مقالات الرأي
أخر الأخبار

مسارات … اغتيال الاقتصاد السوداني .. بقلم/ د.نجلاء حسين المكابرابي

في خضم النزاع حول الكراسي الوزارية لحكومة الأمل و التحدي الأكبر للسيد رئيس مجلس الوزراء د.كامل إدريس في تعيين حكومة تكنوقراط مدنية تعيد للسودان مجده السيادي و الاقتصادي، نحاول نحن عبر زاوية مسارات أن نُبرز أهم التحديات الخاصة لبعض الوزارات المتخصصة مثل البيئة التي تطرقنا في المقال السابق لأهم الموضوعات العالمية وهي تأثير التغير المناخي على الاستدامة البيئية، و اليوم سوف نتطرق لأهم التحديات الماثلة و هو اغتيال الاقتصاد السوداني الذي يشير إلى التدهور الاقتصادي الحاد الذي تشهده البلاد في الآونة الأخيرة، و الذي يظهر في عدة مظاهر منها ارتفاع الأسعار و تدهور قيمة العملة المحلية وارتفاع معدلات البطالة والتي حتما لها مسببات خاصة مثل انتشار المخدرات، و النزوح و اللجوء و انتشار الفقر و غيرها.

و لعل أقوى الأسباب لهذا التدهور هو الحرب اللعينة، و الصراعات و النزاعات الداخلية التي أدت إلى تدمير البنية التحتية و نزوح السكان و تعطيل الانتاج الزراعي و الصناعي.

و لعل أبرز الأسباب أيضاً سوء الإدارة و الفساد الذي ساعد في استنزاف موارد الدولة واعاقة الإستثمار و تدهور الخدمات العامة.

و أثرت العقوبات الدولية على قدرة السودان على الوصول إلى التمويل الخارجي، و التعامل مع المؤسسات المالية الدولية و تطوير قطاعاته المختلفة.
و أيضاً التغيرات المناخية التي أدت ندرة المياه و الجفاف إلى انخفاض الإنتاج الزراعي و تفاقم مشكلة الأمن الغذائي.
و أيضاً السياسات الاقتصادية غير المدروسة:
أدت إلى زيادة التضخم، وتدهور القدرة الشرائية للمواطنين و زيادة المديونية.
إن هذه العوامل مجتمعة أدت إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في السودان، و تسببت في معاناة كبيرة للمواطنين، و دعت إلى ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة هذه المشاكل عبر الوزارة المختصة و الجهات الداعمة لها.

و من جهة أخرى ذكر خبراء الاقتصاد السوداني، أن مسلسل الانهيار الاقتصادي في السودان مازال مستمرًا، مستدلين على ذلك بعدة مؤشرات من بينها:

استمرار انكماش القاعدة الإنتاجية، كمصدر دخل لمعيشة المواطنين و للحكومة، بسبب التضخم الجامح السائد منذ ما قبل الحرب، لتتفاقم أزمة الانكماش باستمرار هذه الحرب .
و خسارة أكثر من 2.7 مليون مواطن لوظائفهم بالقطاع الخاص، وبما يرتبط بذلك من الإضعاف الحاد لنشاط التجارة الداخلية والخارجية و ما يرتبط بها من حجم مقدر من العمالة، هذا بجانب موظفي الحكومة و القطاع العام المتوقفين عن العمل بولايات الحرب.
تأثير البطالة الإجبارية الحادة على حجم الناتج المحلي الإجمالي السوداني، ليتجاوز انكماشه حدود 20 بالمئة.
الدخول المفقودة لهذه البطالة الإجبارية تفسر التدهور الكبير في إيرادات الموازنة العامة الضريبية بمواجهة الانفاق العام المتفاقم و زيادته باستمرار الحرب و اتساعها، بما يؤكد توقعات العجز الكبير للغاية حالياً بالنسبة للدخل القومي المنكمش الذي يصعب تقدير نسبته حالياً.
انكماش نشاط القطاع المصرفي الذي قدرت النسبة المنهوبة من أمواله بحوالي 38 بالمئة بولاية الخرطوم وحدها، إلى جانب توقف النسبة الأكبر من المصارف عن العمل مع محدودية فروع البنوك العاملة بالولايات، حيث تفاقمت أزمته بعد الحرب مع ضعف الايداعات بالداخل و التحويلات من الخارج وتآكل رؤوس أمواله بفعل التضخم وتدهور أسعار الصرف حتى بالبنوك ذاتها.
فقد الجنيه السوداني لقوته الشرائية الأجنبية أكثر من 80 بالمئة بالسوق الموازية منذ بداية الحرب، وبما يسهم في مفاقمة أزمة التضخم الجامح الموروث منذ ما قبل الحرب، و الذي حد من القوة الشرائية للمواطنين من ناحية و إضعاف القوة الإنتاجية للوحدات الإنتاجية المستمرة في الإنتاج (دون الدعم الحكومي)، بما يساهم في الانكماش (التلقائي إلى جانب الحرب) للاقتصاد السوداني.

أخيراً نامل أن تكون حكومة الأمل هي المنقذ الاقتصادي الذي يجعل السودان في مصاف الدول المتقدمة.

دمتم بألف خير🌹

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى