وجه الحقيقة … رغم الإطاري، صورة تصنع الدهشة و ترسم ملامح اليوم التالي للحرب … بقلم إبراهيم شقلاوي
بالأمس ظهر قائد الجيش فخامة الرئيس عبد الفتاح البرهان في مقطع فيديو مؤثر جدا تداوله رواد التواصل الاجتماعي و السودانيون بإعجاب كبير، حكي عن مدى المسؤولية الأخلاقية و الأمنية و السياسية تجاه المواطن السوداني، حيث احتضن القائد في تلك الصورة المعبرة أحد المواطنين الذي كان يتوكأ على عصاته متألماً منعته المصافحة من حيث يقف، مضي القائد نحو الرجل في حنو دافق و احتضنه بين دموع الجموع و دموعهم، تلك اللحظة الآثرة التي تداخل فيها الواجب مع العاطفة الإنسانية، حسب مراقبين تحكي عن المرحلة القادمة بامتياز، و ترسم مستقبل السودان القريب و ربما البعيد الذي يقدم السودانيين فيه أمنهم و استقرارهم على ما سواه من شعارات جوفاء رفعتها الأحزاب السياسية دون وعي بمقتضياتها أو مضامينها، لذلك السودانيون بعد نهاية هذه الحرب يتطلعون إلى مرحلة جديدة، دولة آمنة مستقرة بقيادة الجيش السوداني و حكومة كفاءات وطنية، ثم انتخابات لاتستثني أحد لا مجال فيها للصراع السياسي أو الحزبي (تجربة سوار الذهب)، تلك المرحلة التي بدأت ترسم ملامحها انتصارات الجيش السوداني الآن في كل الأنحاء بتعزيز الأمن تدريجياً في المناطق التي بدأ يستعيدها من أيدي العابثين التتار الجدد مما يؤكد حسب رصدنا أن الأولوية الآن للسودانيين ليست للتحول الديمقراطي الكذوب أو الدولة المدنية الفاشلة التي أدخلتهم في حرب ما يزالوا يتجرعوا مرارتها، و التي شرح مخططها في استنكار بعد فاق من غيبوبته قائد التمرد محمد حمدان دقلو في خطابه الأخير، قال بوضوح أسباب الحرب هو الإتفاق الإطاري “قلت لهم ذلك : (الإتفاق ده مابيبقي، حيفرتق البلد)”، و أكد أنه تحدث بوضوح في الاجتماع الذي انعقد في منزل السفير السعودي بالخرطوم في حضور الآلية الرباعية التي أخذت تفويضها من قوى الحرية و التغيير في وجود مسؤولة الشؤون الأفريقية بالخارجية الأمريكية (مولي في)، و ياسر عرمان إلى جانب الفريق أول الكباشي و الفريق إبراهيم جابر، وزاد في ذلك مستنكراً بعد عودة الوعي إذا كنتم تبيتون النية لهدم البلد وكان ذلك مقصدكم لماذا دفعتمونا للحرب؟! سؤال لن يجيب عليه هؤلاء الانتهازيون الذين رهنوا بلادنا للأطماع الإقليمية و الدولية لكننا سنجيب عليه في مقالنا هذا، لأنهم أيها الأمير كانوا يتخذونك كاسح ألغام لكل المتاريس التي أمامهم من الأحزاب الوطنية و الشعب و قيادات الرأي التي كانت تقف أمام اطماعهم، صوروا لك أنك المخلص حامي الديمقراطية، و استخدموا بندقيتك و أطماعك الشخصية في الزعامة المتوهمة ضد أبناء شعبك الذين كانوا يرون فيك ابن البادية الصدوق الذي لا يخون عهده معهم، ثم اشتعلت الحرب التي لم تجد مبرراً غير استدعاء الشعارات المضللة و الملونة؛ تارة استعادة الديمقراطية، و تارة أخرى ضد الفلول و ثالثة ضد دولة (56)، لم يكونوا يقرؤون ذلك التاريخ عن تلك الحضارات القديمة التي صنعت البطولات و التضحيات لهذا الشعب الكريم لأنهم أصحاب ذاكرة ضعيفة لا تخزن سوى التبغ و النبيذ و أوراق النرد التي يسرقون بها الطمأنينة الزائفة في خلواتهم الحرام، لم يكونوا يذاكرون التاريخ جيداً، لم يعلموا عن رماة الحدق و لم يعلموا شيئاً عن ممالك نبته و سنار و رُوَّاقها، و الككر و محمل سلطان الفور إلى الأراضي المقدسة، لم يقرأوا عن مملكة (مروي) و (كرمة) و (علوة) و (المقرة) و (المسبعات)، و الدولة المهدية التي أزالت المستعمر من الوجود، لم يقرأوا عن حريق المك نمر لإسماعيل باشا في قلعة (شنان) لمجرد انه ضربه بغليونه، لم يقرأوا عن ممالك (العبدلاب) في (قَرّي)، و عن تحرير الخرطوم الأول و الثاني الذي بدأت ملامحه تتشكل الآن في عزم و كبرياء و بطولات يتقدمها الجيش و المجاهدون في صدق و عزيمة شاخصة للعيان.
عليه يظل وجه الحقيقة: في التأكيد على أن السودان دولة عصية على المؤامرات مهما تطاول أمدها، و وقف خلفها الطامعون و تربص المتربصون، عليه ندعوا إلى أهمية الاصطفاف الوطني و الشعبي بعيداً عن الانتماءات القبلية الضيقة و الإثنيات الحقود و الانتماءات الحزبية الخائنة التي لم تورثنا إلا الحرب والخراب. هذا البلد الآن يبحث عن السلام و الأمن لأجل إعماره و نهضته و نهضة إنسانه، و الجيش وحده هو الضامن لذلك بما به من تنوع يمثل كافة أبناء الشعب السوداني، كما أنه قادر على المحافظة على البلد من الانهيار إلى أن يعود الوعي لمن كانوا سبب هذه المعاناة و هذا الألم وهذه الكارثة، حيث تظل تلك الصورة المعبرة لقائد الجيش رأس الدولة ترسم ملامح الواقع الجديد رغم أنف الاتفاق الإطاري وحدها تصنع الدهشة و ترسم ملامح اليوم التالي من الحرب لأجل السلام و الأمن و الطمأنينة.
دمتم بخير وعافية.
الإثنين 14 أكتوبر 2024 م. Shglawi55@gmail.com