مدونات | عثمان العطا يكتب : عطاء لتحرير الجزيرة

بقلم عثمان العطا
2014/6/7 م
المعركة الحقيقية بين الجيش والمليشيا المتمردة أرضها ومكانها الاستراتيجي في الخرطوم وليس في اي موقع آخر،وإذا نهضت القوات المسلحة وهزمت المليشيا في مدن الخرطوم الثلاث يسمى هذا الإنجاز بنهاية مشروع الدعم السريع العسكري بعد أن تلاشى مشروعهم السياسي الإطاري المستورد. وحَدْسي يقول أن أُفق هذه المعركة يلوح مثل بشارة النصر وعلامة العبور الأخضر،
وبالفعل فقد اتخذت القوات المسلحة إستراتيجية تطهير الخرطوم من التمرد واستعجلت أمدرمان لأنها أهم المدن الثلاث من زاوية التموضع الجغرافي الأقرب لحواضن التمرد في دارفور والطريق فاتح عبر الصحراء من أمدرمان والى ليبيا وتشاد حيث الإمداد …
معركة تحرير أمدرمان كسرت القيد من أقدام القادة الميدانيين للمليشيات، وتحول المشروع الانقلابي إلى جزر معزولة لأنهم وحتى ذلك الوقت كانت إدارة معركتهم مع الجيش تدار مركزيّا لكن من بعد خروج جسر شمبات من الخدمة و تحرير أمدرمان القديمة انقسمت إدارة المعركة في ميدان التمرد إلى ثلاثة محاور رئيسية هي :
1- الخرطوم وبحري وشرق النيل وهو يشكل محور ضغط على الجيش لئلا يرتاح في التخطيط الممرحل في التقدم والانفتاح خارج معسكراته.
2- الجزيرة، وهي محطة مهمة و عُمق خطير و(صرّة) البلد، الانتقال إليها نقل التمرد من قاع النسيان وطول أمد الحرب من جديد الي واجهة المنشيتات الرئيسية في الإعلام المحلي والعالمي، لأن المقصود من البقاء في الجزيرة هو ابتزار القيادة العليا للجيش بكل ما يمس الكلفة الأخلاقية والدستورية من حماية المواطنين، وإلى تأمين وصول الغذاء والدواء للأسف نجحت الخطة الشريرة في التأثير على الرأي العام العالمي في ذكر وترديد اسم الدعم السريع في الفضائيات من حولنا، لكن لم ينجح مخطط الضغط على قيادة المؤسسة العسكرية في إبداء تنازل او انكسارلأن التقديرات الأساسية لمعركة الجيش استمدها من تفاعل الشعب في المطالبة بالقضاء كليّا على المليشيات القبلية المتمردة و الإنتقام لهم مقابل جرائم مسّـتهم في استقرارهم وممتلكاتهم و أموالهم وأعراضهم و لا يقبل الشعب حلاً غير الانتصار العسكري.
3- دارفور هي البديل الرائج لدى عربان الشتات لبناء وطن لهم بعد القضاء على الإثنيات الأُخري السوداء بقوة السلاح وفرض الاستيطان لكن بقيت قضية يجب حلها عسكرياً وهي السيطرة على مدينة الفاشر حاضرة ولاية شمال دارفور.
أخيراً و عطفاًً على انتشار المليشيات القبلية المتمردة الواسع في ولاية الجزيرة علي نحو ما نتابع منذ التاسع عشر من ديسمبر (2023 م) وحتى تاريخ مجزرة أمس الأول … عطفاًً على ذلك كله هل يحتاج الجيش إلى إذن لطرح عطاء مقاولة لتحرير ولاية الجزيرة من التمرد أم أن الأمر هناك يرتبط بقرار سياسي غير مرئي للجميع؟!
قوات التمرد التي تستعرض نفسها أمام المواطنين العُـزّل وتقوم بقصفهم بواسطة المدفعية الثقيلة والمتوسطة عددهم وعدّتهم ليست ذات خطورة على أسلحة الجيش المتعددة مثل المدرعات الثقيلة المجنزرة، وناقلات الجنود المصفّحة سريعة الحركة والانتشار هل يحتاج التخلص من المليشيا إلى أن تتقدم وحدات الجيش بعطاء تنظيف الجزيرة؟!
تحليلاتي الخاصة المعتمدة في الأصل على معلومات عن المليشيا تقول إن القوات المسلحة بخطة يسيرة وسريعة ومجهود قليل تستطيع ان تعزل ولاية الجزيرة من خطوط الإمداد ومن ثم خنقها والقضاء عليها ليس بأسلحة الجيش فقط لكن بمعاول و آليات الزراعة و الحصاد والتي هى أسلحة مواطن الجزيرة.
إذا احتاجت القيادة العليا للجيش الى مخطط لتطهير ولاية الجزيرة من الهمج مخطط على نظام العطاء فإني أقول سيتقدم الف مقاول من الجيش أو من خارجه لتنفيذ المهمة المقدسة،
نعم ود النورة استثناء لأن المجزرة المقصود منها كسر عنفوان المقاومة الشعبية المسلحة و وأدها في مهدها لأنها -وبالتجربة الميدانية- ثبت نجاعتها في مدينة التكينة الصامدة.