معالي الدكتور كامل إدريس .. رئيس الوزراء الموقر .. بقلم/ د. شرف الدين إبراهيم بانقا

اسمح لي أخي أن أخاطبكم فيما طرحته علي الملأ من أفكار و رؤى حول الهيكل الحكومي و شاغليه الذين سوف يساعدوكم معاضدين لكم في تسيير إدارة البلاد و الخروج بها إلى بر الأمان.
أولًا: نشكر معاليكم علي قبولكم تحمل هذه المسؤولية الجسيمة في ظل ظروف عصيبة و نأمل من الله العلي القدير أن يكلل مهمتكم هذه بالنجاح و التوفيق.
ثانيًا: إن استعدال البناء المؤسسي للدولة بانكماش يضمن قيامها وبعدد قليل من الوزارات، هو رأي سديد و أمر جيد و فيه خير عميم للبلاد و العباد.
ثالثًا: أنكم طرحتم البناء الإداري الحكومي علي الملأ، و هذا يبدو أنه دعوة تهدف إلى أستقاء آراء الناس فيما طرحتم، و لذلك وددت أن أقدم شهادتي في هذا الشأن و ليس تعليقًا و لا تصويبًا و لا تعقيبًا علي ما ذكرتم، فقد بينتم و أوفيتم و لكن أطرق هذا الباب من باب (و لا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله) (و لا يأب الشهداء إذا ما دُعُوا) (و من يكتمها فإنه آثم قلبه) و عليه أود أن أذكر أن التركيز لم يشمل ثلاث مهام اتحادية أساسية باعتبار أن مجلس الوزراء الاتحادي يضطلع بمهام
1. التخطيط بكافة أشكاله
2. التشريع.
3. التمثيل الخارجي.
4. مهام تنفيذية في حدود اختصاصه وبإقامة المشاريع المتداخلة بين الولايات و المشاريع ذات الطبيعة العالمية:
1. الموارد الطبيعية
الموارد الطبيعية تمثل البيئة في عناصرها الأساسية (الماء و الكلأ و الطاقة و الهواء و الموارد الإحيائية) و عبر عنها رسول الهدي صلي الله علية و سلم (الناس شركاء في ثلاث – الماء و الكلأ وهي الأرض في حالتها الطبيعية و النار و هي الطاقة) إن الشراكة أي في الموارد الطبيعية واضحة تمامًا في قول الله سبحانه و تعالي “و نبئهم أن الماء قسمة بينهم”
و معلوم أن للموارد الطبيعية أبعاد سياسية و اجتماعية و اقتصادية لأنها محور تشكيل القاعدة الرئيسية للثروة و السلطة، و بالتالي فإن الحكم الرشيد ينطلق من حسن إدارته لها، إذ عليها تقوم الحياة و المعاش و كل نشاط حيوي. و أن شراكة الناس في هذه الموارد تستوجب على الدولة مباشرة تولي أمرها لتحقيق العدالة في توزيعها وتعظيم الفائدة من استخدامها و استدامة المحافظة عليها.
و هذه الموارد يحتاجها شركاء متنافسون، حيث تتقاطع أهدافهم ومصالحهم و تتعدد استخداماتهم لها و يشتد التنافس عليها فهي مطلوبة لشرب الإنسان والحيوان و للسكن و لجميع الأنشطة التنموية و للصحة العامة و للزراعة و لإنتاج الطاقة و للملاحة و لأغراض حماية البيئة الخ. كما يشتد التنافس عليه إقليمياً بين الدول المتجاورة و دوليا للحصول عليها و محلياً بين الولايات والجماعات و الأفراد.
و من هذه المجموعة خصص رئيس الوزراء الموقر الطاقة و ليس سواها و يتطلب الأمر وزارة لموارد المياه فهي متداخلة بين الولايات سواء مياه سطحية (النيل – أبو حبل عطبرة – طاقة كهربائي – سدود الخ) ومعظم أحواض المياه الجوفية متداخلة بين الولايات و مع دول الجوار كما تتداخل المياه النيلية. أما تنمية الأراضي من خلال الإسكان و بغرض الاستثمار والمرافق العامة، و الخدمات البلدية، و تخطيط المدن و الأرياف و مشروعات التعليم و الصحة في مشتركة مع الولايات و كل ذلك لا يتأتى إلا بتخطيط عمراني سليم يوزع السكان و مشروعات التنمية جغرافيا بعدالة و توازن و عليه لابد من وزارة تنمية عمرانية اتحادية تتقاسم المهام مع الولايات في شأن الأراضي و الإسكان و التخطيط و تمثل الدولة مع وكالات الأمم المتحدة المختصة.
و عليه، فإن أولويات الدولة يجب أن تبنى على تفضيل إقامة منشآت النفع العام المتصلة بالموارد الطبيعية التي يعم نفعها على جميع العباد، و التي من شأنها أن تحافظ على الوسط البيئي وتحقق ترقيته وأن لا تكون في خدمة فئة خاصة لأن في ذلك ظلم لعامة الناس وضعافهم و مجلبة للعقاب الذي ورد في قول الله سبحانه وتعالى:
(أَلَمۡ تَرَ إِلَى ٱلَّذِينَ بَدَّلُواْ نِعۡمَتَ ٱللَّهِ كُفۡرً۬ا وَأَحَلُّواْ قَوۡمَهُمۡ دَارَ ٱلۡبَوَارِ (٢٨) ) و النعم هي التعبير القرآني للموارد الطبيعية.
2. التخطيط
التخطيط هو أسلوب ومنهج في التفكير تتم ممارسته من قبل الجميع، وعلى كل المستويات المستوى الفردي، والعائلي، و المستويات المحلية والعالمية. وهو يتعلق بوضع تصورات ورؤى لوضعية معينة في المستقبل، مطلوب الوصول في زمن محدد و مكان محدد فالمسلمون باشروا التخطيط و مارسوه منذ بداية الدولة الإسلامية و هذا يتوافق مع مضمون الآية الكريمة (أَفَمَن يَمۡشِى مُكِبًّا عَلَىٰ وَجۡهِهِۦۤ أَهۡدَىٰٓ أَمَّن يَمۡشِى سَوِيًّا عَلَىٰ صِرَٲطٍ۬ مُّسۡتَقِيمٍ(٢٢).)
المقترح هو إنشاء مجلس للتخطيط و هذا جيد و سليم لإنتاج الرؤى المفضية للغايات و لكن المجلس يحتاج لجهاز فني تنفيذي ينشئ المعلومات و يجمع ما هو موجود منها و يحللها و يقدمها للمجلس في جداول و خرائط و غرافيك وبيانات وتكون له وجود في الولايات و يقوم بالتحديث و التوعية و تدريب موظفي الولايات الخ.
3. قطاع البناء و التشييد
إن أعمال البناء و التشييد ليست كتلاً عمرانية صماء وصلبة كصلابة مبانيها وهياكلها وقوالبها الإنشائية و لكنها واجهة حضارية تعكس ملامح وتاريخ وثقافة ورقى سكانها. فالعمران يشهد علي قوة { وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها } الروم {9} {كانوا أشد منهم قوة وأثارا في الأرض } غافر {21} {واشد قوة وآثاراً في الأرض } غافر { 82} وبهذا المفهوم فإن عمارة المدن تعتبر الوجه المادي للحضارات الإنسانية ودلالاتها
إن مساهمة قطاع البناء والتشييد في الناتج المحلي كبير جدا و يأتي بعد القطاع الزراعي و حجم الاستثمارات السنوية ضخم يعكس الصورة السالبة للبطالة أو الإيجابية للانتعاش الاقتصادي لأن هذا القطاع يوظف أعدادا هائلة من المواطنين ويفتح بابا لرزق لمئات الآلاف من الأسر.
إن بعض الدول تعتمد مثل كوريا علي شركاتها الرائدة في مجال أعمال البناء التشييد في توفير العملات الأجنية لأنها منافسة في الحصول علي عقود المقاولات خارج الأوطان.
لكل ما ذكر يلزم تخصيص وزارة لترعى قطاع البناء و التشييد و تنظمه و تعالج مشاكله ليكون قادرًا علي تنفيذ مشروعات التنمية و المنافسة خارج الحدود.
إن وجود هذه الأجسام الوزارية المقترحة ضمن مجلس الوزراء الاتحادي يضمن تناول قضاياها في مجلس الوزراء و مسؤولية هذه القضايا سوف يضع عاتقها علي جهة وزارية محددة و لا يكون دمها موزع علي القبائل.
ما تقدم باختصار أحسب أنه يعرض أهم مسؤوليات و مهام و اختصاصات الدولة التي لم يجري عليها التركيز بشكل كاف و حتي لا يكون المقترح نظريًا أدناه مقترح يقدم أقل عدد من الوزارات ضمن التشكيل الوزاري دون إغفال أي من المهام الرئيسية التي يلزم أن تضطلع بها الوزارات الاتحادية كما ورد في السرد أعلاه:
قائمة بأسماء الوزارات الاتحادية المقترحة :-
1/ وزارة شؤون رئاسة الجمهورية و شؤون الولايات.
2/ وزارة شؤون مجلس الوزراء (و شؤون البرلمان).
3/وزارة الدفاع.
4/ وزارة الداخلية.
5/ وزارة الخارجية.
6/ وزارة العدل. أما النائب العام و القضاء و المحكمة الدستورية فهي سلطات ذات سيادة و كاملة الاستقلالية.
7/ وزارة المالية و الاقتصاد الوطني (متضمنة الزكاة).
8/ وزارة العمل و تنمية الموارد البشرية.
9/ وزارة الموارد المائية (بما في ذلك السدود، حصاد المياه، الري) و الطاقة (المائية).
10/ وزارة الزراعة و الثروة الحيوانية و السمكية.
11/ وزارة الطاقة والبترول.
12/ وزارة الإرشاد و الأوقاف و الشؤون الإنسانية.
13/ وزارة التخطيط (بكافة أغراضه و أدواته) و البيئة و التنمية العمرانية (الإسكان, الأراضي, المرافق العامة)
14/وزارة النقل و الاتصالات(طرق، سكة حديد، مطارات، موانئ طيران مدني).
15/ وزارة التجارة و التعاون الدولي و الاستثمار.
16/ وزارة التعليم (عام و عالي) و التكنلوجيا و البحث العلمي.
17/ وزارة الثقافة و الإعلام و السياحة.
18/ وزارة الصناعة و المعادن.
19/ وزارة الشباب و الرياضة.
20/وزارة الصحة و الرعاية الاجتماعية.
21/ وزارة التشييد و الأشغال العامة.
وتقبل معاليكم وافر الاحترام والتقدير.