تربض العبقرية بين العقل والجنون … بقلم /اللواء (م) مازن محمد اسماعيل
🥇عندما يخبرونك بأن الأمر مستحيل ، وأنه من غير الممكن تحقيق ذلك ، وأنك خرافي التفكير ، وأن التنظير سهلٌ ولكن التطبيق محال … في الحقيقة هم يحدثونك عن سعة عقولهم ، وحدود قدراتهم ، ومدى أحلامهم … فالحقيقة المثبتة هي أن كلما يستطيع العقل البشري تصوُّره .. يمكن للإنسان تحقيقه – وتعالى الذي ليس كمثله شئ – فالتنميط والاعتياد تُجيده حتى الدواب ، وأما القدرة على الابتكار والإبداع فهو هبة الخالق للإنسان ، وسبحان من خلق الإنسان في أحسن تقويم ، ثم ردّه أسفل سافلين.
🥇المهندس التقليدي البارع كان سيرى في الصورة أعلاه ضرورة إزالة كل المباني الواقعة تحت الجسر ، وإزالة تلك التي على جانبي الجسر كذلك بهدف إنشاء الطريق الذي ترونه ، ولكم أن تحسبوا حجم التكلفة المادية والإنسانية ، وقارنوها مع التكلفة المادية والروعة الجمالية وإبداعية التفكير (الخيالي) ، ولذلك يقالُ عن السياسة أنها فن صناعة البدائل ، والتي لا يراها محدودي المعرفة والعقل والقدرات إلا أنها فن الممكن .. فيا لله ما أكبر الفجيعة.
🥇عقولنا المغسولة منهجياً من أعدائنا عجزت عن فهم الحكمة الإلهية في إيتاء الحكم ليحى عليه السلام صبياً (٧ سنوات) ، وقد ترى أن الحبيب عليه الصلاة والسلام كان مغامراً حين أمَّر أسامة بن زيد (١٦ سنة) على جيشٍ فيه أكابر الصحابة أمثال أبي بكر وعمر ، ولربما ظننا أنه كان مبالغاً حين ولّى معاذ بن جبل اليمن (١٨ سنة) ، ومن الراجح أنه لم يمُرَّ بخواطرنا المُستَلبة أن كل الأمة الإسلامية بصحابتها وصالحيها ومجاهديها ستوضع يوم القيامة كحسنةٍ واحدةٍ في ميزان زيد بن الأرقم (١٣ سنة) والذي انطلقت من داره دعوة الإسلام حين عزَّ عليها أن تنطلق من دار الرسول أو دار أبي بكر أو دار عمر أو دار حمزة … هل حاول الناس فهم كيفية صناعة الأمم ، وتأمل الفرق بينها وبين صناعة الصنم!!؟
🥇ما الذي يعنيه التوكل على الله واليقين بالله لو كانت كل خطواتنا محسوبةً وفق قوانين صاغها البشر وأغلب الذين صاغوها هم أعداؤنا ، ثم أطَّرونا للتفكير داخل حدودها ، فرضينا من القرآن أن نتلوه للحسنات والتحصين والبركات ، وبأن نقتصر في التأسي بالمصطفى عليه الصلاة والسلام فقط في اعتجار العمائم وامتطاء البغال والبعران ، وأهملنا (لو تعلّقت همة ابن آدم بالثريا لنالها) و (أنا عند حُسن ظن عبدي بي فليظن عبدي بي ما يشاء) ، ولا عجب أننا فشلنا في بناء الأمم حين غفلنا عن كيف تُبنى الأمم ، والتبست علينا مرجعيتنا فيمن الذي يُحدٍّد لنا ما هو عقلاني وما هو جنوني ، ومن الذي يرسم الخطوط الفاصلة بين الموضوعية والخرافة ، وفاتتنا الفطنة في ارتباط العلاقة بين المغامرة المدروسة والمخاطرة المحسوبة بمعاني اليقين والتوكل والاستعانة.
🥇الأجيال الحالية في السودان أمثال يغوث ويعوق ونسراً ، والتي تتسنَّمُ سُدّة القيادة السياسية والعسكرية والاجتماعية والاقتصادية والوظيفية والإعلامية والرياضية …الخ ، سواء الرسمي منها أو الشعبي الجماهيري ، إن أفضل ما تستطيع أن تفعله هذه الأجيال هو إفساح المجال فوراً لأجيال من هم دون الخمسين ، ولن نُجشّمهم مشقة التأسي بالمصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام في الاعتماد على أجيال من هم دون الثلاثين ودون العشرين ، فلازلنا تحت أسْر مصطلح المراهقة الذي صاغه أعداؤنا وما أنزل الله به من سلطان ، ولا حرج في ذلك إن تجاوزنا أجيالاً كلَّسها السابقون بتمترسهم في سدة القيادة ، فلا تطور بدون طفرات ، وتبارك الذي لا يُغير ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم.
٢٤ أكتوبر ٢٠٢٤م