الصحيفة الإلكترونية
أخر الأخبار

الإمارات تستخدم الزومبي حميدتي لإعلان الحرب على مصر … بقلم اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

🇪🇬عانت مؤسسات الدولة السودانية من سلسلة ممتدة من محاكم التفتيش السياسي الذي أسفر عن عمليات تدمير ممنهجة ومُتَّصلة للخدمة المدنية والعسكرية سواءً بسواء ، فمنذ الاستقلال بدأت عمليات هدم مؤسسات الدولة تحت شعار إزالة آثار الاستعمار الذي استغلته الأحزاب لمحاصصة الوظائف ، ثم أتت ثورة أكتوبر بشعار التطهير واجب وطني ، وابتكرت حكومة النميري قانون الصالح العام الذي صفَّت به مؤسسات الدولة من كل الموظفين المُشتبه بانتماءاتهم السياسية ، ولم تخرج ثورة أبريل التي أطاحت بالنميري عن النسق بشعارها إزالة آثار السدنة ، واستعملت الإنقاذ قانون النميري للصالح العام فكان خير معينٍ لها في سياسة التمكين ، ثم جاءت ثورة ديسمبر بلجنة إزالة التمكين وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو والتي نكبت بها كل مؤسسات الدولة وكدَّست عملاء الإمارات والدعم السريع داخل هذه المؤسسات حتى اليوم ، ولم يكن انقلاب ٢٥ أكتوبر ٢٠٢١م خيراً مما سبقه ، فقد نسف ما تبقى من مؤسسات الدولة بما فيها الحكومة التنفيذية ، واستبدل كل ذلك بتكتيك الإبرة الذي يزيد غموضاً وقداسةً عند صاحبه وطبَّاليه عن ثالوث النصارى ، ولا عجب في أن أفضى ذلك إلى الحرب التي تكاد أن تجعل السودان دولةً بلا شعب بعد أن اجتثاث مؤسساته.

🇪🇬بعكس السودان .. فإن مؤسسات الدولة المصرية ظلت ثابتةً وراسخةً منذ أن بدأ تأسيسها محمد علي باشا ، ففي ثورة ٢٣ يوليو ١٩٥٢م لم يتأثر من مؤسسات الدولة المصرية سوى عرش الملك فاروق وحفنة من الأروستقراط ، ورغم أن الاصلاح والتطوير لهذه المؤسسات لم يتوقف ، غير أنها لم تعاني قط من جراحة مِبضع التغيرات السياسية بعد وفاة ناصر ، ولا بعد اغتيال السادات ، ولا بعد ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١م ، ولا بعد فوز مرسي ولا بعد خلعه ، وإلى اليوم تُعتبر مؤسسات الدولة المصرية أقدم وأقوى وأكفأ المؤسسات الرسمية إفريقياً وعربياً ، وهي من أهم مرتكزات قوى الدولة المصرية التي يستند عليها أمنها القومي.

🇪🇬استطاعت مصر بما لديها من مؤسسات أن تدير علاقتها مع الإمارات بشكلٍ يحبس الأنفاس ، فاستخدمت سياسة حافة الهاوية Brinkmanship policy باحترافيةٍ شديدةٍ ، وذكاءٍ وقّاد ، فاستكملوا مشاريعهم النهضوية ، وسدُّوا فجوتهم الاقتصادية ، وأسدلوا الأجفان على قذى الإمارات ، وهم يرون تمويلها لسد النهضة ، وحصارها لمصر بالحروب في ليبيا والسودان ، وتواطؤها مع إسرائيل في فلسطين ، وتحالفها مع إثيوبيا في أرض الصومال ، واستخدامها المال السياسي في شراء بعض ضعيفي النفوس داخل الصف المصري في محاولةٍ لإعادة استنساخ سيناريوهاتها المكشوفة والمكرورة في اليمن وليبيا والسودان وغيرها ، وظلوا يراقبون بحكمةٍ وصبرٍ أقذر محاولاتها الحثيثة لإنشاء واحتواء مليشيات مصرية ، بالإضافة إلى نشرها كتائب الذباب الالكتروني في كل الوسائط والتي تكيل السباب للتباينات المجتمعية المصرية من نوبة وقبط وقبائل عربية وغيرهم بانتحال هوية كيانات مجتمعية مصرية أخرى لبث بذور الفِتن العرقية والطائفية والجهوية والسياسية بين المصريين ، وفيما يجري ذلك كله .. يُلاحَظ تبادل الأدوارٍ بين رئاسة الجمهورية المصرية ومؤسسات الدولة المصرية الأخرى التي تُكفكف باليمن ما تمنحه الأخرى بالشمال ، فما تكتسبه الإمارات من الرئاسة المصرية .. يجري انتزاعه بمنتهى الحذق والحصافة بواسطة مؤسسات الدولة ، وقد فشلت الإمارات في أهم ما أوكله إليها أسيادها من إقناع الدولة المصرية بصفقة القرن وتوطين أهل غزة في سيناء ، ولم يبقى للإمارات سوى إعلان الحرب على مصر ، فانتدبت لذلك تذاكياً دُميتها الزومبي حميدتي ليُقدِّم مسرحيةً بالغة الرقاعة والسخف والغباء الذي يليق به وبأسياده.

🇪🇬برغم كلما ذكرناه من مهنية ونجاعة المؤسسات المصرية ، ووعيها بحجم التآمر الدولي والإقليمي عليها .. غير أن خوفنا على مصر يبقى مُبَرَّرٌ ومشروع ، فالتهديد المُطل من جميع جوانبها وفي دواخلها كبير ، ويكفي مصر تهديداً أن مؤسساتها تعلم يقيناً أن أكبر داعميها من دول الخليج هم ذاتهم ألدُّ أعدائها الذين تستخدمهم الصهيونية العالمية ذراعاً متقدماً لتقويض الاستقرار في الداخل المصري ، وحريٌّ بالدولة المصرية اليوم وجميع شعبها ولا سيما الإسلاميون منهم .. أن ينبذوا خلافاتهم وتبايناتهم وحتى جراحاتهم فيشمروا عن مشروعٍ وطني تجابه به مصر وشعبها الهجمة البربرية الإماراتية الصهيونية التي تعمل حثيثاً لإلهاء المؤسسات المصرية بتقويض الاستقرار الداخلي .. بُغية الدفع بسكان غزة قسراً إلى سيناء ، تماماً كما حدث في ثورة يناير ٢٠١١م حين تزامن معها تسارع بناء سد النهضة ، وعلى المؤسسات المصرية أن لا تغترَّ بقدراتها ، وأن لا تستخف بحجم التآمر وأبعاده فتظن أن بمقدورها دحر كل ذلك بجبهةٍ وطنيةٍ مُخلخلة ومنقسمة ، بل لابد لها أن تبتدر هي عاجلاً هذا المشروع الوطني الذي تأخر كثيراً ، وهي ترى بعينها كيف تحشر إسرائيل سكان قطاع غزة من شمال القطاع إلى جنوبه تمهيداً لهذه الخطوة التي يؤكدها تصريحات قادة الكيان المحتل.

🇪🇬قد حانت لحظة الحقيقة للعلاقات المصرية الإماراتية ، وما عاد في قوس المرونة المصرية منزع ، وأما الزومبي حميدتي فإن الجيش والشعب السوداني كفيلان باستئصال شأفة مليشياته فلا يشغلن ذلك بال المؤسسات المصرية ، وأما الحزم تجاه عملاء الإمارات في الداخل المصري فهو واجبٌ عاجلٌ لا ينبغي انشغال المؤسسات المصرية عنه ، وعليهم أن يأخذوا العبرة والعظة من خيبات ادّعاءات المكر الاستراتيجي الذي انتهجته قيادة الدولة السودانية حتى ما عادت لنا دولة ، ونحن لا نخشى على مصر من إسرائيل وعملائها من دول الإقليم ، ولكننا نخشى عليها مما نفثوه عميقاً في الداخل المصري من سموم ، وعسى الله أن يُلهِم القيادة المصرية ومؤسساتها رُشداً يستيقنون به أن أهلهم المصريون أولى بالمودة والإنصاف والتجاوز بدلاً عن بذل ذلك لعملاء الصهاينة ، وأن الإحسان مع أهلهم والحزم مع أعدائهم هو ما سيحفظ عليهم استقرارهم وأمنهم.

*إِذا اِحتَرَبَت يَوماً فَفاضَت دِماؤُها*
*تَذَكَّرَتِ القُربى فَفاضَت دُموعُها*

*شَواجِرُ أَرماحٍ تُقَطِّعُ بَينَهُم*
*شَواجِرَ أَرحامٍ مَلومٍ قُطوعُها*
١٢ أكتوبر ٢٠٢٤م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى