مقالات الرأي
أخر الأخبار

مقترحات لبرامج عمل واجبة لتحرير أسرانا أو مبادلتهم .. بقلم/ اللواء (م) مازن محمد إسماعيل

⚫ في ٣ مارس ٢٠١٧م أفلحت الجهود الطويلة و المضنية و الحثيثة التي قامت بها مجموعة السائحون (الإسلاميون الإصلاحيون المغاضبون آنذاك) في إطلاق سراح جميع الأسرى لدى الجيش الشعبي قطاع الشمال و البالغ عددهم ١٣٢ أسيراً من العسكريين و المدنيين، و قد شملت تلك الاتصالات و المساعي المؤسسات الرسمية، وقيادة الجيش الشعبي، و توسيط الرئيس اليوغندي يوري موسفيني، و عدد كبير من الإدارات الأهلية، و الشخصيات الوطنية و الرموز المجتمعية، و لم تخلُ العملية من العقبات الغرائبية التي ذلَّلها إخلاص المُبادِرين و حرصهم و صبرهم و إصرارهم على نجاحها، و غنيٌّ عن الذكر ما ترتب على نجاح المبادرة من فرَجٍ و فرَحٍ و إيجابياتٍ وطنيةٍ يصعب حصرها في هذا المقال.

⚫ مجموعة السائحون كانت تضم المجاهدين الأوائل الذين انتظموا في خطوط القتال ضد الجيش الشعبي منذ مطلع التسعينات، و فِكرياً يمثلون الطرف النقيض للحركة الشعبية و جيشها، و رغم ذلك تمكَّنوا من إنجاح المبادرة التي لم تدعمها السلطات الرسمية آنذاك بالقدر المطلوب حتى اتهمت الحركة الشعبية آنذاك الحكومة بعرقلة تحرير الأسرى، و نجاحهم آنذاك لا يترك للسائحون و لا لغيرهم اليوم عُذْراً في إمضاء هذه السُّنة الحميدة بتوظيف كل الجهود الممكنة لتحرير الأسرى التي (بكل الأسف) لا يراها الكثيرون أسبقيةً مُلِحةً، و لا سيما من أولئك الذين آتاهم الله السُّلطة فابتلاهم بأن تَعلَّقت في رِقابهم مسئولية شعبهم، و عليهم أن يشكروا نعمة الله عليهم إذ لم يمسُّهم و أهلهم فيحُ لهيب الأسْر لأبنائهم أو الخطف لبناتهم .. بأن يُعذِروا إلى الله ببذل كل الممكن و بعض المستحيل في سبيل تحرير الذين ابتلاهم الله بالأسر، و التخفيف من معاناة عائلاتهم و التي يفتقد معظمها لأي معلومات عن مصير أبنائهم و بناتهم بأيدي (الجنجويد).

⚫ إن المجتهدين في شأن تحرير الأسرى من الرسميين أو الشعبيين سيجدون في الأرض مُراغماً كثيراً و سَعةً لجهودهم، و التي نُجمِل بعضاً منها فيما يلي:

١. الجانب الحكومي
▪️تشكيل لجنة حكومية عليا برئاسة رئيس الوزراء أو من ينوب عنه، مهمتها التنسيق بين المؤسسات الحكومية و الدولية و المجتمعية.

▪️استكمال قواعد البيات لكل الأسرى و المخطوفين و المُحتَجزين و الذين تم إخفاؤهم قسرياً من العسكريين، و السياسيين، و المدنيين و الأجانب الذين كانوا مقيمين في البلاد.

▪️رصد وتسجيل الانتهاكات التي مورست و تُمارس ضد الأسرى و اتخاذ الإجراءات القانونية (محلياً و دولياً) و استدامة التقارير في هذا الشأن لكل الجهات ذات الصلة.

▪️الحرص على إبقاء ملف تحرير الأسرى حاضراً و بارزاً و متقدماً في كل الأنشطة العسكرية أو الدبلوماسية أو المجتمعية أو التفاوضية أو أي أنشطةٍ ذات علاقة.

▪️رعاية أسرى مليشيا (الجنجويد) لدى الجانب الحكومي بشكلٍ يتسق مع المبادئ الدينية و القيم السودانية و القانونية للشعب السوداني و الأعراف العسكرية لقواتنا المسلحة ، مع أهمية التصنيف الدقيق لهم ، وذلك بضرورة الفصل بين السودانيين (الجنجويد) عن المرتزقة الأجانب، و إعداد قوائم بيانات مفصلة ودقيقة عنهم ، مع الأهمية القصوى لتفعيل الجهات المختصة بالعمل الإيجابي تجاههم جنباً إلى جنب مع الإجراءات القانونية إزاءهم ، و لا سيما أولئك الذين تعاونوا مع المليشيا بشكلٍ أو بآخر.

▪️إنشاء إدارة مختصة لرعاية عائلات الأسرى ولا سيما من المدنيين (فالعسكريون ينبغي أن تكون عائلاتهم في مسئولية وحداتهم العسكرية) ، و التأكيد على استدامة رواتب الموظفين منهم، و تخصيص معاش لأولئك الذين لم تكن لديهم وظائف ثابتة، و العمل على اجتراح مُسهِّلات تراعي فقد هذه العائلات لمعيليها بما يعينهم على تربية أبنائهم مثل إعفائهم من الرسوم التعليمية و إدماجهم في برامج التأمين الصحي و غير ذلك.

٢. الجانب العسكري و الأمني
▪️ العمل على جمع المعلومات الاستخباراتية حول مواقع وتفاصيل الأسرى و ظروف احتجازهم و تدقيق أنسب السبل لتحريرهم.

▪️إعداد و تنفيذ الخطط العسكرية و الاستخبارية الممكنة لتحرير أسْرانا.

٣. الجانب السياسي والدبلوماسي
▪️تفعيل الاتصالات مع الدول الصديقة و المنظمات الإقليمية و الدولية مثل الاتحاد الأفريقي و الأمم المتحدة لحشد الدعم و الضغط على قوات الدعم السريع في هذا الجانب.

▪️تفعيل دور اللجنة الدولية للصليب الأحمر في هذا الشأن ، ومطالبتها (مع المنظمات الحقوقية والإنسانية الأخرى) بزيارة مقرَّات احتجاز الأسرى، وتزويد الحكومة بتقارير تشمل قواعد بيانات الأسرى و المحتجزين لدى مليشيا (الجنجويد) و الإفادة بتقارير دورية عن مدى استيفاء ظروف احتجازهم للقانون الدولي و الإنساني.

▪️تفعيل دور الاتحاد الأفريقي، و الجامعة العربية و الأمم المتحدة و لا سيما مجلس حقوق الإنسان في إدانة انتهاكات المليشيا تجاه الأسرى و المحتجزين، و استصدار القرارات التي تُجرِّم ممارساتها و الضغط ليها لإطلاق سراح الأسرى.

▪️تفعيل دور سفاراتنا في توعية الدول الصديقة بقضية أسرانا ليكون لهذه الدول دورٌ في مساندة السودان داخل المنظمات الإقليمية و الدولية حتى مجلس الأمن مما سيمثل عامل ضغط كبير على المليشيا و  داعميها من منظور قانوني و إنساني.

▪️على القوى السياسية (الداعمة للقوات المسلحة أو الموالية لمليشيا الجنجويد أو المُدَّعية للحياد) واجب القيام بأدوارٍ ملموسة وواضحة في جانب رعاية حقوق الأسرى وتحريرهم بأسرع ما يمكن ، وعليهم أن يدركوا بأن الشعب السوداني يُراقب لا مبالاة الكثير منهم والذين يقتصر جهدهم الوطني على الاجتماعات المنبثقة عن اجتماعات والإطلالة الإعلامية من قناة إلى أخرى.

٤. الجانب القانوني
▪️العمل مع المحامين الدوليين لتقديم شكاوى و بلاغات إلى المحاكم الجنائية الدولية حول انتهاكات حقوق الإنسان.

▪️الإشراف و المتابعة لظروف أسرى المليشيا لدينا من السودانيين و المرتزقة، و التأكد من توافق احتجازهم مع المبادئ القيمية و القوانين المرعية و تكييف الأحوال القانونية لكلٍ منهم.

٥. الجانب المجتمعي و الإنساني
▪️ تنظيم حملات توعية و مساندة و كفالة لعائلات الأسرى و العمل مع الجهات الرسمية و منظمات حقوق الإنسان الوطنية لحشد الدعم و الإسناد لهم.

▪️تفعيل دور الإدارات الأهلية و الشخصيات الوطنية و أعيان المجتمع في الوساطة و الضغط بهدف الإعلاء من قيمة احترام حقوق الأسرى في الجانبين، و تعظيم قدر كرامتهم، و أهمية مراعاة الواجبات الدينية و القيم السودانية و المعايير القانونية في ظروف احتجازهم و اجتراح المبادرات لتحريرهم أو تبادلهم.

٦. الجانب الإعلامي
▪️ استدامة توظيف وسائل الإعلام لفضح ممارسات قوات الدعم السريع في إعدام الأسرى و تعذيبهم و فضح الانتهاكات التي تقوم بها هذه المليشيا و تعريتها أمام المجتمع الإقليمي والدولي.

▪️استدامة الطرق الإعلامي على قضية الأسرى و التوظيف الذكي لوكالات الإعلام الدولية المؤثرة (الجزيرة، العربية، سكاي نيوز، البي بي سي، السي إن إن، و غيرها) من خلال الشراكات الإعلامية أو من خلال الاستضافات التي تجري في تدويل قضية الأسرى وانتهاكات المليشيا تجاههم لجعلها قضية ضغط دولي و إقليمي و قانوني على المليشيا و داعميها.

▪️التذكير المستمر لمؤسساتنا الرسمية و المجتمعية و الشعبية بواجباتهم تجاه الأسرى و المُحتجزين و عائلاتهم.

⚫هذه المقترحات ليست شاملة، و لكنها مجرد إشارة متواضعة للكثير مما يمكن القيام به، و لا شك أن الخبراء و النُّشطاء في شتى المجالات بإمكانهم تطويرها إلى برامج عمل أكثر نجاعةً و أبلغ أثراً، و برغم أن التكييفات القانونية لديها تفصيلٌ دقيق في تعريف الأسير، و المُختَطَف، و المُحتَجَز و المُخفى قسرياً و غيرها من المصطلحات .. غير أن الغرض من المقال هو الإشارة لأهميَّة القضية من منظورٍ عام، ثم يأتي التكييف القانوني من مظانِّه إلى الجهات المختصَّة، و الحقيقة أن على كلٍّ منا واجب إخراج هذه القضية من بئر النسيان، و أن يجد لنفسه دوراً إيجابياً في تحرير الأسرى بحسب ما آتاه الله من وُسْعٍ رسمي أو أمني أو مجتمعي أو إعلامي أو مادِّي أو غير ذلك … و أن يحرِصَ كل امرئٍ على أن لا يكون في هذا الأمر ممن قيل فيه:

إذا كُنتَ لا تُرجى لدفعِ مَلَمَّةٍ
و لمْ يَكُ في المعروفِ عندك مَطمَعُ

و لا أنتَ ممن يُسْتعانُ بجاهِهِ
و لا أنتً يومَ البَعثِ للنَّاس تَشْفَعُ

فَعَيْشُكَ في الدُّنيا و موْتُكَ واحِدٌ
و عُودُ خِلالٍ من وِصالِكَ أنْفَعُ
٢٩ يونيو ٢٠٢٥م

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى