مقالات الرأي
أخر الأخبار

الفنجان … هل يصمد الدعم السريع أم يتناسل لحركات مسلحة؟ .. بقلم/ د. النور جابر محمد _ حلقة رقم (1)

الدعم السريع واحدة من المؤسّسات شبه النظامية نشأة فترة حكم الانقاذ و هى فكرة ولدت من رحم قوات حرس الحدود، و لما كانت حركات دارفور المسلحة وقتها تنشط وتتمدد بسرعة فى مساحات واسعة فى اقليم دارفور وجزء من كردفان، بل تجرأت لغزو الخرطوم بعملية (الذراع الطويل)، فكرت قيادة الدولة و الجيش وقتها فى إنشاء قوات خفيفة سريعة الحركة لتتعامل مع طبيعة الحركات الدارفورية المسلحة التى تتخذ من سرعة الحركة و التنقل السريع باستخدام وسائل الدفع الرباعى(التاتشرات)، أحدثت بعض التفوق مقابل حركة القوات المسلحة ذات الطبيعة النظامية البطيئة التى لا تتناسب و طبيعة حرب العصابات، فكانت فكرة انشاء قوات تحمل تلك السمات ضمن استراتيجية القوات المسلحة، من هنا ولد (الدعم السريع مولود شرعى)، من رحم قوات حرس الحدود و حتى تكون له أوراق ثبوتية و تاريخ ميلاد أجيز فى قبة البرلمان وقتها قبل أن يحل القانون الذى أجيز به بعد الحرب الأخيرة.

أدت قوات الدعم السريع وقتها المهام بكفائة عالية تحت امرة القوات المسلحة، بعدها شاركت هذه القوات فى حرب اليمن و ما زالت، و كان مسيطر عليها من قبل القوات المسلحة و جهاز (الأمن الوطنى)، قبل تغير الاسم لجهاز الأمن والمخابرات الذى كان يشرف على هذه القوات و تدريبها، بعد ثورة ديسمبر ظهر على المشهد قائد هذه القوات ( حميدتى)، و صعد نجمه بسرعة و نال الترقية العسكرية لرتبة (الفريق و نائب لرئيس مجلس السيادة)، و تم ترقية شقيقه (عبد الرحيم) لرتبة الفريق و نائب لقوات الدعم السريع.

استغل “حميدتى”، فوضى مليونيات (ثورة ديسمبر)، و السيولة الأمنية ليحشد قواته فى الخرطوم بصورة لافتة لكل المراقبين بحجة تأمين المرافق الحيوية و تأمين الثورة، و لم بقتصر الأمر على هذا بل طالب بتأمين بعض المقار العسكرية للقوات المسلحة و دونكم ما دار من خلاف فى ( سلاح المدرعات، و هيئة العمليات)، و تلك الأحداث المتسارعة التى أدت لتوتر بين قائد المدرعات و حميدتى وقتها!!، و أصر على حل هيئة العمليات و هو يدرى أهمية هذه القوات و ربما خطورتها على أهدافه و طموحاته العسكرية، فكان له ما أراد!!!، هذا بخلاف اصراره بتسريح أعداد كبيرة من ضباط القوات المسلحة و الأمن الوطنى و الشرطة و بعض كوادر الخدمة المدنية التى كانت تعمل طاحونة لجنة التمكين وقتها لتصفية خصومها السياسين و تلك حكاية أخرى، الشاهد فى الأمر استغل حميدتى صراعات قوى الحرية و التغيير وضعف رئيس مجلس الوزراء ( حمدوك)، الذى هو الآخر كان يعمل بأجندة لا علاقة لها بالوطن و لا ثورة ديسمبر، من هنا بدأ حميدتى فى تجيير المشهد لصالحه مستغل هذه التناقضات و تسخير امكاناته العسكرية و قبلها الاقتصادية لتحضير الملعب، وتم حشد قواته فى الخرطوم وتموضعت هذه القوات اما فى المقار العسكرية أو فى حالة حضانة لتلك المقار، وقتها كانت المعلومات الاستخباراتية والأمنية تنقل للقيادة العسكرية أن هناك أمر ماء وراء هذا التحشيد والتسليح والعتاد العسكرى الذى لا علاقة له بحماية المؤسسات من مظاهرات المدنيين، وكانت مجالس السياسين حاضرة ولا تخلو من تحليل المشهد العسكرى الملبد بالغيوم القابل للانفجار بين المؤسسة الأم و الابن القادم بقوة للورثة قبل وفاة أبيه، تزامن كل ذلك بنشاط متسارع من (أحزاب الثورة المصنوعة)، مع السفارات و دخلت المخابرات و بدأت تتمكن فى السيادة الوطنية فى ظل غياب الأحزاب المؤثرة على المشهد و أبعاد أخرى باعتبارها ضد التقدم الثورى، الشاهد على ذلك فى واحدة من خطابات(حميدتى)، ذكر بعاميته المعهودة قائلًا (لو قلنا ليكم السفارات ما مسيرانا نكون كضابين!!)،، تزامن هذا الخطاب العفوى مع حراك مسموم لنشطاء (قوى الحرية والتغيير)، و هم اكثر التصاقًا بالسفارات و قال واحد منهم ( نخش السفارات و نسكن فيها كمان!!)، كل هذا السباق المحموم ما بين (حميدتي و قوى الحرية و التغيير)، يؤكد أن الدولة السودانية فى طريقها للاختطاف بعد أن ترك جهاز المخابرات أسد بلا أنياب مكبل بتلك قوانين و تم تقليص صلاحياته فأصبح غير قادر على مجابهة الخطر القادم من تلك السفارات ومخابرتها النشطة.

كانت دولة الأمارات هى الأخرى حضور ضمن المزاد العلنى من يختطف السودان، و من هنا تمشهد المشهد الذى أدخلنا نفق ورش (فولكر)، فى قاعة الصداقة و حشد لها بعض الأكاديميين من مناصرى الحرية و التغيير ليجد  الاتفاق الإطاري ودستوره المصنوع خارج المؤسسات القانونية والدستورية الوطنية) طريقه… لحضور غير مرحب به من القوى السياسية المغيبة قسريا وبعض الوطنين من قادة القوات المسلحة وحركات الكفاح المسلح وقوفًا و تراص وطنى باكر ضد مشرط الإطارى القادم لتفكيك مؤسسة القوات المسلحة الشامخة ليحل محلها قوات (الدعم السريع)، (و القوى السياسية) التى خونت مبكرًا لتحل محلها (قوى الثورة)، و بذلك تم التحضير الجيد للمشهد الذى ختامه تقسيم السودان من خلال جناح عسكرى وافد و قوى سياسية مدجنة من المخابرات الإقليمة و الدولية، لسان حالها يقول إما التوقيع على (الإطاري) أو الحرب. و تستند هذه القوى السياسيةالمدجنة على (فرضية قوة عسكرية) فضح عقلها الباطنى الفريق/ عبد الرحيم دقلو بقولته المشهور وهو يرسل رسالة غير ذكية لقيادة الجيش يلزمهم بالتوقيع الفورى (بدون لف و دوران!!!) هذا المشهد السياسى العسكرى المخابراتى المعقد بموجبه كان المخرج منه أن قامت الحرب. هذه المقدمة المطولة قصدنا بها انعاش الذاكرة لما نتناوله فى حلقات تحليلة عميقة… ما بعد تحرير الخرطوم لنجيب على السؤال الخالد هل يصمد الدعم السريع أم يتفرق و يتناسل لحركات مسلحة كما تناسلت من قبل حركات دارفور حتى صارت أكثر من (150) ما بين حركة و فصيل مسلح؟

نواصل.

alnourgabir@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى