بورتسودان: مركز الخبراء
قال السيد رئيس مجلس السيادة الإنتقالي الفريق الركن عبد الفتاح البرهان خلال مخاطبته الجلسة الافتتاحية للمؤتمر الاقتصادي الأول لمواجهة تحديات الحرب “نحتاج للتوقف بعد قرابة العامين من الحرب التي أنهكت الاقتصاد و الشعب و أفقرت جزءاً منه” ، مشيراً إلى مسئولية المختصين لمعالجة الماثل الآن من الكثير من التحديات و القليل من الفرص بهدف التخفيف عن الشعب السوداني الذي يعاني فظائع الحرب المستمرة من المليشيا المتمردة و داعميها، مؤكداً أهمية خروج المؤتمر بتوصيات قابلة للتنفيذ و مخرجات ترفد الموازنة المقبلة و تسهم في رفع العبء عن الشعب ليكون المؤتمر قد آتى أُكله، و شكر الرئيس القائمين على العمل بالوحدات الحكومية الذين يعملون في ظروف قاسية تمكنوا من خلالها من استدامة الحياة، و حيّا القطاع الخاص الذي يبذل جهده لضخ الدماء في شرايين الاقتصاد، و شكر أشقاء السودان و الدول الصديقة لمساندتهم للشعب الذي عرف الآن صديقه من عدوه، و قطع بأن لا مهادنة لأي متخاذل مؤكداً أن المليشيا إلى زوال. و أرسل الرئيس رسائل مهمة للتحالفات مشيداً بالموقف الروسي الداعم للسودان مؤكداً أن السودان يعمل بشكل وثيق مع أصدقائه، و أن قرار مجلس الأمن قرار معيب و لا يلبي إحتياجات السودان، و لم يحمل أي إدانة للمليشيا و الداعمين لها، و قطع الرئيس بأن السودان دولة ذات سيادة و لا يقدر عليها و لا يقودها أحد، و حلول مشاكلها موجودة بداخلها و لا تُفرض من الخارج، و قال دونكم دول الربيع في فشل الحلول الخارجية، مشيراً إلى أن الحل النهائي القضاء على المتمردين نهائياً و التخلص من الكابوس و السوس الذي نخر في جسد الوطن، و أعلن ألا مفاوضات و لا وقف إطلاق نار غير مصحوب بانسحاب المليشيا من الفاشر و فك حصار الطرق و خروج المتمردين إلى مناطق متفق عليها، و أرسل الرئيس رسالة للقوى السياسية بأن تتوحد و تأتي لمساندة القوات المسلحة، و قال لن نقبل بأي عمل سياسي مناوئ يهدد وحدة السودان لأن الذين يحاربون الآن هم سودانيون موحدون دون أي تمييز، و رفض تحركات المؤتمر الوطني و قال إن الوقت مبكر لخلط المسارين الأمني و السياسي و يجب أن تتوقف الحرب أولاً و نسلم البلد بعد أن ننظفها من كل متمردو القضاء على كل ما يهدد أمن البلاد، و من ثم يتم يفتح حوار يشارك فيه كل السودانيين.
من جانبه أبان د. جبريل إبراهيم وزير المالية والتخطيط الاقتصادي أن الحرب فرضت على الوزارة ظروف تطلبت تدابير إستثنائية، و أن المؤتمر الاقتصادي الأول يأتي لتقييم السياسات التي اتبعتها وزارة المالية عبر حوار شفاف يُعلي مصلحة الوطن و المواطن، و أن معالجة تحديات الوضع الاقتصادي تتطلب تحليلات دقيقة و عميقة يشارك فيها الخبراء و المختصين العارفين باحتياجات معاش الناس، مبيناً أن المؤتمر يهدف لتحليل الراهن الاقتصادي و تقديم رؤية للمعالجة. و قال إن الحرب داهمتنا و البلاد مقبلة على إصلاحات اقتصادية شملت البنى الأساسية و الاستثمار في الإنسان، و إن الحرب أفسدت الخطط الطموحة و أجبرتنا على سياسة تقشفية قاسية حيث لم نفقد المصادر الإيرادية فقط بل فقدنا جزءاً معتبراً من رأس المال البشري، وفقدت البلاد جزءاً مهماً من بياناتها و ذاكرتها القومية، مشيراً إلى أن قوة الاقتصاد الريفي و اعتماد جزء كبير من المواطنين على الإنتاج الزراعي و الحيواني هو ما دعم الاقتصاد الوطني و لم يتحقق لأعداء السودان ماخططوا له لانهيار الاقتصاد. و وصف الإنتاج الزراعي في الموسم السابق بالممتاز بكل المقاييس و أضاف بأن الإعداد يجري الآن للموسم الشتوي بما يضمن نجاحه و زيادة الإيرادات العامة للدولة و دعم القطاع الاقتصادي، و وعد الوزير بسداد كافة إستحقاقات العاملين بالدولة بنسبة (100%) خلال الموازنة المقبلة (2025م)، مشيراً إلى أهمية تطبيق الفدرالية المالية لتتبع الفدرالية السياسية، و كشف الوزير عن رؤية اقتصادية عكفت الدولة على إعدادها لإعادة إعمار ما دمرته الحرب تم فيها تقدير حجم الدمار في القطاعات الحيوية و الوقوف على تجارب دول شبيهة لإعادة الإعمار، وتمت صياغة الرؤية لتكون وثيقة دولية تطرح في مجالها. و أكد الوزير اهتمامه بمخرجات المؤتمر و تنفيذها.
من ناحيته أبان د. (برعي صديق علي) محافظ بنك السودان المركزي أن المؤتمر يهدف للبحث عن حلول واقعية للتعافي الاقتصادي من تأثير الحرب و تدمير البنى التحتية و تعطل الأنشطة الاقتصادية ما أثر على القطاعات الحيوية و المصرفية، و ارتفاع التضخم و تراجع قيمة العملة الوطنية و تزايد معدلات البطالة، و كشف عن إستراتيجية شاملة يتبناها البنك المركزي للتعافي الاقتصادي تهدف لإستقرار سعر الصرف و استعادة نظم الدفع الإلكتروني و ضبط إستدانة الحكومة من الجهاز المصرفي و متابعة حصائل الصادر المتأخرة، مشيراً إلى تكوين محفظة بمليار دولار لتمويل السلع الاستراتيجية، و أبان أن البنك أصدر منشوراً بضوابط مؤقتة لمعالجة الأوضاع المالية للمصارف و الخسائر التي تعرضت لها، و كشف عن السعي لاستعادة و إحلال و تحديث الأنظمة و البيانات، و استعادة نظام الإستعلام الإئتماني و استخدام الترميز و تشغيل نظام الصادر و الوارد، مشيراً إلى أن المحول القومي للنقود قيد التنفيذ و يتم التدريب عليه، و أبان أن قرار استبدال العملة جاء نتيجة لإنتشار العملة المزيفة و تم تصميم العملة الجديدة وفق المعايير الدولية و بالتنسيق التام مع جميع أجهزة الدولة و الوزارات ذات الصلة و بإشراف مباشر من مجلس السيادة، و أكد المحافظ إلتزام البنك الكامل بدعم كل الجهود الرامية لتحقيق الاستقرار الاقتصادي و التعافي المستدام و الإلتزام التام بالتنسيق مع الجهات المعنية كافة لإصلاح و تحسين البيئة التشريعية و تحديث الأطر التنظيمية. و قال إن التعافي الاقتصادي لا يتحقق دون شراكات محلية و أجنبية، معلناً إلتزام البنك بتطبيق أعلى معايير الحوكمة، و قال إن المؤتمر فرصة حقيقية لإعادة النظر في استراتيجيتنا و السعي لخلق مناخ استثماري ملائم.
يشار إلى أن المؤتمر إنعقد بمشاركة واسعة من أجهزة الدولة الإتحادية و الولائية، و القطاع الخاص، والأكاديميين، وممثلي السلك الدبلوماسي و ممثلي منظمات الأمم المتحدة.