مقالات الرأي
أخر الأخبار

منشورات د. أحمد المفتي ، رقم 5526 محاولة لكتابة ، تاريخ حقوق الانسان ، في السودان

اولا : الفرسان الثلاثة :
كانوا هم اول من ارتاد مجال حقوق الانسان ، من السودانين ، بدون اي رابط بينهم ، وهم :
١. القاضي محمد احمد ابو رنات 1902 – 1977 : هو اول من تولي رئاسة القضاء في السودان 1955 – 1964 ، وقد كان احد مقرري ، لجنة حقوق الانسان الاممية بجنيف ، كما انه عمل في هيئة الأمم ، لمحاربة الاستعمار ، ومثل الأمين العام للهيئة في بعض البلدان الأفريقية ، كما مثل السودان ، في بعض لجان حقوق الانسان التعاهدية .

٢. البروفسير محمد عمر بشير 1926 – 1992 :

شارك في تأسيس المنظمة السودانية لحقوق الإنسان ، التي كانت تعد بمثابة فرع للمنظمة العربية لحقوق الإنسان ، وشارك بدور مهم في استضافة السودان ، للجمعية العمومية الأولى للمنظمة العربية لحقوق الإنسان ، في الخرطوم ، ولقد استمرت المنظمة السودانية لحقوق الانسان ، بعد وفاته ، ولكن طواها النسيان تدريجيا ، ولذلك ليس لها وجود ملموس حاليا ، وكان من ابرز اعضائها البروفسير امين مكي مدني .

٣. البروفسير مدثر عبد الرحيم 1932 – : شاركَ كمندوب للسودان ، لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة في الستينات ، كما شارك في المناقشات التي أدت إلى اعتماد الاتفاقية الدولية للقضاء على جميع أشكال التمييز العنصري عام 1965 ، فضلا عن العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ، عام 1966 ، ثم العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية ، في نفس العام ، كما شارك عام 1967 ، في صياغة البيان الثالث لليونسكو ، بشأن العنصر النسوي والتحيز العنصري ، وهو العضو المؤسس والأمين العام ، للجنة الوطنية لحقوق الإنسان السودانية ، والتي أُنشئت في الخرطوم في عام 1967، منافسة للمنظمة السودانية لحقوق الانسان ، ولان توجه الاثنين كان سياسيا ، لم يكن لهما التاثير المطلوب ، علي اوضاع حقوق الانسان في السودان ، علي ارض الواقع ، ولا احد يكاد يذكرهما اليوم .

ثانيا : اكبر تطور في مجال حقوق الانسان في السودان :

١. ولقد استمر ذلك الاهتمام المتدني بحقوق الانسان في السودان ، حتي العام 1986 ، والذي حدث فيه ، اكبر تطور في مجال حقوق الانسان ، وهو موافقة حكومة السودان ، علي العهدين الدوليين لحقوق الانسان .

٢. ولكن للاسف الشديد ، لم تكن الاجهزة الحكومية المعنية ، علي دراية بالنظام الدولي لحقوق الانسان ، فظل الوضع كما كان قبل الموافقة علي العهدين .

ثالثا : عداء حكومة الانقاذ ، للنظام الدولي لحقوق الانسان 1989 – 1992 :

١. دخلت حكومة الانقاذ ، خلال تلك الفترة ، في عداء سافر ، مع آليات النظام الدولي لحقوق الانسان ، علي الرغم من انها عضو في الامم المتحدة ، وقد وافقت علي العهدين الدوليين لحقوق الانسان عام 1986 .

٢. ولقد كان يعبر عن ذلك العداء ، في المحافل الدولية لحقوق الانسان ، خاصة لجنة حقوق الانسان بجنيف ، كل من رئيس القضاء جلال علي لطفي ، والمستشار القانوني لمجلس قيادة الثورة انذاك ، د. عبد السميع عمر .

رابعا : وفي العام 1991 ، آل الي شخصي ملف حقوق الانسان بحكومة السودان :

١. وذلك عندما عينت ، مستشارا عاما للقانون الدولي ، ومنذ اليوم الاول كنت اجاهر برايي ، وهو اهمية التعامل والتعاون مع الامم المتحدة ، خاصة لجنة حقوق الانسان بجنيف ، ولم يكن ذلك مقبولا ، لدي الكثير من المتنفذين داخل الحكومة ، لدرجة ان بعضهم ، كان يوحي للصحف اليومية ، لمهاجمتي في افتتاحياتها ، ووصفي مع اخرين ب ” المنبطحين ” .

٢. وتدريجيا بدا موقفي ياتي اكله ، حيث شكلت الحكومة في العام 1992 ، لجنة تنسيق ، لتتولي الرد الموضوعي ، علي استفسارات لجنة حقوق الانسان الاممية ، لحكومة السودان ، والتي كانت مكدسة ، لدي وزارة الخارجية .

٣. ولقد كان اول عمل ، تقوم به لجنة التنسيق الذي عين شخصي مقررا لها ، هي كتابة اول رد حكومي علي جميع تلك المكاتبات ، وقد عكفت ، ومعي وزير العدل انذاك ، صديقي د. عبد الله ادريس علي اعداد ذلك الرد ، ولقد استقبلته لجنة حقوق الانسان بحفاوة ، وشكرت حكومة السودان علي ذلك ، مما شجع حكومة السودان علي ترفيع لجنة التنسيق ، الي المجلس الاستشاري لحقوق الانسان ، والذين عينت مقررا له .

٤. ولقد قام المجلس بجهود جبارة ، في مجال حقوق الانسان ، ومنها انشاء ادارات حقوق الانسان ، في كل الاجهزة الحكومية ذات الصلة ، بما في ذلك وزارة العدل ، ووزارة الخارجية ، وجهاز الامن .

٥.كما قام المجلس بتدريب مكثف ، للكوادر الحكومية ، وكوادر المنظمات غير الحكومية ، بالتعاون والتمويل من مركز حقوق الانسان الاممي بجنيف ، ممثلا بالسيد / حميون علي زادة ، الذي مكث بالخرطوم ، لمدة عام كامل ، من اجل تنفيذ ذلك التدريب الممول امميا ، علي الرغم من ان السودان ، لم يكن تحت البند الذي يسمح له بالتمويل الاممي .

٦. وذلك التدريب المهول للكوادر السودانية ، جعل كافة اجهزة الامم المتحدة التي اتت للعمل بالسودان ، تختار للعمل معها ، من بين تلك الكوادر السودانية المدربة ، ومن تلك الكوادر ، ما زال يعمل حتي اليوم مع الكيانات الاممية بالخرطوم .

٧. ومن اهم انجازات المجلس الاستشاري لحقوق الانسان ، انه درب الكوادر السودانية بمختلف الوزارت ، علي كيفية اعداد التقارير الدورية ، التي ترفع للهيئات التعاهدية Treaty Bodies
لدرجة ان السودان ، يكاد يكون اليوم ، من اكثر الدول انتظاما في تقديم التقارير الدورية ، في حين ان اول تقرير قدمه السودان عام 1993 ، للجنة القضاء علي التمييز العنصري قد رفض ، لعدم التزامة بالمبادئ التوجيهية لاعداد التقارير ، ولكن عالج المجلس ذلك القصور ، وقدم تقريرا شفاهيا بديلا ، وقد قبل من الهيئة التعاهدية ، بل واشادت بحكومة السودان ، وكل ذلك موثق ، في مضابط الامم المتحدة .

خامسا : ولكن للاسف ، لم تحفظ الحكومة الحالية ، للمجلس الاستشاري لحقوق الانسان ، انجازاته تلك ، بل اعادت تسميته ب ” الآلية الوطنية لحقوق الانسان ” ، علي امل ان تسند لها كل مجهودات المجلس .

سادسا : ولقد غادر شخصي ملف حقوق الانسان ، عند حكومة السودان ، عندما غادرت وظيفتي ، وكيلا لوزارة العدل ، في العام 2001 ، ولكن واصلت رئاسة لجنة سيواك ، باشتراط من الحكومة حتي العام 2010 .

سابعا : ولكنني لم اغادر مجال حقوق الانسان ، بل توسعت فيه ، واسست الحركة الجماهيرية الحقوقية ، وهي نقلة لحقوق الانسان ، من النخب التي كانت تسيطر عليها ، الي الجماهير العريضة ، صاحبة المصلحة الحقيقة ، من حقوق الانسان ، لانها صاحبة السيادة ومصدر كل السلطات ، علما بان العمل الحكومي في مجال حقوق الانسان ، لا يسمح بمثل ذلك التمدد الجماهيري .

ثامنا : ولكن الغريب في الامر ، ان بعض قروبات حقوق الانسان ، تعتبر حاليا ، عملنا الجماهيري في مجال حقوق الانسان ، انه عمل سياسي ، لقلة درايتها بالنهج المؤسس علي الحقوق Rights Based ، Approach
ولذلك ما زالنا نحاورها ، عسي ان تفهم حقوق الانسان علي حقيقتها ، وانه يمكن ان يخرج منها ، الحل لازمة السودان ، كما سبق ان اقترحنا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى