق ضمن مخابرات الرباعية الدولية على إيكال أمر فرض العقوبات الدولية على الأطراف المؤثرة في مخطط الحرب على السودان، فتم إصدار عقوبات غير مبررة على كيانات و أشخاص مرتبطين بالدعم المشروع للجيش الوطني السوداني في سبيل تسليح وحداته القتالية و امتلاك الأسلحة و الذخائر و المعدات التي كفل حيازتها القانون الدولي لأي دولة في العالم في سبيل حماية سيادتها و حماية أراضيها، مقابل عقوبات خجولة في مواجهة أشخاص غير مؤثرين في مليشيا الدعم السريع المتمردة، و لأن مخابرات الرباعية الدولية تعلم أنهم لا يد لهم في التخطيط أو التمويل أو الإمداد، و أن فرض عقوبات عليهم لا يؤثر إطلاقًا على سير المخطط، فالرباعية الدولية هي من تتولى التخطيط، و التنفيذ و التمويل و الإشراف بنفسها، فالحماية الأمريكية لمخطط المشروع المخابراتي ضد الدولة السودانية لا يقتصر فقط على حماية سير المخطط و حمايته من كل عراقيل مشروعات قرارات المنظمات الأممية أو منظمات حقوق الإنسان أو حتى محاكم العدالة الدولية فحسب، بل يتعداه إلى حماية دول الرباعية المنفذة للمشروع بكل ثقلها الاستخباراتي و تسخيرها لجميع منظوماتها الفنية و العسكرية و اللوجستية في سبيل إنجاح المشروع، و لو لم تكن دولة الإمارات واثقة من الحماية الأمريكية المطلقة لتصرفاتها و سلوكها المتمرد على الشرعية الدولية، لما تمادت إلى هذا الحد و بكل هذه الوقاحة و (قوة العين) في أفعالها التي لا تشبه أفعال دولة راشدة، و قد تمثلت هذه الحماية المطلقة عندما صرح الرئيس الأمريكي السابق (بايدن) بأن (دولة الإمارات شريك إستراتيجي هام بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية).. و لم تتخذ إدارته أي قرار في مواجهة دولة الإمارات رغم التقارير الموثقة المرفوعة له من اللجان المختصة بالكونغرس الأمريكي و مطالبة العديد من أعضاء مجلس الشيوخ بمعاقبة الإمارات بسبب استمرار توريدها و إدخالها السلاح إلى منطقة دارفور بالسودان في خرق واضح لقرارات مجلس الأمن الدولي، كما لم نرَ حتى أي إدانة أو تحقيق أمريكي في ظهور السلاح الأمريكي المباع لدولة الإمارات و استخدامه بواسطة مليشيا الدعم السريع ضد الجيش السوداني.

ختاماً:
النظر إلى انتهاء دور الرباعية الدولية باندلاع الحرب هي نظرة سطحية و ساذجة تكشف عن قصر نظر، فما نراه الآن في الخارطة من دول مبعثرة نتعامل معها كلٌ على حدة، هي في الأصل دول متواصلة حتى الآن عبر أجهزة مخابراتها في الغرف المغلقة التي لا يراها أحد، فالخطة الموضوعة بواسطة مخابرات دول الرباعية يتم مراجعتها و تقييمها و تقوميها بصورة دورية مستمرة، يتم تصحيح الأخطاء و تحليل كل الخطوات التي يمكن تحدث في إطار المشروع، و إعادة رسم خارطة الأدوار و تحريك القطع على (رقعة الشطرنج) و استنتاج الخطوة القادمة لكل طرف مؤثر في الحرب، بل حتى وضع خطط بديلة و طارئة لمواجهة أي لاعب إقليمي أو دولي يحاول أن يفسد سير الخطة بتدخلاته، و محاولة تحفيز بعض الدول بحوافز اقتصادية كبيرة لشراء صمتها و عدم تدخلها حتى لو كانت هذه الحرب مؤثرة على أمنها القومي، مثل مصر و تشاد وجنوب السودان، مع وضع الخطط لإشغال اللاعبين الكبار مثل تركيا و الصين لعدم التدخل لمصلحة الدولة السودانية، و ربما إرسال رسائل تهديد لبعض الدول الصديقة مثل إيران و أريتريا حتى يستمر المخطط دون عوائق، لذلك نخلص إلى أن الرباعية الدولية مازالت تعمل في الخفاء بتنسيق تام بين أجهزة مخابراتها التي تعمل ليلاً و نهاراً لإنجاح مخطط السيطرة على الدولة السودانية و التخلص من الكتلة الوطنية الصلبة و العقبة الوحيدة المتمثلة في الجيش السوداني و جهاز المخابرات العامة و الملتفين من حولهم من القوى الوطنية.

و نواصل..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى