مقالات الرأي
أخر الأخبار

عقوبات واشنطن .. بقلم/ السفير عبد المحمود عبد الحليم

معلوم أن التاريخ يعيد نفسه و لكن تاريخ الأكاذيب الدولية للولايات المتحدة يعيد نفسه بوتيرة أسرع، فقد كنت حضوراُ بمجلس الأمن الدولي و وزير الخارجية الأمريكي ،كولن باول، يخدع العالم من على ذلك المنبر بشأن أسلحة العراق دون أن يطرف له جفن، و تقوم إدارة كلينتون بدراما مماثلة فتقصف مصنع الشفاء للأدوية عام 1998 بحجة تصنيعه أسلحة كيميائية قبل أن تعترف لاحقاً بأن المعلومات التي قامت بالتنفيذ على ضوئها لا تتوفر لها صدقية.

و يأبى وزير خارجية ترامب ماركو روبيو إلا أن يعيد إنتاج و تدوير ذلك الإرث، فتأتي وزارته بفرية استخدام الجيش السوداني لأسلحة كيميائية ضد قوات الدعم السريع، التي لم تزعم بذلك أصلاً، و لم تقدم الولايات المتحدة دليلاً واحداً لإثبات ذلك، و لم تحدد موقع استخدام تلك الأسلحة أو تاريخه و ضحايا ذلك الاستخدام، علماً بأن إثبات استخدام الأسلحة الكيمائية يتم إما بوجود أجهزة و معدات تم استخدامها، أو بإخضاع الضحايا لفحوصات طبية، أو أخذ عينات من التربة لفحصها أو بالتحقيق من قبل منظمة حظر الأسلحة الكيميائية التي نال السودان ثقتها فانتخب في نوفمبر 2024 لعضوية مجلسها التنفيذي حتى عام 2027.

إن اتهام الجيش السوداني باستخدام أسلحة كيميائية بالتوقيت الذي تم فيه و السياق الذي أعلنت فيه العقوبات لا يعدو أن يكون فعلاً من صنوف الابتزاز السياسي و تزييف الحقائق يعيد إلى الأذهان العقوبات السابقة التي أعلنت عام 1997 و تم رفعها بعد اكثر من 20 عاما على طريقة رواية “تاجر البندقية” لوليام شكسبير.

و على الرغم من أن العقوبات التي أعلنت وبدأ سريان مفعولها أمس تستهدف الصادرات الأمريكية والتمويلات المالية و السلاح والتكنولوجيا و هي أساسا لا توجد أو ضعيفة في المبادلات الثنائية، إلا أنه لا ينبغي الاستهانة بها لترابط اقتصاديات الدول الأخرى مع الاقتصاد الأمريكي، علمًا بأن الاقتصاد السوداني تعود على ولوج اختراقات في الأزمنة الصعبة و تبقى العقوبات عبئاً أخلاقيا و إنسانيا في وقت ترنو فيه البلاد لتحديات إعادة البناء و الإعمار بعد أن تضع الحرب أوزارها…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى