
تقرير إخباري: مركز الخبراء العرب
وضعت الحكومة السودانية البيان الذي أصدرته وزارة الخارجية الليبية قيد النقاش المستمر فور صدوره كأول رد فعل رسمي ليبي من حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها عبد الحميد الدبيبة تجاه ماقامت به قوات تتبع لخليفة حفتر بادرت بالاعتداء على تمركزات للجيش السوداني بالنقاط الحدودية المشتركة بين ليبيا و السودان و مصر.
و ذكر مصدر دبلوماسي رفيع لـ”مركز الخبراء العرب” أن السودان يحمل تقديرًا و احترامًا لموقف حكومة الدبيبة تجاه الأحداث الأخيرة بالمثلث الحدودي، مبينًا أن التعاون معها لم ينقطع منذ أن كشفت الحكومة السودانية قضية الجنود الكولمبيين المشاركين في الحرب بالخرطوم.
و كشف المصدر عن أدلة و إثباتات قدمها السودان لحكومة الدبيبة حول المرتزقة الكولمبيين، و المناطق التي تم تدريبهم بها في الجماهيرية الليبية في وقت سابق من قبل قوات حفتر في إشارة منه إلى تورط الأخير في دعم مليشيا الدعم السريع في حربها بعدة مناطق بولايات السودان المختلفة، فضلًا عن قوات ليبيية تشارك المليشيا في تحركاتها العسكرية بمناطق دارفور و كردفان، و أضاف: “كل ذلك يتم في إطار التعاون الثنائي مع حكومى الدبيبة في ليبيا تعزيزًا للأمن الحدودي و التنسيق المشترك”.
و قالت وزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية الليبية التي يقودها عبد الحميد الدبيبة في وقت سابق أن الجهة العسكرية التي شاركت في الهجمات على النقاط الحدودية مع السودان و مصر “لا تتبع لسلطة وزارة الدفاع الليبية، و لا تأتمر بأوامر رئاسة الأركان العامة للجيش الليبي”.
و أوضحت الوزارة، في بيان لها تحصل عليه “مركز الخبراء العرب” أنها تابعت البيان الصحافي الصادر عن مكتب الناطق الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية بشأن ما ورد حول مشاركة مجموعة مسلحة ليبية في اعتداءات على تمركزات للجيش السوداني بالنقاط الحدودية المشتركة بين ليبيا و السودان و مصر، و أنها تعبر عن “استنكارها الشديد و رفضها التام للزج بأبناء الوطن في أعمال من شأنها زعزعة أمن و استقرار حدود الدول الشقيقة أو الانخراط في النزاع الدائر في السودان”.
وحمّلت الوزارة “المسؤولية القانونية و الجنائية لكل من يثبت تورطهم من أفراد و جماعات في هذه العمليات”، و أكدت على موقف حكومة الوحدة الوطنية “الثابت و الداعم لأمن السودان و استقراره، و وحدة أراضيه، و الداعي إلى وقف الحرب و إنهاء الاقتتال، وصولاً إلى حل سلمي يحقن الدماء و يعيد الأمن و الاستقرار للشعب السوداني الشقيق”.
و اعتبرت المصادر أن التنسيق المستمر و التفاهمات بين حكومة الدبيبة الليبية و السودان وضع الأخير أمام فرصة تاريخية لإعادة فرض نفسه “إقليمياً و دولياً” بعد نجاح القوات المسلحة السودانية في الحفاظ على صورتها أمام كافة مؤسسات المجتمع الدولي و ممثليه باعتبارها الممثل الشرعي للدولة السودانية، و إخضاع مليشيا الدعم السريع المتعددة الجنسيات للانكفاء و التراجع و الانسحاب من العديد من معاقلها، بعد نجاح حملة تحييدها و حصارها ميدانياً و عسكرياً و سياسياً.
و أضافت: “لا نرى ما يدعو الشارع السوداني للقلق حول الأحداث الأخيرة في الحدود السودانية الليبية، فما يحدث كان متوقعاً، و بالتالي لم يكن بعيداً عن الحسابات الأمنية و العسكرية السودانية التي قطعاً أعدت عدتها لمواجهة ذلك، فما يحدث اليوم وفقاً للموروث القصصي الأفريقي الذي يقول “من الأفضل أحيانًا خوض المعركة حتى تُحسم، من أن تظل في حالة ترقب لا تنتهي”.
و في السياق أكدت مصادر عسكرية رفيعة تحدثت لـ”مركز الخبراء العرب” أن قوات خليفة حفتر تدخلت بصورة مباشرة في هذا الحرب بصفتها الداعم الاساسي لمليشيات (آل دقلو) الإرهابية، و بحسب المصادر أن الكتيبة 15 التي تسمى كتيبة (سبل السلام) الليبية هي الداعم الأساسي للمليشيات، و تعمل علي مدها بالسلاح و العتاد الحربي و هذا الأمر ثابت بالقرائن الموثقة بوجود دعم مباشرة من كتيبة سبل السلام و التي كانت مهمتها حفظ الأمن الداخل الليبي.
و ذكرت المصادر ان هذه الكتيبة المسمأة بالكتيبة ١٥ سبل السلام انشئت في العام ٢٠١٢ و كان مناط بها حماية الحدود من تجارة أسلحة وتجارة بشر وتجارة مخدرات لكن بعد أن كانت تحت لواء أهالي ليبيا تم ضمها لتكن ضمن كتائب قوات خليفة حفتر كانت تقوم بحراسة قاعدة الساده في الكفرة، و أضافت:” لكن أتت التعليمات من الكفيل الإماراتي محمد بن زايد علي أن تقوم هذه الكتيبة بإمداد مليشيات الدعم السريع الإرهابية بالعتاد الحربي الذي يأتي من الإمارات، و في الأحداث الأخيرة توغلت الكتيبة ١٥ سبل السلام التابعة لحفتر داخل الحدود السودانية بحوالي (٦٠) كيلو مترًا، و قامت القوات المشتركة السودانية بالهجوم عليها و كبدتها خسائر ضخمة و أسرت مجموعة من المقاتلين التابعين لها بجنسيات ليبية و هم الآن أسرى مع عدد من السيارات القتالية التابعة لكتيبة سبل السلام، و هذه جريمة موثقة لاتحتاج لإنكار من جانب منسوبي خليفة حفتر و كل الشواهد تدل علي المشاركة المباشرة في حرب السودان”.
و في اتجاه مقارب أورد موقع “أفريكا إنتليجنس” المتخصص في الشؤون الأمنية و الاستخباراتية، أن قوات تابعة لحفتر ساهمت في تقديم دعم عسكري لقوات الدعم السريع التي تقاتل الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، و أشار التقرير إلى أن ميليشيا “سبل السلام”، الموالية لحفتر و المتمركزة في منطقة الكفرة جنوب شرقي ليبيا لعبت دورًا لوجستيًا في تأمين قوافل من الوقود و الأسلحة باتجاه الحدود الليبية السودانية.
ونقل الموقع تأكيدات تشير لرصد تحركات وتنسيق ميداني بين عناصر من “سبل السلام” وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو “حميدتي”. و أن الكتيبة 128 التابعة لحفتر تولت مهمة تأمين عمليات نقل الإمدادات العسكرية، مستفيدة من سيطرتها الكاملة على الحدود الليبية السودانية و مطار الكفرة. و أن هذه التطورات تعزز ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال في وقت سابق عن إرسال حفتر طائرة محملة بإمدادات إلى قوات الدعم السريع مقابل دعم عسكري مصري للقوات المسلحة السودانية.
و في السياق ذاته، حذر التقرير من تحركات مجموعات مسلحة من دارفور و تشاد تقاتلت سابقًا ضمن صفوف حفتر، بدأت بالتوجه جنوبًا نحو الحدود الليبية مع السودان. و يقدر عدد هؤلاء المقاتلين في ليبيا بحوالي 6 آلاف عنصر، ما يثير قلقًا دوليًا من احتمال تورطهم مجددًا في الصراع السوداني وسط توقف رواتبهم منذ انتهاء العمليات العسكرية في ليبيا.
و كان الجيش السوداني قد اتهم في وقت سابق القوات التابعة للمشير خليفة حفتر في شرق ليبيا بتقديم إسناد مباشر للدعم السريع في هجوم على المثلث الحدودي. و اعتبر الجيش في بيان ذلك “تعدّيًا سافرًا على السودان و أرضه و شعبه” و”انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي”.
و أوضحت المصادر العسكرية التي تحدثت لـ”مركز الخبراء العرب” أن البيان الصادر عن القوات المسلحة قد حمل دلالات واضحة و تحذير صارم لخليفة حفتر من مغبة مشاركته في دعم مليشيات (آل دقلو) الإرهابية المتمردة علي الدولة السودانية، و هي دولة ذات سيادة و أن التحذير مستمر لحفتر بأن التدخل في الشأن الداخلي للسودان عواقبه وخيمة و لا يستطيع مواجهة قواتنا المسلحة التي تتحرك بتفويض شعبي غير مسبوق.