مقالات الرأي
أخر الأخبار

الإدارة الأهلية قضاياها و إشكالاتها [1] بقلم.. شيخ البلد/ عوض الكريم عبد الله فضل الله

إن من الأفضل لنا أن نذكر شيئًا يسيرًا من تاريخها و دورها في المجتمع و الدولة، قبل الحديث عن القضايا و إشكالاتها.
تاريخها:
المقصود بالإدارة الأهلية: الزعامات التي تحكم القبائل، و هو مصطلح استحدثه الاستعمار البريطاني؛ فعند احتلاله للبلام في العام١٨٨٩م وجد نظامًا عشائريًا قديمًا فوظّفه لمصلحة و استقرار حكمه الجديد.
من المعلوم تاريخيا أن القبائل السودانية كانت الأساس الذي بنيت عليه الدولة السودانية، وكان شيوخ القبائل، وزعماء العشائر يشكلون مع الملك أو السلطان النظام الأساس للحكم.
و قد تأثرت و أثرت الإدارة الأهلية بكل عهود الحكم التي مرت علي السودان سلبًا أو إيجابًا، بيد أن أكثر العهود أثر فيها و تأثرت به كان عهد الاستعمار و العهد الوطني.
فأما عهد الاستعمار فقد صدرت قوانين كثيرة لتطويرها و قد حصلت الفائدة بين الجانبين. و كان الاستعمار أكثر ذكاءً و فطنة في هذا من الوطنيين.
و أما الوطنيون فقد كانوا ينظرون إليها بعين الريبة منذ مؤتمر الخريجين، إلى أن جاءت حكومة مايو ١٩٦٩م فكان قرارها بإلغائها في العام١٩٧٠م مع استثناء بعض المناطق القليلة.
و قد أكد كثير من الخبراء الإداريون خطأ هذا القرار، و قد ترتبت عليه عواقب كانت وخيمة علي البلاد و استقرارها؛ و منها شيوع الفوضي الأمنية و خاصة في الأقاليم الغربية، و منها الضعف في تحصيل الضرائب، و كذلك قيام الحروب و الصراعات القبلية، و تُوّج كل هذا بظاهرة النهب المسلح و تداعياته التي لم تزل مستمرة إلى يومنا هذا.
هذا، و قد كان للإدارة الأهلية في الماضي البعيد و القريب دورًا كبيرًا في حفظ الأمن، و حل النزاعات القبلية و الفردية، و كان لها مساهمات في توفير المياه و تنمية القطاعات الحيوانية و الزراعية و الغابية و الصحية والاجتماعية وغيرها، إذ كان رجالها هم همزة الوصل بين مواطنيهم والسلطات المحلية الحكومية.كانوا في نظر مجتمعاتهم رموزا وأعلاما، يستحقون الاحترام والطاعة والتقدير، كما كانوا أشد الناس حرصا علي سلامة مجتمعاتهم، وصيانة مصالحها.
و لِبعض الناس رؤية مخالفة للقول السابق، خاصة بعض أهل العلم و الثقافة، و خلاصة رؤيتهم أنهم يرونها أنها نظام بالٍ قديم، لا يصلح و غير مناسب في زماننا هذا، الذي فشا فيه التعليم، و عمّ الوعي، و يرونها كذلك ترسيخًا للعصبية القبلية و الجهوية علي حساب القومية السودانية، و أيضا ينعتون بعض رجالها بالجهل و الجور و الدكتاتورية و غير ذلك من الأوصاف.
بينما يري أخرون مخالفون لهم أنها ضرورية خاصة للقبائل البدوية و الرعوية التي لا تخضع إلا لشيوخها و زعمائها، و  يرون أن بالإمكان تطويرها إلي الأفضل والأحسن عن طريق الانتخاب و القوانين و اللوائح المنظمة بدلًا عن إلغائها كلية.
و خلاصة القول: أن الإدارة الأهلية نظام راسخ، و إرث موروث للمجتمع السوداني، له إيجابياته، و له سلبياته، و أنه يمكن تطويره و الاستفادة منه لصالح المجتمع و الدولة. و الله تعالى أعلم و أحكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى