مقالات الرأي
أخر الأخبار

معذِرةٌ إلى رَبِّكم .. بقلم/ اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

{وَأَنزَلۡنَاۤ إِلَیۡكَ ٱلۡكِتَـٰبَ بِٱلۡحَقِّ مُصَدِّقࣰا لِّمَا بَیۡنَ یَدَیۡهِ مِنَ ٱلۡكِتَـٰبِ وَمُهَیۡمِنًا عَلَیۡهِۖ فَٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُۖ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ عَمَّا جَاۤءَكَ مِنَ ٱلۡحَقِّۚ لِكُلࣲّ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةࣰ وَمِنۡهَاجࣰاۚ وَلَوۡ شَاۤءَ ٱللَّهُ لَجَعَلَكُمۡ أُمَّةࣰ وَ ٰ⁠حِدَةࣰ وَلَـٰكِن لِّیَبۡلُوَكُمۡ فِی مَاۤ ءَاتَـٰكُمۡۖ فَٱسۡتَبِقُوا۟ ٱلۡخَیۡرَ ٰ⁠تِۚ إِلَى ٱللَّهِ مَرۡجِعُكُمۡ جَمِیعࣰا فَیُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمۡ فِیهِ تَخۡتَلِفُونَ}

⚫ إن موقعك الجغرافي له تصنيف سياسي ، وألوان بشرتك وشَعرك وعينيك لها مدلولٌ سياسي ، وتكوين جيناتك بها محتوىً سياسي ، وعقيدتك وأيدلوجيتك ومشاعرك وتحيزاتك ذات طابعٍ سياسي ، وماضيك وحاضرك ومستقبلك ذوات أثرٍ سياسي ، فأنت كائن سياسي على كوكبٍ سياسي وتحكمك السياسة … فما الذي قد يعنيه البعض بقولهم أنا لست سياسي ولا أحب السياسة ، ولا علاقة لي بالسياسة!؟
{لَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلَنَا بِٱلۡبَیِّنَـٰتِ وَأَنزَلۡنَا مَعَهُمُ ٱلۡكِتَـٰبَ وَٱلۡمِیزَانَ لِیَقُومَ ٱلنَّاسُ بِٱلۡقِسۡطِۖ وَأَنزَلۡنَا ٱلۡحَدِیدَ فِیهِ بَأۡسࣱ شَدِیدࣱ وَمَنَـٰفِعُ لِلنَّاسِ وَلِیَعۡلَمَ ٱللَّهُ مَن یَنصُرُهُۥ وَرُسُلَهُۥ بِٱلۡغَیۡبِۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِیٌّ عَزِیزࣱ}

⚫ خلق الله الإنسان لثلاث غاياتٍ ذات أبعادٍ سياسيةٍ لا تتحقَّق إلا بها ، وهي الخلافة في الأرض وعمرانها والعبادة ، والقرآن كتابٌ سياسيٌّ أوجب تطبيق ميزان القسط بين الناس (وليس المسلمين فقط) ، وخصَّص الحديد ببأسه الشديد لإقامة مبادئ العدل والحرية والرحمة والشورى ومحاربة الظلم ونُصرة المُستضعفين ، فما الذي يعنيه البعض بقولهم أن لا علاقة للدين بالسياسة!؟ ، وعن أي دينٍ هم يتحدَّثون!؟ ، والأسئلة التي ينبغي أن يُجيب عليه كل من يُؤمِن بالآخرة حتى لا يكون في زمرة الذين يخوضون مع الخائضين:

🤔 هل هو من الذين تشمئزُّ نفوسهم إذا ما ذُكِر الله وحده وقيل أن الحكم لله وحده ، وأن القرآن هو دستور المسلمين؟ أم أنه من الذين يستبشرون إذا ذُكِرَ الذين من دون الله سواءً كانوا سَلَفاً صالحاً أو إغريقاً أو روماناً أو فلاسفةً غربيون أو شرقيون!؟ {وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِینَ لَا یُؤۡمِنُونَ بِٱلۡـَٔاخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِینَ مِن دُونِهِۦۤ إِذَا هُمۡ یَسۡتَبۡشِرُونَ}

🤔 هل هو من الذين يؤمنون بالكتاب كله!؟ أم أنه من الذين يؤمنون ببعض الكتاب ويكفرون ببعضه أو يتجاهلون وربما يُخَطِّئون بعضه أو يستصوبون غيره!؟ {وَأَنِ ٱحۡكُم بَیۡنَهُم بِمَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ وَلَا تَتَّبِعۡ أَهۡوَاۤءَهُمۡ وَٱحۡذَرۡهُمۡ أَن یَفۡتِنُوكَ عَنۢ بَعۡضِ مَاۤ أَنزَلَ ٱللَّهُ إِلَیۡكَۖ فَإِن تَوَلَّوۡا۟ فَٱعۡلَمۡ أَنَّمَا یُرِیدُ ٱللَّهُ أَن یُصِیبَهُم بِبَعۡضِ ذُنُوبِهِمۡۗ وَإِنَّ كَثِیرࣰا مِّنَ ٱلنَّاسِ لَفَـٰسِقُونَ}

🤔 هل هو من الذين يُكرِّسون صلاتهم ونُسُكَهم وكل حياتهم وحتى مماتهم لله ربِّ العالمين ، أم أنه من الذين يعتقدون أن اتِّباع حُكْم الله في القرآن يُؤدِّي إلى هلاك البلاد والعباد وحتمية الضياع!؟ {وَقَالُوۤا۟ إِن نَّتَّبِعِ ٱلۡهُدَىٰ مَعَكَ نُتَخَطَّفۡ مِنۡ أَرۡضِنَاۤۚ أَوَلَمۡ نُمَكِّن لَّهُمۡ حَرَمًا ءَامِنࣰا یُجۡبَىٰۤ إِلَیۡهِ ثَمَرَ ٰ⁠تُ كُلِّ شَیۡءࣲ رِّزۡقࣰا مِّن لَّدُنَّا وَلَـٰكِنَّ أَكۡثَرَهُمۡ لَا یَعۡلَمُونَ}

⚫ إن في الأرض آلاف الأديان والمعتقدات والأيدلوجيات التي لا تجتمع إلا على عداء الإسلام ، وذلك لسببٍ واضح جداً ، وهو أن القرآن أوجب على المسلمين محاربة الظلم والظالمين حيث كانوا ، وأوجب على المسلمين نُصْرَة المُستَضعفين أيَّاً كانوا ، ولذلك فإن أكثر الناس وبينهم مسلمون .. لا يرضون بحُكم القرآن ، بل إنهم لا يرضون حتى بأن تكون المرجعية للشَّعب طالما أنه شعبٌ مسلمٌ يُؤمن بالقرآن ، إنهم يريدون أن تكون مرجعيتنا لا تمُت للإسلام والقرآن بِصلة ، ولا حرج عندهم أن تكون إسرائيل دولةٌ يهودية تحتكم إلى التلمود والتوراة ، ولا عيب في أن يكون الفاتيكان وغيره دولاً مسيحيةً تهتدي بضلال القساوسة ، ولا مشكلة في أن تكون الهند هندوسية ، ولا عجب حتى في أن تقوم قائمة بعض المنتسبين للإسلام إسماً لمناهضة حُكم الإسلام على بلاد المسلمين {وَیَحۡلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمۡ لَمِنكُمۡ وَمَا هُم مِّنكُمۡ وَلَـٰكِنَّهُمۡ قَوۡمࣱ یَفۡرَقُونَ}

⚫ ثمَّة مسلمون يخشون على أنفسهم كبائر الإثم ، وآخرون يخشون على أنفسهم حتى من الَّلمم ، وحريٌّ بالبعض في هذا الزمان (وما أكثرهم) أن يخشوا على أنفسهم من الكفر الذي أصبح أشد قُرباً من شِراك النَّعل .. {ذَ ٰ⁠لِكُم بِأَنَّهُۥۤ إِذَا دُعِیَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُۥ كَفَرۡتُمۡ وَإِن یُشۡرَكۡ بِهِۦ تُؤۡمِنُوا۟ۚ فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِیِّ ٱلۡكَبِیرِ}

⚫ ماذا لو بُعِث الرسول عليه الصلاة والسَّلام من قبره فأصبح اليوم بيننا .. أو فلنقُل عاد المسيح عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام (كما يؤمن بذلك التُّراثيون) ، فماذا عساه يكون الحال :-

🤔 ماذا سيكون موقفه من غزة .. سيقاتل مع حماس ، أم سيخاطب ترمب والأمم المتحدة ، أم سينتظر ما تسفر عنه القمم العربية ، أم سينضم لجوقة التطبيع وتسليم فلسطين لإسرائيل واستضافة الفلسطينيين في أرض الله الواسعة!؟
ج: القرآن يخبرنا أنه سيقاتل مع قِلَّة حماس حتى يحكم الله بينه وبين عدوه كما فعل في بدرٍ والأحزاب.

🤔 : هل ستحتفي به شعوب الأمة الإسلامية بحُكَّامها وإعلامها وعُلَمائها ونُخَبِها وفلاسفتها وشعوبها؟
ج: الواقع يؤكد أنهم سيُنكرون أنه هو ، ولن يكتفوا بأوصافه وما معه من الحق ، وسيُطالبونه جدلاً أن يُثبِت نفسه بمَلَكٍ يُؤيِّده أو أن يرقى في السماء أو أن يأتي بالله والملائكة قبيلاً ، وأغلب الظن أنه لو نزلت عليهم الملائكة وكلَّمهم الموتي وحشر الله عليهم كل شئٍ قُبُلاً .. ما كانوا لينزعوا عنهم ثياب الخنوع والذلِّ التي ألبسهم إياها حُكَّامهم وأحبارهم وإعلامهم.

🤔: أيُّ بلدٍ من بلاد المسلمين قد تسمح له بدخول أراضيها وتمنحه جنسيتها أو حق الإقامة فيها؟
ج: يقيناً أنه سيُعاني في ذلك كما يُعاني دُعاة الصِّدق والمجاهدون اليوم ، وربما تسضيفه دولةٌ مثل قطر .. بعد تفاهماتٍ دوليةٍ على أن يكون تحت ما يشبه الإقامة الجبرية باعتباره رجعياً .. متطرفاً .. إرهابياً .. إسلامياً .. داعي فتنةٍ بالخروجٍ عن الحكام والفسادٍ في الأرض.

🤔: من الحاكم المسلم الذي يمكن أن يتنازل له عن الحكم؟
ج: مستحيل أن يفعلها حاكم ، فهو عليه الصلاة والسلام ليس لدية جنسية ، ولا أوراق ثبوتيه ، ولا يحمل شهادات علمية ، ولم يعمل في منظمات دولية ، ولن ترضى عنه القوى الغربية ولا الشرقية.

🤔: هل يمكن أن يقوم جيشٌ نظاميٌّ من جيوش بلاد المسلمين بنُصرته؟
🤔: قطعاً لا ، ولكن قد تناصره قوات مثل حماس أو طالبان أو أنصار الله.

🤔: هل سيُغيِّر ذلك شيئاً في آراء ومواقف الشعوب الإسلامية؟
ج: بالتأكيد لا ، فالقرآن كان دائماً موجود ولا تأثير له في واقع الشعوب الإسلامية ، وهو مهجورٌ إلا من استنزال البركات ، وترديد آياته لاكتساب الحسنات ، ولن يأتي الرسول عليه الصلاة والسلام برسالةٍ جديدة أو بكتابٍ جديد.

🤔: ما الذي قد يوقظ الأمة الإسلامية إذا لم يوقظها حدثٌ كهذا؟
ج: ربما ألمٌ كبيرٌ كبير .. يفوق حجم الغفلة والذُّلِّ والخُنوع الذي تقبع فيه الأمة.
{یَـٰۤأَیُّهَا ٱلَّذِینَ ءَامَنُوا۟ ٱتَّقُوا۟ ٱللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِۦ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسۡلِمُونَ}

⚫إن أكثر المسلمين اليوم يخافون حُكَّامهم وأسياد حُكَّامهم من الصهاينة والصليبيين خوفاً يفوق بكثيرٍ خوفهم من الله ، ويرجون ثواب حُكَّامهم وأسياد حُكَّامهم بأكثر مما يرجون من الله ، وقد استبان الحق اليوم لكل أعمى بصر أو حتى عُمْي البصيرة ، والذين يصطفُّون في فسطاط الباطل اليوم لا يجهلون الحق ولكنهم في الحقيقة يكرهون الحق فيجحدونه ، وقد صدَّق عليهم إبليس ظنه تماماً حتى غدو في جاهليةٍ تتقزَّم أمامها جاهلية قريشٍ وعادٍ وثمود ، ولولا بقيَّةٌ من المجاهدين الرِّبِّيون هنا وهناك لما أمِنَّا بطشة جبَّارٍ تُلحِقنا جميعاً بقومٍ فرعون وإخوان لوط ، والواقع أننا بالفعل إزاء موجة استبدالٍ قاسيةٍ طويلةٍ أليمةٍ ستأتي (حين يشاء الله)بقومٍ يُحِبُّهم الله ويُحِبونه ، أذِلَّةٍ على المؤمنين ، أعِزَّةٍ على الكافرين ، يُجاهدون في سبيل الله ، ولا يخافون في الله لومة لائم ، والكيُّس اليوم من دان نفسه فحرِص على أن يلقى الله وقَدَمُه راسخةٌ في فسطاط الحق .. لا يُداهن فيه ولا يُساوِم ، ويا أهل المدينة لا مدينة لكم اليوم ، وهذا أوان الشَّدِّ فاشتدِّي زِيَم.

واشدُدْ يديـكَ بحبـلِ الله مُعتَصِماً
فإنَّـهُ الرُّكنُ إن خانتْـكَ أركـانُ

مـن يتَّقِ الله يُحْمَـدُ فـي عواقِبِـه
ويكفِهِ شرَّ مـن عزُّوا ومـن هانُوا

منِ استعـانَ بغيرِ اللهِ فـي طلـبٍ
فـإنَّ ناصِـرَهُ عجـزٌ وخِـذْلانُ

٣٠ مايو ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى