البحوث والدراسات

سد النهضة .. إضاءات حول خلفية النزاع .. بقلم/ د.محمد حسن فضل الله

إشكالية سد النهضة تُعد واحدة من أكثر القضايا تعقيداً في إفريقيا، و تتركز حول النزاع بين إثيوبيا و مصر و السودان بشأن بناء و تشغيل سد النهضة الإثيوبي الكبير على النيل الأزرق. السد يمثل مشروعاً استراتيجياً لإثيوبيا لتحقيق التنمية و توليد الطاقة لكنه أثار مخاوف كبيرة في مصر والسودان بسبب تأثيراته المحتملة على حصتيهما من مياه النيل.
خلفية النزاع:
1. إثيوبيا:
ترى السد مشروعاً حيوياً لتوليد الكهرباء و تحقيق التنمية الاقتصادية.
تعتقد أن لها الحق في استغلال مواردها المائية وفقاً للقوانين الدولية.
2. مصر:
تعتمد على النيل لتوفير حوالي (97%) من احتياجاتها المائية.
تخشى أن يؤدي ملء السد و تشغيله إلى نقص المياه الذي قد يؤثر على الأمن الغذائي و مصادر الري.
3. السودان:
مواقفه متقلبة بين دعم الاستفادة من السد لتوفير الكهرباء و تحسين الريّ و مخاوفه من تأثيرات السد على البنية التحتية و الفيضانات.

الإشكاليات الرئيسية:
1. ملء و تشغيل السد:
إثيوبيا تريد ملء السد بشكل سريع لتسريع الاستفادة منه.
مصر و السودان تطالبان بجدول زمني طويل و مُلزِم قانونياً لتجنب تأثيرات سلبية على تدفق المياه.
2. عدم وجود اتفاق قانوني ملزم:
المفاوضات بين الأطراف لم تؤدِ إلى اتفاق نهائي بشأن تقاسم المياه و آلية تشغيل السد.
إثيوبيا ترى أن إعلان المبادئ الموقع في (2015) كافٍ بينما تصر مصر والسودان على ضرورة اتفاق مُلزِم.
3. الأمن المائي لمصر:
مصر ترى أن أي تقليل في تدفق مياه النيل يشكل تهديداً وجودياً و تخشى تراجع كميات المياه المتدفقة خاصة في فترات الجفاف.
4. التنسيق الفني و التعاون الإقليمي:
عدم وجود آليات تقنية فعالة للتنسيق بين الدول الثلاث بشأن إدارة السد و النهر بشكل عام.

الجهود الدولية والإقليمية:
الاتحاد الإفريقي: حاول التوسط بين الأطراف دون تحقيق نتائج ملموسة.
الأمم المتحدة: دعت الأطراف إلى الحوار لحل النزاع.
الدور الأمريكي و الأوروبي: قدموا وساطات و دعوات للتوصل إلى حلول سلمية لكن بدون نجاح واضح.

الحلول المقترحة:
1. اتفاق ملزم:
يحدد كيفية ملء و تشغيل السد خلال فترات الجفاف و الفيضانات.
يشمل آلية لتسوية النزاعات.
2. التعاون الإقليمي:
استغلال السد كفرصة لتعزيز التكامل الإقليمي مثل تطوير مشاريع مشتركة لتوليد الطاقة و توزيع المياه.
3. آليات الرقابة المشتركة:
إنشاء لجنة دائمة تضم خبراء من الدول الثلاث للإشراف على تشغيل السد.

4. التدخل الدولي:
إشراك وسطاء دوليين محايدين للمساعدة في صياغة اتفاق شامل.

ختاماً، إشكالية سد النهضة ليست مجرد نزاع مائي بل تعكس تعقيدات سياسية و تنموية بين دول الحوض. تحقيق حل مستدام يتطلب التزام الأطراف بالحوار والتعاون و تغليب المصالح المشتركة على الخلافات.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى