مقالات الرأي
أخر الأخبار

🎯 إستراتيجيات … أسواقنا.. (جبانة هايصة) ..!!.. بقلم/ د.عصام بطران

– من المفارقات في مضرب الأمثال الأول: (صمت فلان صمت القبور) و الثاني (جبانة هايصة)، و (الجبانة) هي مكان دفن الموتى كما القبور أيضا مكان دفن الموتى، و الأصل في المقابر (الصمت) كما الأصل في (الهيصة) الفوضى و الصخب في المحافل و المغاني و المراقص.
– بحثت عن علاقة (الهيصة) بالمقابر (الجبانة)، و وجدت أن الفرق بين الجبانة و المقبرة أن (الجبانه) هي المكان الذي يدفن فيه أشخاص غير معروفين (مجهولي الهوية)، و لا تحدد بسياج (فوضوية)، أما المقبرة فهي معلوم من دفن فيها و غالبًا تحدد بسياج (منظمة) (طبعًا ده على نمط المقابر و المدافن في مصر).
– أما عبارة (هيصة) تعني نوع من الفرح المختلط بالفوضى و الإزعاج، و (الهيصة) تعني شدة صخب الأصوات و تداخلها مع حدوث الفوضى و عدم الانضباط.
– هذا بالضبط حال أسواقنا (جبانة هايصة ما عندها سيد)، أرتال من (البشر) يتجولون بلا هدى أو هدف. (الفريشة)، و السماسرة، و (النشالين)، و (البلطجية)، و (ستات الشاي)، و بائعات الأطعمة، و حتى العطالى و (عديمي الشغلة)، و الصعاليك، و الرجرجة و الدهماء، و عيون التجسس، و المتعاونين مع المليشيا و مصححي القصف المدفعي، صخب و فوضى و لا مبالاة ، لا ضابط ولا رابط يمنع أو يحول دون وجودهم.
– ثلاثة قنابل موقوتة تزامن انفجارها مع الطلقة الأولى للحرب و بسببها استبيحت بيوت المواطنين، و انتهكت الأعراض، و نهبت ممتلكات الناس و ذهبت الأرواح بسبب الحقد الاجتماعي، الأولى: (الفريشة) بالأسواق، و الثانية: خفراء المباني تحت التشييد و العشوائيات، أما القنبلة الثالثة (ثالثة الأثافي) (ستات الشاي).
– كثير من المشفقين الاجتماعيين يرون أن تلك الشرائح من افرازات التدهور الاقتصادي و النزوح و الهجرة من الولايات إلى العاصمة بسبب الحروب أو شظف العيش و من الحقوق الأساسية لهم إيجاد سبل كسب العيش الكريم، و لكن بنظرة أخرى أكثر عمق انهم كانو القشة التي قصمت ظهر العاصمة الخرطوم و الشواهد في ذلك موثقة و معروفة لكل ذي بصيرة ألقى السمع و هو شهيد.
– أمر مقلق بل مفزع أن تعود الأسواق بنفس هيئتها واسوأ مما كانت عليه قبل الحرب و  أيضًا الشواهد على ذلك موثقة بعودة (الفريشة) و (ستات الشاي) و خفراء البنايات تحت التشييد إلى مواقعهم في الأسواق و العشوائيات بزيادات تفوق عودة المواطنين إلى بيوتهم المنهوبة بفهم المثل: (ضربني و بكى سبقني و اشتكى).
– والي ولاية الخرطوم أحمد عثمان حمزة اعلن عن رؤية جديدة لتنظيم النشاط التجاري في الأسواق العامة بولاية الخرطوم تشمل منع الأنشطة العشوائية و تنظيم الأسواق بما يتماشى مع المعايير العالمية و تمكين المواطن من التسوق بسهولة، و ذلك في إطار جهود الولاية لإعادة الحياة إلى طبيعتها بعد تطهير الولاية من بقايا المليشيا المتمردة من ولاية الخرطوم و إعلانها خالية من التمرد.
– إعلان الوالي عن رؤية جديدة لضبط الاسواق أمر جيد و لكن إن لم يتبع الرؤية تنفيذ على أرض الواقع، فإن أمر الأسواق سيظل (جبانة هايصة ماعندها سيد)، على الوالي أن يضرب بيد من حديد كل مواطن الفوضى دون رأفة و سيجد حينها كل من أراد كسب العيش الكريم مضطرًا للتوجه إلى مناطق الإنتاج و الزراعة و الرعي والتعدين و غيرها من المناطق المحتاجة إلى الايدي العاملة المنتجة بدلًا عن التبطل و التعطل و التسكع في الأسواق، و التحلق حول بائعات الشاي و خلق تجمعات بشرية سلبية تحتاج إليها مناطق الإنتاج حتى لاتكون لافتة بند المعالجات الاجتماعية (مساكين دعوهم يعيشون) خصمًا على خرق الأمن الاجتماعي و تكوين بؤر الجريمة و الأنشطة الهدامة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى