قرأنا بالأمس (31/8) تصريحاً لقائد قوات التمرد يقول فيه أنه أصدر أمراً لضمان إيصال المساعدات الإنسانية و تعزيز حماية المدنيين.
سبق للمتمرد الخروج بقرار تشكيل “قوة خاصة” لحماية المدنيين فيما أسماها بمناطق سيطرتهم في خطاب أذيع قبل يومين من انعقاد مفاوضات جنيف.
يبدو أن المتمرد يتماهى مع المنظمات الدولية و متابع جيد لتصريحاتهم و لتصريحات الأمم المتحدة؛ ففي رسالة واضحة للمجتمع الدولي الذي أعلن أن السودان مقبل على مجاعة أرسل عدة رسائل في بريدهم جاءت كالتالي:
– نحن على استعداد تام لتأمين موظفي الإغاثة و المنظمات الدولية والعاملين في مجال الحقل الإنسان
– نحن على استعداد تام لحماية أرواح المدنيين و ممتلكاتهم و حماية الأعيان المدنية و تسهيل و حماية العمليات الإنسانية.
– التنسيق مع الوكالة السودانية للإغاثة و العمليات الإنسانية فيما يخص المساعدات الإنسانية.
لكن يبدو أن الحديث سهل جداً أما التنفيذ على الأرض فمستحيل، خاصة أن المليشيا المتمردة أصبحت خارجة عن السيطرة، فالمتمرد نفسه قال أنهم هزموا الفلول لكن أرهقهم (المتفلتون)، إذاً كيف تؤمّن موظفي الإغاثة و العمليات الإنسانية و قد أعجزك المتفلتون؟!
اشتكت منظمة أطباء بلا حدود بالأمس السبت من سرقة وقود من مركز صحي بمنطقة الكلاكلة قبل أسبوعين من قِبَل مسلحين، و معلوم أنها ضمن “مناطق سيطرة الميليشيا” بحسب تسمية قائدهم، و أفادت أنها الحادثة الثانية حيث وقعت حادثة مشابهة قبل ثلاثة أشهر، الغريب في الأمر أن المنظمة قالت أنها تواصلت مع الميليشيا و وكالة السودان للإغاثة و العمليات الإنسانية -التي ذكرها قائد التمرد في خطابه- طوال فترة الأسبوعين الماضيين و طالبت بتوضيح ملابسات الحادثة و ضبط الجناة و إعادة المنهوبات و هو ما لم يحدث.
نذكر هنا أيضاً حادثة الاستيلاء على شاحنتين تحمل مساعدات طبية لمدينة الفاشر المحاصرة و المتهم فيها أيضاً ميليشيا
الدعم السريع، حيث قالت منظمة أطباء بلا حدود قبل ثلاثة أيام: “قوات الدعم السريع تحتجز شاحنات إمدادات طبية تابعة لنا في مدينة كبكابية بولاية شمال ،دارفور منذ 4 أسابيع”، الشاحنات كانت ستتجه أيضاً لمخيم (زمزم) القريب من الفاشر و الذي أعلنت المنظمة عن تقليص عدد من تقوم برعايتهم بداخله من الأطفال نسبة لنقص الغذاء و الدواء.
منظمة أطباء بلا حدود كانت قد أخذت تعهُّدات من الميليشيا في جنيف بتسهيل إيصال المساعدات الإنسانية و عدم اعتراضها، لكن هم لا يعلمون “أو يعلمون” أن هؤلاء القوم لا يرقبون في مؤمن و لا غير مؤمن إلّاً و لا ذمة فهل يعترف الوسطاء و المنظمات و المجتمع الدولي بذلك!!