مقالات الرأي
أخر الأخبار

“ضوء في آخر النفق: كيف نحل أزمة الكهرباء في السودان؟” .. بقلم/ المهندس عبدالجبار إبراهيم عبدالجبار

أزمة الطاقة في السودان ما عادت مجرد خلل فني أو سوء إدارة موسمي. بل أصبحت العقبة الكبرى أمام أي نمو اقتصادي أو صناعي حقيقي. لا زراعة حديثة بلا كهرباء مستقرة، ولا صناعة ممكنة في ظل قطوعات لا ترحم، ولا حتى استثمار أجنبي سيغامر بدخول بلد تُطفأ فيه الأضواء كل بضع ساعات.
وفي ظل هذا الواقع، لا بد أن نتحول من التفكير في الحلول الفردية إلى الحلول السيادية.
أولًا: الطاقة الشمسية ليست حلاً فرديًا، بل مشروع دولة.
لا معنى لمبادرات مشتتة أو ألوح تُركب فوق المنازل بينما الشبكة الوطنية تُترَك تنهار. الحل هو أن تتبنى الدولة مشروع Solar Park ضخم بنظام BOT (إنشاء – تشغيل – نقل ملكية)، تطرحه كمناقصة عالمية بضمانات سيادية. شركات الطاقة العالمية ستتدافع للدخول في مشروع كهذا إذا وجدت الجدية، والإطار التشريعي، وضمان شراء الدولة للكهرباء.
ثانيًا: تصنيع خلايا الطاقة الشمسية من الخامات الطبيعية حلم جميل… لكنه ضخم جدًا.
ولا يوجد إلا عدد محدود من المصانع عالميًا (أغلبها في الصين) يمتلك هذه القدرة. ما هو متاح وواقعي أكثر هو إنشاء مصانع لتجميع الألواح عبر استيراد الخلايا، مما يوفر قيمة مضافة محلية تُقدَّر بين 12 إلى 15٪ إذا توفرت بنية لوجستية قوية.
ثالثًا: الحل الحقيقي يبدأ من التشريع.
السودان يحتاج إلى قانون يشجع بيع الطاقة المنتجة من القطاع الخاص للدولة. تُشجع الشركات الأجنبية على الاستثمار في توليد الكهرباء من الشمس أو الرياح، على أن تشتري الدولة منهم الكهرباء بسعر تعاقدي طويل الأجل، وتُعيد بيعها للمواطن حسب الحاجة. الدولة لا تحتاج إلا إلى تشريع، وعطاء عالمي، وضمانات سيادية.
نفس النموذج يمكن تطبيقه على طاقة الرياح في مناطق معروفة بقوتها، مثل البحر الأحمر وشمال كردفان. إذا أرادت الدولة، فإن الحلول موجودة، والتجارب العالمية ماثلة، ورأس المال ينتظر فقط الإشارة.
الخلاصة:
لن نخرج من ظلام أزمة الطاقة إلا إذا تعاملت الدولة معها كأولوية وطنية، وأعادت رسم دورها: من منتج عاجز إلى منظم ذكي، يفتح الباب لرأس المال ويضمن حق المواطن.

#هل السودان جاهز ليختار الضوء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى